باريس – (أ ف ب): اتهم خبير أمريكي مجلة «نيتشر» العلمية البارزة بتفضيل الدراسات التي تركّز على «رواية» مناخية واحدة، مؤكداً أنه أجرى دراسة تناول فيها جانباً واحداً من الموضوع من دون إعلام المشاركين في إعداد هذا العمل البحثي، ما أثار سخط زملائه. وقال باتريك براون في مقال عبر موقع «ذي فري برس» نُشر في الخامس من سبتمبر: «لم أقل الحقيقة كاملة كي تنشر المجلة دراستي المتمحورة على التغير المناخي».
وأوضح كيف ركّز عمداً في دراسة عن حرائق الغابات على دور ظاهرة الاحترار المناخي في زيادة مخاطر الحرائق، وأغفل التطرق إلى دور عوامل محتملة أخرى كإدارة الأراضي. وقال: «نُشرت دراستي في مجلة نيتشر لأنني ركّزت على جانب واحد كنت أعلم أنه سيروق لرؤساء التحرير». وسارعت وسائل إعلام أمريكية وبريطانية معروفة باهتمامها بنظريات مشككة في تغير المناخ إلى الإضاءة على اتهاماته.
وتطرقت وكالة فرانس برس إلى الدراسة عبر خبر نُشر باللغة العربية في أغسطس بعنوان «التغير المناخي يزيد بنسبة 25 في المائة خطر حرائق الغابات الشديدة». هذه النتيجة ليست في حد ذاتها موضع شك فيما يخص التلاعب بها، لكن يؤخذ على الباحث باتريك براون رغبته المتعمّدة في عدم التطرق إلى التأثير الكمّي لعوامل محتملة أخرى، بهدف إثبات التهمة التي يوجهها إلى مجلة «نيتشر»، في خيانة لثقة المشاركين في إعداد الدراسة إلى جانبه.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، أبدى أحدهم -هو ستيفن ديفيس من جامعة كاليفورنيا- استغراباً كبيراً. وقال: «ربما اتخذ باتريك قرارات يعتقد أنها ستزيد من احتمال نشر دراسته، لكننا لا نُدرك ما إذا كانت المجلة سترفض أم لا نشر الدراسة فيما لو قُدّمت بصيغة أخرى»، مضيفاً: «لا أعتقد أن لديه أدلة كافية لدعم ادعاءاته بأن رؤساء التحرير واللجان المعنية بقراءة الدراسات متحيزون».
ودافعت رئيسة تحرير مجلة «نيتشر» ماغدالينا سكيبر، من جانبها، عن عملية مراجعة الدراسة من المتخصصين في المجلة، إذ سأل المحررون الباحث عن عوامل أخرى في عمله البحثي. وقالت لوكالة فرانس برس: «كنا مقتنعين بأنّ المقال الذي يركز على هذا الموضوع قيّم للأوساط العلمية، وذلك بفضل القياس الكمي» لتأثير المناخ. وأشارت إلى أنّ ثلاث دراسات نُشرت حديثاً في «نيتشر» تتمحور على موجات الحر البحرية، وانبعاثات الكربون في منطقة الأمازون والحرائق، تطرّقت إلى عوامل أخرى غير الاحترار المناخي.
وبراون الذي لم يردّ بعدما حاولت وكالة فرانس برس التواصل معه، هو مسؤول في معهد «بريكثرو» المتخصص في الدراسات التي تتمحور على الحلول التكنولوجية للمشاكل البيئية. ورأى إيفان أورانسكي، وهو المؤسس المشارك لموقع «ريتراكشن ووتش» الذي يراقب عمليات سحب المقالات الأكاديمية، أنّ أسلوب براون «أشبه بمكيدة... تعكس أخلاقيات مشكوكاً فيها».
وقال أورانسكي الذي يتحدث باستمرار عن مشاكل مرتبطة بمراجعة المتخصصين للدراسات في بعض المجلات، عبر وكالة فرانس برس: «هل يوضح العلماء وجهات نظرهم ليكونوا أكثر إقناعاً؟ طبعاً. وهل يتعيّن عليهم نشر دراسات لهم لكي يحافظوا على مهنتهم؟ طبعاً». واعتبر أنّ «المشكلة تكمن في أنّ محاولة براون لإثبات فكرته بُنيت على منطق خاطئ، وهو ما سيزيد من قناعة المقتنعين أصلاً بأن العلماء ليسوا دقيقين ولا صادقين، وبخاصة فيما يتعلق بالتغير المناخي».
وكثيرا ما يشتكي العلماء من الضغوط التي يتعرض لها الباحثون الشباب، والتي يُعبَّر عنها بمقولة «Publish or perish» («النشر أو التهلكة»). وتعتمد المنح البحثية والمشاركات الرئيسية على القرارات التي تتخذها المجلات العلمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك