لنس (فرنسا) - (أ ف ب): يعود لنس الفرنسي الى ذكريات أيام المجد النادر في تاريخه، وذلك حين يواجه ضيفه أرسنال الإنكليزي في الجولة الثانية من دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم التي يشارك فيها لأول مرة منذ موسم 2002-2003. وكان أرسنال بالذات إحدى محطات مجده النادر الذي تحقق عام 1998 حين توج بلقب الدوري الفرنسي للمرة الأولى والأخيرة في مسيرته، ما فتح الباب أمامه لخوض غمار دوري الأبطال لأول مرة أيضاً.
وافتتح لنس مشواره في حينها باستضافة النادي اللندني بالذات، حين أجبر فريقاً ضم في صفوفه نجوماً كبار مثل الفرنسيين باتريك فييرا ونيكولا أنيلكا والهولنديين دينيس بيرغكامب ومارك أوفرمارس على الاكتفاء بالتعادل 1-1، قبل أن يصدمه إياباً في إنكلترا بالفوز عليه بهدف ميكايل دوبيف.
كان ذلك الهدف «أفضل لحظات مسيرتي الكروية» وفق ما قال دوبيف العام الماضي في مقابلة مع موقع «لنسواز.كوم» المتخصّص بأخبار النادي الفرنسي، مضيفاً «كان (أرسنال) بين أفضل ناديين أو ثلاثة أندية في أوروبا خلال تلك الفترة. كان الأمر بمثابة مواجهة (عملاقي إسبانيا) ريال مدريد أو برشلونة. فريق يعجّ بالدوليين».
وتابع «كان من غير المتوقع بالنسبة لنا أن نلعب في مسابقة مماثلة ضد فريق من هذا النوع».
حينها، أنهى الفريقان المجموعة الخامسة في المركزين الثاني والثالث بثماني نقاط مع أفضلية المواجهتين المباشرتين لصالح لنس، لكن بطاقة التأهل الى ربع النهائي كانت من نصيب دينامو كييف الأوكراني الذي حصد 11 نقطة بقيادة أندريه شيفتشنكو.
عاد أرسنال للثأر من منافسه الفرنسي بعدها بعامين بالفوز عليه ذهاباً 1-0 وإياباً 2-1 في الدور نصف النهائي لمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي.
عاد لنس الى دوري الأبطال مجدداً موسم 2002-2003 وانتهى مشواره مرة أخرى عند الحاجز الأول بعدما حل ثالثاً في مجموعة تصدرها ميلان الإيطالي، الفائز لاحقاً باللقب، أمام ديبورتيفو لا كورونيا الإسباني، فيما حل الفريق الفرنسي ثالثاً بفارق 6 نقاط أمام العملاق الألماني بايرن ميونيخ.
في تلك المشاركة، حقق الفريق الفرنسي نتيجة لافتة أخرى بالفوز على ميلان 2-1 في ملعبه، إضافة الى الفوز على ديبورتيفو لا كورونيا 3-1 واجباره بايرن على التعادل معه ذهاباً وإياباً 1-1 و3-3.
الآن، سيكون النادي الفرنسي أمام حدث كبير جداً حين يخوض مباراته الأولى بين جماهيره في المسابقة القارية الأم منذ أن صعق ميلان 2-1 في 29 أكتوبر 2002.
من الدرجة الثانية الى سحر دوري الأبطال
عزف نشيد دوري الأبطال في ملعب «بولارت-ديليليس» الذي يتسع لـ38 ألف متفرج أي أكثر من كامل عدد سكان المدينة الفرنسية الشمالية، يشكّل لحظة تاريخية كبيرة بالنسبة لفريق هبط الى الدرجة الثانية ثلاث مرات بين 2008 و2015.
كان من الصعب تخيّل عودته إلى هذا المسرح القاري الكبير، لاسيما في ظل واقع لنس نفسها التي تقع في منطقة صناعية بالقرب من الحدود الفرنسية-البلجيكية والتي كانت مركزاً لإنتاج الفحم لأكثر من قرن قبل إغلاق آخر منجم في الثمانينات.
كان ذلك بمثابة ضربة اقتصادية كبيرة للنس التي تعد من بين أفقر المناطق في فرنسا وحيث تصدرت اليمينية مارين لوبن الأصوات بفارق كبير في الانتخابات الرئاسية لعام 2022.
إنه عالم بعيد كل البعد عن سحر باريس، المدينة الفرنسية الأخرى التي تستضيف دوري أبطال أوروبا هذا الموسم عبر ممثلها باريس سان جرمان.
لكن عودة لنس من جديد الى ساحة المنافسة القارية والمحلية بدأت مع وصول المموّل الباريسي المولد، جوزف أوغورليان الذي أصبح المساهم الأكبر في النادي عام 2016.
على أرض الملعب، المهندس الرئيسي لنجاح الفريق هو فرانك إيز، المدرب والمدير العام الذي تولى المسؤولية منذ عام 2020.
قاد الفريق الى الصعود للدرجة الأولى في موسمه الأول معه، ثم أنهى معه الدوري مرتين على التوالي في المركز السابع.
بداية سيئة
تحسّن لنس بشكل مطرد حتى انتهى به الأمر الموسم الماضي بخطف الوصافة خلف سان جرمان بعد صراع محموم مع الأخير حتى المرحلة قبل الأخيرة على الرغم من أن ميزانيته أقل من 10 بالمئة من ميزانية العملاق الباريسي المملوك قطرياً.
وقال ايز في نهاية الموسم الماضي «كان حلمي قيادة لنس الى أوروبا. لم أكن أعرف ما إذا كنا سنحقق ذلك، أو إذا كنت سأبقى في مكاني (كمدرب للفريق)»، مضيفاً «إنه مصدر فخر كبير. إنه ليس مجرد نتيجة عمل موسم واحد فقط».
لكن فريق ايز فقد الكثير من قوته هذا الصيف مع انضمام القائد الملهم العاجي سيكو فوفانا الى نادي النصر السعودي والمهاجم النجم البلجيكي لويس أوبيندا الى لايبزيغ الألماني في صفقة قدرت قيمتها بقرابة 50 مليون يورو.
بدأ لنس الموسم الحالي بشكل سيئ، حيث جمع نقطة واحدة من خمس مباريات في الدوري قبل التعادل 1-1 مع إشبيلية في المباراة الافتتاحية لدوري أبطال أوروبا. وكان التعادل في الأندلس بداية الاستفاقة، إذ تلاه لنس بفوزين على التوالي ضد تولوز 2-1 وستراستبورغ 1-0.
وقال ايز الذي يأمل الآن أن يتمكن فريقه من منح جماهير النادي ليلة أوروبية أخرى لا تنسى، «لا أعرف ما إذا كنا قد عدنا (الى المستوى السابق)، لكننا نؤدي بشكل أفضل مما كنا عليه في مبارياتنا في بداية الموسم».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك