زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
نصيحة لطالبي الوظائف
علمتني الحياة أنه لا توجد «وظيفة مضمونة» وأن هناك من هم فوق قوانين العمل يستطيعون طردك من العمل في مخالفة صريحة لتلك القوانين، ولهذا ظللت أمارس النط من وظيفة إلى أخرى بحثا عن «الأمان»، وخضعت لعديد من الاختبارات والمعاينات الشخصية، ثم يسّر الله أموري وصرت مشاركا في أنشطة اختيار موظفين جدد، وانتبهت إلى أن هناك أشخاصاً يصلحون لشغل الوظائف المعروضة، ولكنهم يعطون انطباعا سيئاً عن أنفسهم وقدراتهم خلال المقابلات الشخصية (الإنترفيو): يدخل عليك البعض فتحسبه خارجاً على التو من حلبة مصارعة. أو يجلسون أمامك و«يقزقزون» أظافرهم (أكل وقضم الأظافر ليس بالضرورة دليل توتر، لأنه عادة متأصلة عند بعض الواثقين من أنفسهم وقدراتهم ولكنها تعطي الانطباع بالتوتر أثناء المقابلات).
يا عزيزتي ويا عزيزي اذهب إلى الإنترفيو مرتدياً أفضل ما عندك من ثياب، ولكن ذلك لا يعني أن تعرض نفسك كملك للأناقة (فقد تقول لجنة المعاينة عنك أنه من الواضح من قيافتك وأناقتك أنك شخص هايف، ومن بره الله، الله، ومن جوه خليها على الله). ثم تذكر أن عليك أن تفتح فمك في مرحلة ما من المقابلة، والمهم ليس ما ستقوله ولكن «كيف ستقوله». رد على الأسئلة بثقة وهدوء مستخدماً جملاً مفيدة، أي لا تلجأ إلى الأجوبة التلغرافية (التلغراف/البرقية التي كانت حتى قبل 25 سنة أسرع وسيلة للتواصل، كانت عالية التكلفة، ومن ثم كان الناس يستخدمون مفردات قليلة فيها.. وتلقى أحد معارفي برقية تقول: والدكم على «الوشك».. وفهم منها أنه على فراش الموت، ولاحقاً جاءته برقية أخرى «زوجتك في الوشك» فعرف أنها أشرفت على الولادة!).. يعني بلاش من مفردات وتعابير مثل: بالتأكيد.. أحاول.. نشوف..أكيد.. ما في شك.. فإذا سألوك هل تعتقد أنك قادر على تصريف مهام الوظيفة، لا تقل إن شاء الله (وتصمت) بل قل: إن شاء الله أؤديها على أفضل وجه لأنني أعشق هذا النوع من العمل ولدي الخبرة الكافية.. وفي معظم المقابلات الشخصية تطرح خلالها أسئلة ذات طابع عام لكسر الجليد: هواياتك وميولك! فكن مستعداً لقول شيء يعطي انطباعا بأنك آدمي سوي. وإذا لم يكن لديك ما تقول في هذا الصدد، أو ستقول كلاماً من شاكلة «ما عندي هوايات» فمن المستحسن ألا تذهب للإنترفيو. كيف ما عندك هوايات؟ حتى الماعز عنده هوايات، فهذه تحب النط وهذه تهوى المناطحة بالقرون!
أنا شخصياً ليست عندي هوايات، بالمعنى الدارج للكلمة، مثل صيد السمك وجمع الطوابع والرياضة، وقلت في إحدى المعاينات إن هوايتي القراءة فاستنكر ذلك عضو في اللجنة قائلا: كل الناس بتقرأ، فرددت عليه بكل تهذيب: قراءة عن قراءة تفرِق، وأنا أقرأ لـ 3 إلى 4 ساعات يومياً، ومتعتي الكبرى في الحياة ووسيلتي الوحيدة لملء وقت الفراغ هي القراءة الجادة للكتب الدسمة، فنال كلامي استحسانه.
وحاول أثناء المقابلة أن تتكلم بلغة الأرقام والتواريخ لأن الأرقام ترمز للدقة.. ويستحسن جمع بعض المعلومات عن جهة العمل قبل إجراء المقابلة، لأن ذلك يجعلك تبدو متحمساً للعمل لديها.. وعودا على بدء أذكر مجددا بأهمية القدرة على التعبير السليم والصحيح بسهولة ويسر، فما من وظيفة إلا وتتطلب الكتابة/التعبير في سياق ما يسمى بإعداد التقارير، والمؤسف أنه وفي معظم بيئات العمل عندنا يكون هناك شخص أو شخصان فقط يتوليان كتابة التقارير عن كل الإدارات والأقسام، ولهذا فإن حظ من يحسنون التعبير عن أنفسهم في الفوز بوظيفة يبقى كبيراً.
وقبل كل ذلك لا تكتب كلاما فارغا في سيرتك الذاتية من شاكلة: أريد توظيف قدراتي وخبراتي في وظيفة تشكل إضافة لمسيرتي المهنية، بل اجعل السي في (السيرة الذاتية) قصيرة ومكثفة، وضع كل المعلومات المهمة عن مؤهلاتك وقدراتك وخبراتك بشكل مختصر في صدر «السيرة»، ثم تناولها بشيء من التفصيل لاحقا، فمعظم من يفرزون طلبات الوظائف لا يقرؤون إلا جزءا بسيطا من السيرة وبالتالي فإن الحشو فيها لا يُقدِّم بل قد يؤخر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك