زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
والبقول أيضا جُنت
سيداتي سادتي أنا في همّ عظيم وكرب مقيم، فبعد أن حمدت الله على الإفلات من فيروس الكورونا وقاطعت لحم الخفافيش الصينية، وتفاديت بفضل من الله كيد الأبقار المصابة بالبارانويا والهتسيريا والدفتيريا واللوثات العقلية، والدواجن التي تسبب الإنفلونزا القاتلة، كنت أعتقد أنني سأستطيع ممارسة حرية الإستطعام من دون قيد أو شرط. ولكن ها هي الصحف تخرج علينا بنبأ عجيب: عدة أشخاص لقوا حتفهم في نيجيريا بعد أن تناولوا فاصوليا اتضح أنها «مجنونة»، ودليل جنونها أنها عند الطبخ تصدر رائحة «نفطية». ماذا أصاب العالم؟ هل من المستبعد أن تصدر هيئة الصحة العالمية بياناً تحذر فيه من تناول البطيخ لأنه يعاني من «الإمساك»، أو الموز لأنه مصاب بـ«الاكتئاب»؟ (حتى الآن لم تعلن المخابرات النيجيرية أو الأمريكية أن الفاصوليا أصيبت بالجنون بعد أن تعرضت لهجمات بوكو حرام).
تصوروا ما سيلحق بالعالم العربي إذا تردد أن الأرز الآسيوي مصاب بالإيدز، وأن القمح الأمريكي أو الأوكراني يعاني من التخلف العقلي؟ كل شيء ممكن طالما أن الأبقار والفاصوليا قد تصاب بالجنون. وقد تردد قبل بضعة أشهر أن أعراض الجنون ظهرت على بعض الحمير في أنحاء مختلفة من العالم. أي هراء هذا؟ كيف يصاب الحمار بالجنون وهو أساساً «حمار»؟ يعني ناقص عقل وفهم. الجمل والناقة والبعير والأبل أيضاً غير قابلة للجنون، فهي أغبى من أن تنفعل بشيء أو تأتي برد فعل.
ولكن كله «كوم» والفاصوليا كوم آخر، فقد توقفت لحين من الدهر عن تعاطي الفول «المدمس» لأنه «يدمس» الجهاز العصبي، ولأن إدمانه يسبب فقدان الذاكرة الموقت. وقد عثر العلماء على ورقة بردي تفيد بأن حكام وادي النيل القدماء شجعوا شعوبهم على أكل الفول صباحاً ومساء لتبقى حواسهم معطلة معظم ساعات اليوم، وهناك أدلة علمية بأن الحضارة المصرية القديمة انتكست عندما حاول بعض الحكام اكتساب «الشعبية» بمجاراة الشعب في أكل الفول!! على كل حال كان لابد من تطليق الفول للأسباب آنفة الذكر، ولكن وبما أن الفول يدخل في التركيبة الكيميائية للإنسان السوداني، فقد لجأت إلى الفاصوليا كبديل للفول... ونعم البديل...!!
إذا كان الفول يسبب النعاس، فالفاصوليا عكسه تماماً، فما أن تتناولها وتستقر في بطنك حتى تبدأ حباتها - الفاصوليا - في القفز والتنطيط، فتهتز جدران البطن. ويخيل اليك أن حبات الفاصوليا تحولت إلى بهلوانات سيرك أو لاعبات أكروبات! ولولا قيام الفاصوليا بذلك الدور «التنبيهي» لما نجح فقراء العالم الثالث في الابقاء على عيونهم مفتوحة لرصد البلاوي التي ترتكبها حكوماتهم من أجل رفاهيتهم ورقيّهم وازدهارهم، فإذا كان النازي غورنغ قد قال أنه يتحسس مسدسه كلما سمع بكلمة «ثقافة» فان حكام العالم الثالث يتحسسون مفاتيح «الزنازين» إذا شاهدوا حبة فاصوليا على شاشة التلفزيون مثلاً. ولا شك عندي أن الفاصوليا النيجيرية فقدت عقلها بفعل فاعل. فالفاصوليا مشهود لها بالصلابة والقوة ولا يمكن أن تفقد عقلها إلا تحت التعذيب الشديد.
إن شعوب العالم الثالث تتعرض إلى مؤامرة غربية. هذه الشعوب عادة تأكل «الزلط» دون أن تصاب بالإمساك. وجميع المعلبات واللحوم المجمدة التي تستوردها الدول الفقيرة منتهية الصلاحية، وفاسدة بالمعايير الأوروبية، ولكن شعوبنا تأكلها هنيئاً مريئاً من دون شكوى أو ململة و«مطرح ما يسري يمري». يعني إصابة الأغذية بالأوبئة وتلوثها بالبكتريا والكيميائيات ليست مشكلة، ولكن أن تصاب باضطرابات عقلية فتلك مصيبة. فالفاصوليا تتصرف داخل البطن وهي في كامل قواها العقلية وكأنها في «كرنفال» فكيف يكون حالها وسلوكها وهي تعاني من الجنون! ألا يكفينا الفاليوم اللفظي الذي تصرفه لنا أجهزة الإعلام الرسمية، حتى نتعاطاه أقراصاً مع الأكل لتهدئة الفاصوليا؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك