العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

«التشريعات الدولية» بخصوص القرآن تحتاج إلى موقف عربي وإسلامي!

{‭ ‬جيّد‭ ‬ومهّم‭ ‬ما‭ ‬أكدّه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البحريني‭ ‬د‭. ‬‮«‬عبداللطيف‭ ‬الزياني‮»‬‭ (‬أن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬أن‭ ‬يضطلع‭ ‬بمسؤوليته‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية،‭ ‬تجاه‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قدسية‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬المقدّس،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬الشائنة،‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬تكرارها،‭ ‬باعتبارها‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬وحرية‭ ‬الأديان‭ ‬وقيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬الإنساني،‭ ‬وتنتهك‭ ‬الأعراف‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وتوّلد‭ ‬الكراهية‭ ‬والتطرف‭ ‬والعنف‭)! ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬خلال‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬‮«‬الاجتماع‭ ‬الاستثنائي‮»‬‭ ‬لمجلس‭ ‬خارجية‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ (‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭) ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬31‭/‬7‭/‬2023؛‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬بشأن‭ ‬عمليات‭ ‬الحرق‭ ‬والتدنيس‭ ‬‮«‬المتكررّة‮»‬‭ ‬لنسخ‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬والدنمارك‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وانعقد‭ ‬الاجتماع‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬والعراق‭.‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬مجرد‭ (‬الدعوة‭) ‬للمجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬لإصدار‭ ‬تشريعات‭ ‬دولية‭ ‬عاجلة،‭ ‬تحدّ‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬لن‭ ‬تحقق‭ ‬شيئًا‭! ‬لأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬حدّ‭ ‬ذاته‭ ‬بقي‭ ‬عقودا‭ (‬متفرجًا‭) ‬على‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬وازدراء‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬ومقدساته‭ ‬ولم‭ ‬يتحرك‭ ‬قط‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬المبادئ‭ ‬الأممية‮»‬‭ ‬نفسها،‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬ممثّله‭ ‬في‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى،‭ ‬حول‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬والحضارات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ونشر‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬الإنساني‭! ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬موجود‭ (‬نظريا‭) ‬في‭ ‬المبادئ‭ ‬الأممية،‭ ‬ولكن‭ (‬واقعيا‭) ‬هي‭ ‬غير‭ ‬مفعّلة‭ ‬لانتفاء‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬واحترام‭ ‬الدين،‭ ‬بسبب‭ ‬هيمنة‭ ‬ذات‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬عليها،‭ ‬التي‭ ‬تحرضّ‭ ‬هي‭ ‬بنفسها‭ ‬على‭ ‬ازدراء‭ ‬الإسلام،‭ ‬والعنصرية‭ ‬ضدّه‭ ‬وضدّ‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري،‭ ‬بسبب‭ ‬الفلسفة‭ ‬الغربية‭ ‬الرأسمالية‭ ‬و‭(‬العلمانية‭ ‬الشاملة‭) ‬التي‭ ‬تحكمها‭! ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أدبيات‭ ‬تلك‭ ‬العلمانية‭ ‬محاربة‭ ‬الدين‭ ‬وتشجيع‭ (‬اللادينية‭) ‬وتبرير‭ ‬كل‭ ‬الانتهاكات‭ ‬ضدّ‭ ‬القرآن‭ ‬المقدسّ‭ ‬بشعاراتها‭ ‬الزائفة‭ ‬حول‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭!‬

{‭ ‬لذلك‭ ‬نقول‭ ‬ونطالب‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ (‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭) ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬الرسمية‭ ‬الأخرى،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حكومات‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬أن‭ ‬تتخذّ‭ (‬مواقف‭ ‬عملية‭) ‬ضدّ‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تنتهك‭ ‬قدسية‭ ‬كتاب‭ ‬الله،‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬به‭ (‬مليارا‭ ‬مسلم‭) ‬في‭ ‬العالم‭!‬

على‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬ألا‭ ‬تكتفي‭ ‬باستدعاء‭ ‬سفراء‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تنتهك‭ ‬حرية‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬عقيدتهم‭ ‬ومقدساتهم،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬بعض‭ ‬الدول،‭ ‬وإنما‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬اجتماع‭ ‬للهيئة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتعلن‭ ‬مواقفها‭ ‬العملية،‭ ‬سواء‭ ‬بإعلان‭ ‬العقاب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬وبشكل‭ ‬جماعي‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أقدس‭ ‬مقدساتها‭!‬،‭ ‬أو‭ ‬بقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لفترة،‭ ‬حتى‭ ‬تتضحّ‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تلك‭! ‬أو‭ ‬بمطالبة‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬العامة‮»‬‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لاستصدار‭ (‬تشريعات‭ ‬دولية‭) ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لاحترام‭ ‬دين‭ ‬الشعوب‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وإنما‭ ‬لاحترام‭ ‬خصوصية‭ ‬الثقافات‭ ‬والقيم‭ ‬المختلفة‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الغربية‭ ‬العلمانية،‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬الفوضى‭ ‬الأخلاقية‮»‬‭ ‬على‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬عربية‭ ‬وإسلامية‭ ‬جريئة‭ ‬في‭ (‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭) ‬لا‭ ‬يقلّ‭ ‬عن‭ ‬جرأة‭ ‬ووقاحة‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ (‬فرض‭ ‬الباطل‭) ‬كما‭ ‬يريده،‭ ‬وكما‭ ‬يراه‭! ‬وكأن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬قطيع‭ ‬في‭ ‬مزرعته‭ ‬الخاصة‭!‬

لقد‭ ‬جرّب‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬التنديد‭ ‬والإدانة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬كثيرة،‭ ‬تتعلق‭ ‬بمصائر‭ ‬دولهم‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الاستهانة‭ ‬وازدراء‭ ‬دينهم‭ ‬ومقدساتهم‭! ‬هذا‭ ‬الاعتداء‭ ‬المتكررّ‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬توقفه‭ ‬المواقف‭ ‬الصارمة،‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬طُرحت‭ ‬على‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬العامة‮»‬‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الإسلامية‭ ‬ستقف‭ ‬معها،‭ ‬لأنها‭ ‬بدورها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬التعدّي‭ ‬على‭ ‬قيمها‭ ‬وتقاليدها‭ ‬وثقافاتها‭ ‬ومعتقداتها،‭ ‬وترفض‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬اليوم‭ ‬تقف‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الصدارة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وهي‭ ‬بلد‭ ‬منشأ‭ ‬القرآن‭ ‬والإسلام،‭ ‬وتحظى‭ ‬بثقل‭ ‬عربي‭ ‬وإقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬وإسلامي،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬العبء‭ ‬واقعًا‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها،‭ ‬لتقود‭ ‬‮«‬الحملة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‮»‬،‭ ‬ضدّ‭ (‬التنمُّر‭ ‬الغربي‭) ‬وبعض‭ ‬دوله،‭ ‬على‭ ‬دين‭ ‬الإسلام‭ ‬ومعتقدات‭ ‬الشعوب،‭ ‬وعلى‭ ‬التنوّع‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬الدعوة‭ ‬المعتادة‭ ‬إلى‭ ‬التسامح‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬المحكوم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بالغرب‭ ‬لن‭ ‬يُحرّك‭ ‬ساكنًا،‭ ‬إلا‭ ‬إذًا‭ ‬تحرّك‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬للدفاع‭ ‬الحقيقي‭ ‬عن‭ ‬دينهم‭ ‬ومقدساتهم‭ ‬وهويتهم‭ ‬وقيمهم‭ ‬وثقافتهم،‭ ‬وباستخدام‭ ‬الأساليب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وغيرها‭!‬

غير‭ ‬ذلك‭ ‬ستبقى‭ ‬المسألة‭ ‬تدور‭ ‬في‭ (‬حلقة‭ ‬التنظير‭ ‬والإدانة‭ ‬والدعوة‭) ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬أذنًا‭ ‬صاغية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬الواقع‭ ‬تحت‭ ‬هيمنة‭ ‬ذات‭ ‬الدول‭ ‬المعتدية‭ ‬والمنظومة‭ ‬الغربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا