طالبة كلية التربية الرياضية
التمتع بالكثير من وقت الفراغ في حياتنا هو شيء يتمناه الكثير منا، ولكن عندما يدار الوقت وينظم سوف نلاحظ انه لدينا الوقت الكافي للترويح عن نفسنا، ولكننا لا نستفيد منه بالطريقة الصحيحة التي تمكننا من الاستفادة من هذا الوقت والاستمتاع به، فلذلك في وقت الفراغ لا تشغل نفسك بالتفكير بالعمل او بالواجبات المدرسية فقط.
والترويح حاجة إنسانية تجدد من طاقة الفرد وتمتعهُ بالصحة والاتزان فهو نشاط يتم ممارسته في وقت الفراغ بدافع الرغبة الداخلية وليس بالإكراه انما بسبب الرضا الناتج من الفرد مباشرة وذلك بغرض تحقيق التوازن والاسترخاء للنفس. اما الترويح الرياضي هو ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية الترفيهية التي تمثل وسيلة لشغل وقت الفراغ. وهو نشاط يرتبط بالجوانب البدنية والعقلية والانفعالية والاجتماعية فهو يعزز الروح الإبداعية والبناءة والتعاونية.
الترويح الرياضي يساعد في الحفاظ على صحة الجسم وذلك من الصغر الى الشيخوخة. ومن الضروري ان تكون شخصية الفرد صحية ومشرقة ويأتي ذلك من خلال إطلاق الحاجات الأساسية للإنسان وتخفيف الضغط النفسي من خلال أداء الانشطة اذ تقمع التوتر والعصبية والخوف وما الى ذلك دون تنفيس. كما ان له جانبا اجتماعيا اذ يركز على تكوين العلاقات الشخصية أي يعمل على تنمية القدرة على التكيف الاجتماعي وتحسين مهارات التعامل مع الآخرين. فأنشطة الترويح الرياضي تساعد على تكوين الانسان المثالي وذلك بتنميته من جميع الجوانب، فمن خلال المسرحيات والألعاب الرياضية الفردية (مثل السباحة، التسلق في الأماكن المغلقة...) والجماعية (مثل العاب الكرة...) والمعسكرات وغيرها من الأنشطة تجعل الفرد يتمتع بشخصية إيجابية ونشطة وتزيد ثقة الفرد بنفسه. ومن هنا نرى ان الأنشطة الترويحية تحقق الذات وتطورها وتحقق الكمال الشخصي.
وهذا ما يسعى اليه مقرر التربية الترويحية المقرر على طلبة كلية التربية الرياضية بجامعة البحرين وذلك عن طريق تخريجه طلبة قادرين على تعليم وتكوين مجتمع متكامل يكون افراده ذوي شخصية وجسم وعقل صحي متكامل. اذ تم في هذا البرنامج الدراسي وعن طريق المشاريع المقررة فيه جعل الطلاب يعيشون التجربة على ارض الواقع وذلك بإقامتهم معسكرات وغيرها من الأنشطة الترويحية.
وهكذا نرى ان الترويح الرياضي مهم جدا لإنشاء جيل صالح ومتكامل قادر على اتخاذ القرارات وحل المشكلات الحياتية والتعامل مع الضغوط النفسية وتطوير ابتكارات جديدة بطريقة إبداعية، بالإضافة الى القدرة على معرفة كيفية تكوين علاقات صحية والتفاعل مع الاخرين بنجاح.
ممارسة الترويح الرياضي لا يقتصر على عمر أو فئة معينة بغض النظر عمن تكون او من أين انت سواء كنت طفلا شابا شيخا، الجميع يحب الاستمتاع وعيش الحياة على أكمل وجه، وهذا هو ما يدور حوله الترويح، يعمل على تقوية الأسر وبناء مجتمعات صحية، فالجميع من حقهم الحصول على الوقت للترويح عن أنفسهم، اذ الحياة تتطلب ذلك.
الترويح هو نشاط هادف وممتع يمارس في وقت الفراغ، والترويح الرياضي يسعى الى التعليم من خلال استخدام وقت الفراغ في الأنشطة الرياضية الترفيهية التي تنمي الفرد بطريقة صحية متكاملة. فما أهمية الترويح الرياضي للأطفال والمراهقين وللشباب وكبار السن ولذوي الاحتياجات الخاصة؟
بالنسبة للأطفال والمراهقين في المدارس النشاط الترويحي الرياضي والوقت الذي يقضونه في الهواء الطلق ضروري لعملية نموهم وتطورهم وهذا لأنه يسمح للأطفال والمراهقين بتبني أنماط حياة أكثر صحة في المستقبل ويساعدهم من ناحية صحتهم العقلية ونموهم المعرفي. فمن خلاله يتقبل الطفل القواعد والتواصل والتعايش والعمل الجماعي، ويتعلم كيفية حل النزاعات والتغلب عليها، ورعاية الآخرين، وتعلم الفوز وتقبل الخسارة. ومن هذه الأنشطة الألعاب والمسابقات الرياضية التي تقام في المدرسة، والرحلات الميدانية والنزهات وما الى ذلك. فهو يهدف إلى مساعدة الطلاب على تعلم كيفية الترويح عن النفس بشكل مفيد وممتع في المدرسة، وفي الوقت نفسه الاستفادة الصحية من أوقات الفراغ بعد التخرج وتحسين نوعية حياتهم.
اما بالنسبة لفئة الشباب يكون الوقت المتاح لهم للترويح بعد ساعات العمل او في وقت الاستراحة ما بين ساعات العمل، فبدلا من ان يقوم الشخص بأخذ قيلولة فقط، يمكنه أيضا ممارسة بعض الأنشطة الرياضية الترويحية اذ تساعد على تجديد الطاقة وتحريك الدورة الدموية في الجسم، فمثلا في وقت الاستراحة يتمشى قليلا مع زملائه في العمل او ان يقوم ببعض الأنشطة الجماعية معهم، او بعد ساعات العمل يجدول له بعض الأنشطة للقيام بها سواء بمفرده او مع عائلته او اصدقائه، فهذه الأنشطة غالبا ما تشعر الفرد بالانتعاش والمتعة، وهذا ما يسمى التوازن بين العمل والحياة.
الترويح مهم جدا لكبار السن فهذه الفئة العمرية لديها الكثير من وقت الفراغ الذي يقضونه غالبا في التفكير السلبي او بالماضي الذي يجعلهم يشعرون بالوحدة والانعزال وهذا ما يؤدي الى الاكتئاب والتقلبات العاطفية الشديدة، فممارستهم للأنشطة الترويحية الرياضية تبعث لهم البهجة والسرور كما تقي من اصابتهم بالخرف اذ هذه الأنشطة تنشط عمل الدماغ وتحسن من التركيز وأيضا تقي من اصابتهم بتصلبات المفاصل او تخفف منها.
الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة هم أيضا لهم حق في الترويح عن أنفسهم، ولكن بسبب قيود بعض الاعاقات ونظرة بعض الأشخاص لهم يتم في بعض الأحيان رفضهم وإعاقة تعبيرهم عن فعل الأنشطة التي يريدون القيام بها او يشاركون فيها في أوقات فراغهم. فذوي الاحتياجات الخاصة هم أيضا اشخاص بحاجة للترويح وذلك للتعبير عن ذاتهم وتطويرها، كما ان الأنشطة تقلل من العدوانية التي يتصف بها البعض منهم نتيجة تفكيرهم السلبي وشعورهم انهم اقل من الأشخاص العاديين بسبب البيئة التي كانوا يعيشون فيها، فلذلك انخراطهم ودمجهم مع الأشخاص العاديين وجعلهم يشاركون في الأنشطة التي يريدونها سوف يساعدهم على ان يكونوا ايجابيين وأكثر فرحا.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع تم إقرار مادة التربية الترويحية على طلاب تخصص التربية الرياضية بكلية العلوم الصحية والرياضية بجامعة البحرين، وفيها تعلم الطلبة عن الترويح واهميته للمجتمعات لتشجيعهم على عمل البرامج الترويحية، وذلك بإقامتهم المعسكرات الترويحية التي تضم مختلف الفئات وفيها أنشطة وفعاليات متنوعة تناسب هذه الفئات المختلفة. كما تم إقرار مادة التربية الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة والتي تبين للطلبة أهمية الأنشطة الرياضية لهذه الفئة وطريقة ممارستهم للأنشطة بما يتناسب معهم.
من هنا نرى الترويح حاجة يحتاجها الجميع، فهو الوقت الذي ُيمكن الشخص من تجديد نفسه والتعرف عليها والوقت الذي ينمي الشخص فيها قدراته والوقت الذي يقضيه مع الاخرين ويشاركهم آراءه وكيف ان دوره لا يقل أهمية عن الاخرين فهو ما يشعر الشخص بالرضا عن نفسه ويحقق سعادته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك