الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الكويت والصين.. واقتصاد الحرير
هناك مثل صيني يقول: «الشراكة مع النهج الصحيح تتحدى المسافات».. ومنذ القدم أطلقت الصين «طريق الحرير»، نسبة إلى صناعة وتصدير الحرير الصيني إلى دول العالم.. وقد أحيت الصين في 2013 «حزام وطريق الحرير»، عبر منظومة اقتصادية جديدة، تربط القارات الثلاث «آسيا وإفريقيا وأوروبا»، وكان لدول مجلس التعاون الخليجي مسار حيوي فيه.
وقد اهتمت الدول الخليجية بتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين بشكل كبير، عبر المؤتمرات والاجتماعات المشتركة، والمشاريع الثنائية الضخمة، والزيارات المتبادلة.. فضلا عن اهتمام الصين بنشر اللغة الصينية في الدول الخليجية، عبر مراكز ثقافية، وبعثات تعليمية، وأفواج سياحية، وحركة تجارية بارزة.
مؤخرا قام سمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح ولي العهد الكويتي بزيارة رسمية إلى الصين، والتي شهدت توقيع 7 اتفاقيات مختلفة، في عدد من المجالات التنموية والاستثمارية، وإعلان تدشين الخطة الخمسية للتعاون الثنائي بين البلدين، وذلك خلال السنوات 2024 - 2028.
العلاقات الكويتية الصينية الرسمية في عصرنا الحالي تمتد إلى 52 عاما، وتعد دولة الكويت أول دولة خليجية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، كما أنها أول دولة عربية قامت بتوقيع اتفاقية تفاهم مع الصين حول «مبادرة الطريق والحزام»، وقامت الكويت بتوقيع مذكرة تفاهم للانضمام إلى منظمة شنغهاي الصينية للتعاون، بصفتها شريك حوار، تمهيدا للانضمام بشكل كامل، وتعتبر الكويت أكثر دولة عربية قدمت قروضا ميسرة إلى الصين، كما أنها أول دولة عربية استثمرت في الصندوق السيادي الصيني.
واليوم تعد الصين أكبر شريك تجاري للكويت، وثاني أكبر مشتر للنفط الكويتي ومشتقاته، ويوجد في الكويت أكثر من 20 ألف صيني، وحجم التبادل الاقتصادي والتجاري بلغ في عام 2022 أكثر من 31 مليار دولار أمريكي، ويبلغ عدد الشركات الصينية العاملة حاليا في الكويت نحو 60 شركة تسهم في أكثر من 80 مشروعا.. والعديد من المشاريع التي نشرتها التقارير الخاصة بالعلاقات المشتركة بين البلدين.
الرئيس الصيني، وخلال لقائه بسمو ولي العهد الكويتي، أكد أن العلاقات بين بلاده والكويت أحرزت تقدمًا كبيرًا، ما أسفر عن إنجازات عظيمة في مختلف مجالات التعاون، ومعربًا عن استعداد الصين للعمل مع الكويت للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة.
لدى دولة الكويت اليوم مشروع اسمه «مدينة الحرير».. ولدى الصين مشروع اسمه «الحزام وطريق الحرير».. وواضح جدا الاهتمام المشترك لإحياء مكاسب تاريخ «الحرير» من أجل المستقبل الاقتصادي للكويت والصين معا، والدول الخليجية كذلك.
الصين ترى دائما أن السياسة والاقتصاد أساس الاستقرار والازدهار.. بل وربما كان الاقتصاد يسبق السياسة.. وعلى الرغم من أن فارق التوقيت بين الصين والكويت هو خمس ساعات، والمسافة بينهما أكثر من (5500 كيلو متر)، إلا أن الصين تؤمن بأن الشراكة الناجحة مع الدول الخليجية تتحدى المسافات.. وفارق التوقيت أيضا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك