عالم يتغير
فوزية رشيد
«التشريعات الدولية» بخصوص القرآن تحتاج إلى موقف عربي وإسلامي!
{ جيّد ومهّم ما أكدّه وزير الخارجية البحريني د. «عبداللطيف الزياني» (أن على العالم الإسلامي أن يضطلع بمسؤوليته السياسية والقانونية، تجاه الحفاظ على قدسية القرآن الكريم، كتاب الله المقدّس، والعمل على وقف تلك الممارسات الشائنة، وضمان عدم تكرارها، باعتبارها تتنافى مع كافة القيم الإنسانية وحرية الأديان وقيم التسامح والتعايش الإنساني، وتنتهك الأعراف والقوانين الدولية، وتوّلد الكراهية والتطرف والعنف)! هذا ما جاء خلال مشاركته في «الاجتماع الاستثنائي» لمجلس خارجية الدول الأعضاء في (منظمة التعاون الإسلامي) الذي عُقد 31/7/2023؛ أي قبل أيام، بشأن عمليات الحرق والتدنيس «المتكررّة» لنسخ من القرآن الكريم في السويد والدنمارك وغيرهما، وانعقد الاجتماع بدعوة من السعودية والعراق.
{ ولكن مجرد (الدعوة) للمجتمع الدولي، لإصدار تشريعات دولية عاجلة، تحدّ من «الإسلاموفوبيا» لن تحقق شيئًا! لأن المجتمع الدولي في حدّ ذاته بقي عقودا (متفرجًا) على خطاب الكراهية وازدراء الدين الإسلامي ومقدساته ولم يتحرك قط باسم «المبادئ الأممية» نفسها، التي يحملها ممثّله في «الأمم المتحدة» والمؤسسات الدولية الأخرى، حول تعزيز الحوار والتفاهم والتعاون بين الدول والأديان والثقافات والحضارات في العالم، ونشر قيم التسامح والتعايش الإنساني! كل ذلك موجود (نظريا) في المبادئ الأممية، ولكن (واقعيا) هي غير مفعّلة لانتفاء العدالة والمساواة واحترام الدين، بسبب هيمنة ذات القوى الغربية عليها، التي تحرضّ هي بنفسها على ازدراء الإسلام، والعنصرية ضدّه وضدّ التنوع الثقافي والحضاري، بسبب الفلسفة الغربية الرأسمالية و(العلمانية الشاملة) التي تحكمها! ومن بين أدبيات تلك العلمانية محاربة الدين وتشجيع (اللادينية) وتبرير كل الانتهاكات ضدّ القرآن المقدسّ بشعاراتها الزائفة حول حرية التعبير!
{ لذلك نقول ونطالب كل الدول العربية والإسلامية سواء من خلال (منظمة التعاون الإسلامي) أو المؤسسات الدينية الرسمية الأخرى، أو من خلال حكومات تلك الدول، أن تتخذّ (مواقف عملية) ضدّ أي دولة تنتهك قدسية كتاب الله، الذي يؤمن به (مليارا مسلم) في العالم!
على هذه الدول ألا تكتفي باستدعاء سفراء تلك الدول التي تنتهك حرية المسلمين في عقيدتهم ومقدساتهم، كما فعلت بعض الدول، وإنما تدعو إلى اجتماع للهيئة العامة في الأمم المتحدة، وتعلن مواقفها العملية، سواء بإعلان العقاب الاقتصادي والتجاري وبشكل جماعي إن كانت هذه الدول جادة في الدفاع عن أقدس مقدساتها!، أو بقطع العلاقات الدبلوماسية لفترة، حتى تتضحّ مواقف الدول الغربية تلك! أو بمطالبة «الهيئة العامة» بالضغط على الأمم المتحدة لاستصدار (تشريعات دولية) ليس فقط لاحترام دين الشعوب الإسلامية، وإنما لاحترام خصوصية الثقافات والقيم المختلفة عن القيم الغربية العلمانية، التي تعمل على فرض «الفوضى الأخلاقية» على العالم!
{ هذا يحتاج إلى مواقف عربية وإسلامية جريئة في (الدفاع عن الحق) لا يقلّ عن جرأة ووقاحة الغرب في (فرض الباطل) كما يريده، وكما يراه! وكأن شعوب العالم قطيع في مزرعته الخاصة!
لقد جرّب العرب والمسلمون التنديد والإدانة في شؤون كثيرة، تتعلق بمصائر دولهم سياسيا واقتصاديا، حتى وصل الأمر إلى الاستهانة وازدراء دينهم ومقدساتهم! هذا الاعتداء المتكررّ من الجانب الغربي على دول العالم، لا بدّ أن توقفه المواقف الصارمة، التي إن طُرحت على «الهيئة العامة» للأمم المتحدة، فإن كثيرا من الدول غير الإسلامية ستقف معها، لأنها بدورها تعاني من التعدّي على قيمها وتقاليدها وثقافاتها ومعتقداتها، وترفض ذلك!
{ اليوم تقف السعودية في موقف الصدارة العربية والإسلامية، وهي بلد منشأ القرآن والإسلام، وتحظى بثقل عربي وإقليمي ودولي وإسلامي، وقد يكون العبء واقعًا عليها أكثر من غيرها، لتقود «الحملة العربية والإسلامية»، ضدّ (التنمُّر الغربي) وبعض دوله، على دين الإسلام ومعتقدات الشعوب، وعلى التنوّع الثقافي والحضاري في العالم! وفي هذا لا تصلح الدعوة المعتادة إلى التسامح من طرف واحد، لأن «المجتمع الدولي» المحكوم حتى الآن بالغرب لن يُحرّك ساكنًا، إلا إذًا تحرّك العرب والمسلمون للدفاع الحقيقي عن دينهم ومقدساتهم وهويتهم وقيمهم وثقافتهم، وباستخدام الأساليب الاقتصادية وغيرها!
غير ذلك ستبقى المسألة تدور في (حلقة التنظير والإدانة والدعوة) التي لن تجد أذنًا صاغية من هذا «المجتمع الدولي» الواقع تحت هيمنة ذات الدول المعتدية والمنظومة الغربية بشكل عام!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك