زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
أحلام زلوطية
عطفا على مقالي هنا ليوم أمس عن حلم الثراء وتكوين النفس أعود وأطرح أمرا سبق لي تناوله هنا عدة مرات ويتعلق بطموحاتي المتعلقة بـ«حلايب» وهي منطقة جبلية صحراوية في الحدود المشتركة ما بين السودان ومصر وكل منهما يقول «دي بتاعتي»، ولفض الاشتباك بين البلدين، فقد انتخبت نفسي رئيساً مدى الحياة لجمهورية حلايب المستقلة «عن قريب بإذن الله»، وأسعدني أنه ومنذ نحو عشرين سنة تتدفق رسائل المبايعة لي من مئات المصريين والسودانيين، مع المطالبة بالتعجيل بإعلان الاستقلال.
على من يريد أن يصبح مواطناً في الجمهورية المرتقبة دفع رسم عضوية 147 جنيهاً إسترلينياً، وكل من تسوّل له نفسه سداد هذه الرسوم بالجنيه المصري أو السوداني سيوضع في القائمة السوداء، وفور استلامي رسوم المواطنة سأزود الشخص المعني بوثيقة سفر ديبلوماسية يحتفظ بها «للذكرى» لحين إعلان الاستقلال واصدار الجوازات المعتمدة. وتلك الجوازات ستعينهم على دخول مختلف البلدان والحصول على وظائف محترمة فيها ليتسنى لهم سداد الرسوم السنوية والتي لن تزيد على تسعمائة دولار أمريكي لتجديد جوازاتهم.
وهناك شروط أخرى في غاية المرونة، وأولها عدم تعاطي الفول والفسيخ والكوارع والملوحة مهما كانت الظروف، يعني إذا حدث– لا قدر الله – أن تعاطت مواطنة حلايبية إحدى تلك البتاعات الثلاثة بحجة أنها تعاني من «الوحم» فإنها ستخضع لغسيل معدة فوري، مع سحب جواز السفر، ووضعها في الحجر الصحي توطئة لإعادتها إلى «وطنها السابق». (تصنع الملوحة من صغار السمك بعد تجفيفها بعد شحنها بالملح ثم يتم غليها واستخلاص عصارتها بعد استبعاد الشوك، ويتم تذويب تلك العصارة ببعض الماء لتكون إداماً غير مطبوخ يؤكل مع نوع معين من الخبز المنزلي وقد يتم طبخ العصارة لتصبح إداما).
وليكن معلوماً لدى جماهير حلايب الوفية أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية تعتبر جريمة لا تغتفر لأنها تشكل ضرباً من الانتحار العقلي، وقد نشرت هيئة الصحة العالمية أخيراً تقريراً مؤداه أن تلك الأفلام والمسلسلات تسبب سرطان البروستاتا للرجال، والحمل خارج الرحم للنساء، كما أن منظمة العفو الدولية نددت بلجوء بعض الدول إلى إرغام المعتقلين السياسيين على مشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية باعتبار ذلك من أقسى الممارسات اللاإنسانية وتقول كتب التاريخ أن الأندلس ضاعت من يد العرب لأنهم انشغلوا عن شؤون الحكم والسياسة بمتابعة أخبار لوسي وبوسي.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلابد أن أسجل هنا أن رعاياي المقيمين في حلايب سلفا بعثوا إليّ ببرقيات يناشدونني فيها اتخاذ إجراءات حاسمة للتشويش على محطتي التلفزيون في مصر والسودان، بعد أن تسابقت الدولتان إلى تقوية الإرسال ليشمل حلايب في محاولة لغسل أدمغة سكانها حتى يتوقفوا عن المطالبة بالاستقلال، ويكفوا عن الالتفاف حول قيادتي التاريخية. وأنني أحذر عبر هذا المنبر كل من تسولّ له نفسه العبث بالمقدرات الحلايبية بأننا سنرد الصاع صاعين، فما لم يرفع هؤلاء وأولئك أيديهم عن حلايب، فإننا سندشن على الفور برنامجنا التوسعي ونعلن قيام جمهورية «حلايب والنوبة» وذلك بضم شمال السودان وجنوب مصر إلى جمهوريتنا الفتية فنضع بذلك أيدينا على السد العالي وبحيرة ناصر وبساتين النخيل ومزارع قصب السكر والمعابد التاريخية من وسط السودان حتى أسوان، ولا نعتزم قتل مصر عطشاً بل سنبيع لها الماء بنظام «العداد»، ولا مجال للتفاوض بعد أن يقع الفأس على الرأس وتصبح جمهوريتنا أمراً واقعاً.
لا مجال لحل المسائل بطريقة «التباوس» المعروفة لأن الجمهورية الجديدة لن تنضم إلى جامعة الدول العربية. معاذ الله، طموحاتنا أكبر من ذلك، ربما ننضم إلى حلف الاطلسي، ونحن على كل حال بصدد صياغة ايديولوجية خاصة بنا، وقد تم بالفعل تكليف بعض بيوتات الخبرة بإعداد خطوط عريضة لنظرية جديدة خاصة بحلايب، وصالحة للتصدير. وعلى جيران حلايب الجغرافيين أن يفهموا أن الكلام عن «المصير المشترك» وما إلى ذلك من ترهات لن ينطلي علينا. وإذا لم تكفوا عما أنتم فيه فليس بعيداً أن نصدر قراراً بنقل جمهوريتنا بأكملها بعد تفكيكها إلى قارة أخرى يعرف أهلها أصول وحقوق الجوار.
o زلوط ديك كان يحلم بأمور عظام وهو جالس على الحبل، ثم خاض معركة مع خصم افتراضي ووقع ارضا وهو مزلوط.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك