زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لماذا يقترن عباس بالإفلاس؟
أشرت قبل حين من الزمان عرضا الى هاشم عباس الذي فاق صيت جعفر عباس وأبو نواس بل حتى عباس بن فرناس، وكتبت عنه الصحف من اليابان إلى هندوراس، وإذا لم تسمع بحكايته فإليكها: هو سوداني يعمل أو كان يعمل موظفا في دائرة البلدية في دولة خليجية، وذهب إلى البنك ليسحب 2500 من عملة تلك الدولة وكان ذلك ما يعادل نصف راتبه الشهري، واكتشف أنه «كان ثريا» من دون ان يعطيه شخص ما «خبرا» بذلك، فالورقة الصغيرة التي تسلمها وتحتوي بيانات ما تبقى في رصيده البنكي أفادت بأن لديه أكثر من مليون ونصف المليون دولار ولأنه «مش وش نعمة» فقد أبلغ البنك فورا بأن في الأمر خطأ، وأن عليهم استعادة ملايينهم من حسابه. خلي بالك وركِّز معي: مستند رسمي من البنك قال له هذه الملايين بتاعتك وتخصك فيقول هو للبنك: لا الفلوس هذه بتاعتكم وتبعكم وتخصكم.
هناك سر في اسم عباس.. ويبدو أن من يحملونه مكتوب عليهم الإفلاس والوسواس.. عندك هاشم عباس وعندك جعفر عباس وعندك محمود عباس (أبو مازن) الذي لا ترضى به حماس، وتخطط لتصفيته الحركة الصهيونية المتطرفة «شاس»، إلى درجة أنه صار غير راض عن نفسه وهدد مرارا بخلع السلطة والمنصب. أستطيع ان أورد قائمة طويلة من الفقهاء والعلماء الذين يحملون اسم عباس ولكنني لم اسمع بلاعب كرة او مليونير خمس نجوم اسمه عباس (وعباس بن فرناس نال شهرة لا يستحقها فقد حاول الطيران مستخدما ريش الطيور فسقط وهلك، وهو كما كولومبس الذي طلبوا منها اكتشاف طريق بحري الى الهند فوصل الى أمريكا وصار مكتشفها بالأونطة).
لنبق مع بلدياتي هاشم عباس، الذي رد الملايين للبنك ونال عاقبة هذه الخطوة الساذجة، فما حدث هو ان البنك لم يقل له: برافو يا أبو الهشم العبسي الله يكثر أمثالك الأمناء القنوعين العفيفين الذين لا يريدون الثراء الحرام، بل عاقبه على أمانته (ولهذا ولأسباب أخرى وصفت إرجاعه الملايين إلى البنك بالسذاجة).. لم يعطوه نسبة عشرة في المائة التي يحصل عليها كل من يرد او يسلم مبلغا يخص الغير للجهات الرسمية، بل لم يعطوه خطاب شكر.. جمدوا حسابه عندهم.. موظف او كمبيوتر غبي جعل هاشم مليونيرا دون ان يستأذن منه، وبدلا من معاقبة الموظف المهمل والمقصر أو قطع أسلاك الكمبيوتر الغبي، عاقبوا هاشم عباس... ولكن جهة عمله كرمته وأعطته راتب شهرين مكافأة.
كثيرا ما تساءلت لماذا لا تخطئ البنوك معي وتضع في حسابي ملايين لا تخصني او اسحب ألفين من الصراف الآلي فيعطيني 200 ألف؟ هل كنت سأحتفظ بتلك النقود رغم علمي بأنها لا تخصني؟ نعم وبالتأكيد!! ولكن لأجل معلوم.. كنت سأبلغ البنك فورا بحدوث الخطأ ولكنني كنت «سآخذ» راحتي في رد النقود: هاتوا مستندات تؤكد أن هذه المبالغ فعلا لا تخصني؟ هاتوا دليلا على ان الموظف المتسبب في الخطأ لم يتعمد ذلك لتدبيسي في جريمة غسل أموال أو اتهامي بتمويل «القاعدة/داعش».. كل هذا أمام القضاء والشرطة كي لا يسبقوني بالشكوى إليهم ويتهموني بالسرقة.. ولازم ولا بد أن أعرف اسم الشخص الذي جردوه من الأموال التي حولوها إلى حسابي كي «توسع الحكاية وتصير فضيحة».
للبنوك أفانين في بهدلة العباد، ولا بد ان نقف لها بالمرصاد.. وإذا كان بنك ما يطالبك بعشرة دولارات فإنه على استعداد لإنفاق مائة دولار في المراسلات والمكالمات لتهديدك وخلال أيام قليلة تجد جرس المزاد يرن أمام بيتك او سيارتك.
أخي هاشم أنت أغنى من البنك التعيس الذي لا يعرف ان اسمك فيه كل حروف «الشهامة».. وأشكرك لأنك رغم ما قد تعانيه من الإفلاس رفعت اسم عباس.. الإفلاس الحقيقي ليس الافتقار إلى النقود، بل الافتقار إلى القيم التي تعفيك من التعرض للقصاص والحدود.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك