العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

بيبي بـ13 ألف$ يا بلاش

إذا‭ ‬كنت‭ ‬تحوز‭ ‬في‭ ‬جيبك‭ ‬او‭ ‬حسابك‭ ‬البنكي‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬تفضل‭ ‬اقرأ‭ ‬المنيو‭ (‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬أنصح‭ ‬القراء‭ ‬بأن‭ ‬تطعيم‭ ‬الكلام‭ ‬بمفردات‭ ‬إفرنجية‭ ‬يعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬بأن‭ ‬المتكلم‭ ‬‮«‬مثقف‮»‬‭.. ‬والمنيو‭ ‬هو‭ ‬قائمة‭ ‬الطعام‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬جلست‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬وقلت‭: ‬أعطني‭ ‬قائمة‭ ‬الطعام‭ ‬فإن‭ ‬الجرسون‭ ‬سيصاب‭ ‬بالحول‭ ‬والذهول‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تستدرك‭ ‬وتقول‭: ‬سوري‭.. ‬أقصد‭ ‬المنيو،‭ ‬وحاول‭ ‬ان‭ ‬تقول‭ ‬لشخص‭ ‬تريد‭ ‬زيارته‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭: ‬رجاء‭ ‬أرسل‭ ‬لي‭ ‬الموقع،‭ ‬وسيأتيك‭ ‬الرد‭ ‬مصحوبا‭ ‬بـ«إموجي‮»‬‭ ‬لوجه‭ ‬عليها‭ ‬تعبير‭ ‬الدهشة‭: ‬أي‭ ‬موقع؟‭ ‬ولكنك‭ ‬لو‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬اللوكيشن‭ ‬لجاءتك‭ ‬خريطة‭ ‬الموقع‭ ‬خلال‭ ‬ثوان‭).. ‬المنيو‭ ‬أبو‭ ‬13‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالأكل،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬مع‭ ‬صديق‭ ‬له‭ (‬يعني‭ ‬شخصين‭) ‬ويدفع‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬المبلغ‭ ‬وفوقه‭ ‬البقشيش‭. ‬ليش‭ ‬لأن‭ ‬زجاجة‭ ‬الواين‭ (‬اسم‭ ‬الدلع‭ ‬للنبيذ‭) ‬قيمتها‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬دولار‭ ‬واللوبستر‭ (‬عقرب‭ ‬البحر‭ ‬القبيح‭) ‬بثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬دولار‭.‬

باختصار‭ ‬فإنك‭ ‬بـ13‭ ‬الف‭ ‬دولار‭ ‬أخضر،‭ ‬تستطيع‭ ‬ان‭ ‬تحظى‭ ‬باستقبال‭ ‬يليق‭ ‬بـ«في‭. ‬آي‭. ‬بي‭.‬‮»‬‭ (‬أنصح‭ ‬القراء‭ ‬دائما‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬اكتساب‭ ‬لقب‭ ‬مثقف‭ ‬بتطعيم‭ ‬الكلام‭ ‬بمفردات‭ ‬إنجليزية،‭ ‬وفي‭. ‬آي‭. ‬بي‭. ‬هي‭ ‬كبار‭ ‬الشخصيات‭ ‬ولكن‭ ‬مغني‭ ‬الحي‭ ‬لا‭ ‬يطرب‭)‬،‭ ‬المهم‭ ‬أنك‭ ‬بمبلغ‭ ‬كذلك‭ ‬تفوز‭ ‬بالترحاب‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬في‭ ‬سان‭ ‬أنتونيو‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬تكساس‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتشتري‭ ‬ابن‭ ‬آدم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يطولك‭ ‬القانون،‭ ‬ولا‭ ‬تتعجل‭ ‬وتستنتج‭ ‬أن‭ ‬تجارة‭ ‬الرقيق‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أو‭ ‬ان‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬صار‭ ‬على‭ ‬المكشوف،‭ (‬الأمريكان‭ ‬المحرومون‭ ‬من‭ ‬الأمومة‭ ‬والأبوة‭ ‬يشترون‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬الفقيرة‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬الشرقية‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وآسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬ولا‭ ‬يرون‭ ‬بأسا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭).‬

ابن‭ ‬آدم‭ ‬الذي‭ ‬تستطيع‭ ‬شراءه‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬سان‭ ‬انتونيو‭ ‬بذلك‭ ‬المبلغ‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬بيبي‮»‬‭. ‬لا‭ ‬تتهمني‭ ‬بالهذيان‭ ‬والتخريف،‭ ‬فالبنك‭ ‬هذا‭ ‬تديره‭ ‬جمعية‭ ‬اسمها‭ ‬ابراهام‭ ‬سنتر‭ ‬أوف‭ ‬لايف‭ (‬مركز‭ ‬ابراهام‭ ‬للحياة‭). ‬هذا‭ ‬البنك‭ -‬لا‭ ‬مؤاخذة‭- ‬يمارس‭ ‬نشاطا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تسميه‭ ‬‮«‬زنا‭ ‬إلكترونيا‮»‬‭ ‬فلديه‭ ‬موقع‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬فيه‭ ‬وتقدم‭ ‬مواصفات‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬تريده،‭ ‬قد‭ ‬تسأل‭: ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يجعلك‭ ‬تدخل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬يا‭ ‬شايب‭ ‬يا‭ ‬عايب؟‭ ‬كي‭ ‬تعرفوا‭ ‬معزّتكم‭ ‬عندي‭ (‬منعا‭ ‬للالتباس‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يحسب‭ ‬أحدكم‭ ‬انني‭ ‬اعترف‭ ‬بوجود‭ ‬معزة‭ ‬أي‭ ‬عنزة‭ ‬تخصه‭ ‬عندي‭ ‬فإنني‭ ‬أتكلم‭ ‬عن‭ ‬المَعَزّة‭ ‬بتشديد‭ ‬الزاي‭ ‬المفتوحة‭ ‬يا‭ ‬أعزائي‭)‬،‭ ‬المهم‭ ‬أنني‭ ‬قرأت‭ ‬لاحقا‭ ‬حكاية‭ ‬زوجين‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬رتبا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬طفل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬البنك‭ ‬عبر‭ ‬التخاطب‭ ‬بالإنترنت،‭ ‬حيث‭ ‬بإمكان‭ ‬الزبائن‭ ‬والعملاء‭ ‬تحديد‭ ‬مواصفات‭ ‬البيبي‭ ‬بحيث‭ ‬يأتي‭ ‬تحفة‭ ‬وآية‭ ‬في‭ ‬الوسامة‭ ‬والذكاء‭: ‬عيون‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ (‬انظر‭ ‬صورتي‭ ‬وقل‭: ‬عيني‭ ‬باردة‭) ‬وخدود‭ ‬شعبان‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬ورشاقة‭ ‬داوود‭ ‬حسين،‭ ‬عنصر‭ ‬العهر‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الزوجين‭ ‬البريطانيين‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬زبائن‭ ‬البنك،‭ ‬بعد‭ ‬تحديد‭ ‬المواصفات‭ ‬يستعرضون‭ ‬قائمة‭ ‬أسماء‭ ‬الرجال‭ ‬‮«‬المتبرعين‮»‬‭ ‬بحيواناتهم‭ ‬المنوية‭ ‬والنساء‭ ‬المتبرعات‭ ‬ببويضاتهن‭ ‬ويطلعون‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬السير‭ ‬الذاتية‭ ‬لهم‭/‬لهن‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تحديد‭ ‬الطلب‭: ‬نريد‭ ‬بويضة‭ ‬من‭ ‬مسز‭ ‬فلانة‭ ‬مخصبة‭ ‬من‭ ‬مستر‭ ‬فلان‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الزوجان‭ ‬البريطانيان‭.. ‬وقد‭ ‬أبلغهما‭ ‬البنك‭ ‬أن‭ ‬البيبي‭ ‬الذي‭ ‬طلباه‭ ‬سيكون‭ ‬جاهزاً‭ ‬خلال‭ ‬أسبوعين‭ ‬‮«‬بط‭ ‬نو‭ ‬هاري‮»‬‭.. ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬للعجلة‭. ‬تعالوا‭ ‬على‭ ‬راحتكم‭ ‬ليتم‭ ‬زرع‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬الزوجة‭.. ‬بعد‭ ‬شهرين‭.. ‬سنتين‭.. ‬ثلاثة‭ ‬مش‭ ‬مهم‭.. ‬الجنين‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬الفريزر‭.. ‬مثلج‭ ‬آخر‭ ‬حلاوة‭... ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬ستأتي‭ ‬تلك‭ ‬السيدة‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬ليزرعوا‭ ‬في‭ ‬رحمها‭ ‬جنيناً‭ ‬تم‭ ‬تشكيله‭ ‬بالإنترنت‭.. ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬مجرد‭ ‬جراب‭.. ‬محفظة‭.. ‬كيس‭.. ‬برميل‭.. ‬قربة‭.. ‬قفة‭.. ‬طيب‭ ‬ممكن‭ ‬نقول‭: ‬أن‭ ‬الست‭ ‬هانم‭ ‬هذه‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ستحمل‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬بطنها‭ ‬وتغذيه‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬كل‭ ‬أم‭! ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬نقول‭ ‬عن‭ ‬الزوج‭ ‬التيس‭ ‬الذي‭ ‬يرضى‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬زوجته‭ ‬بذرة‭ ‬رجل‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ (‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يعرفه‭) ‬بل‭ ‬ويدفع‭ ‬تكاليف‭ ‬السفر‭ ‬ورسوم‭ ‬شراء‭ ‬البيبي‭ ‬من‭ ‬المنيو‭! ‬هناك‭ ‬بيت‭ ‬شعر‭ ‬لأحمد‭ ‬شوقي‭ ‬يحضرني‭ ‬دائماً‭ ‬كلما‭ ‬كتبت‭ ‬عن‭ ‬البلاوي‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬ترتكب‭ ‬باسم‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬وقاله‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬له‭ ‬عن‭ ‬الغواصة‭:‬

وأفٍّ‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬تدَّعونه ***‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفوس‭ ‬رداها‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا