عالم يتغير
فوزية رشيد
البحرين جذورها في التاريخ العربي والدلموني .. والجزر الثلاث إماراتية!
{ مرارًا كتبنا وقلنا وقال غيرنا، إنه طالما بقي «النظام الإيراني الثيوقراطي أو نظام الولي الفقيه» مأسورًا بأوهام الإمبراطورية، رغم ضعفه في الداخل الإيراني: وعدوانيته مع جيرانه، ونبذه في المحيط الدولي! فإنه لن يكفّ عن أطماعه في الأرض العربية، مستندًا على تاريخ آفل، أكل الدهر عليه وشرب! ليكررّ ويردّد ذات «الأسطوانة المشروخة» حول البحرين وحول الجزر الإماراتية! والمستجد اليوم حول «حقل الدرة» المشترك بين الكويت والسعودية، لتمارس إيران التصعيد تلو التصعيد، وكأنها تصرّ على نسف كل الجهود المبذولة في الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية! ولتثبت مرة بعد أخرى، أن (عباءة الأطماع) هي العباءة الوحيدة التي تفضلّ لبسها رغم اهترائها، في كل مناسبة تتحدّث فيها عن الخليج وعن العرب!
{ لو كان منطق الاحتلال هو منطق «الحجية التاريخية» -بضم الحاء- لكانت كل الدول طالبت بما احتلته أو فتحته، كما فعل العرب في الأندلس التي حكموها ما يقارب الـ800 عام! وكما فعلت الدولة العثمانية التي حكمت بإمبراطوريتها العثمانية دولاً في أوروبا! أو الغرب الاستعماري الذي احتلّ دولاً كثيرة في المنطقة العربية والعالم! إذًا تاريخ حكم دول من دولة لم يكن تاريخيًا مقتصرًا على «الفرس» أو «الرومان» ولذلك فتكرار هذا المنطق يعني أن تُعاد صياغة جغرافيا العالم كله، حسب الاحتلالات في التاريخ أو حسب الفتوحات الإسلامية، وحينها لن تسلم أرض إيران الراهنة، التي احتلت «الأحواز» احتلالاً لا يزال مستمرا، وجعلتها جزءًا منها، من التفتيت والاستعادة والتقسيم وحسب المنطق الإيراني نفسه!!
وخاصة أن الأذريين والبلوش والأكراد يعملون حتى اللحظة لتشكيل دولهم، ضمن ما هو محسوب كجغرافيا إيرانية! ولذلك على إيران أن تقفل ملف التاريخ فهو ملف المنطق الإيراني الأعوج! وليس من حقها أن تكررّ اسطوانتها القديمة حول «البحرين» لأن البحرين تاريخها «الدلموني» العريق، وتاريخها العروبي كجزء من الخليج العربي، وامتداد للجزيرة العربية مشهود! مثلما احتلال إيران للجزر الإماراتية لا صفة أخرى له غير الاحتلال، مهما صرّحت إيران عكس ذلك أو غضبت من مطالبة العرب بذلك!
{ هذا التصعيد الإيراني على لسان قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني..، «علي رضا» حول الجزر الإماراتية والبحرين حين قال: «إذا طالبت دول الخليج بجزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، فإننا نطالب بعودة البحرين إلى إيران!»، بحسب وكالة «إيرنا»، مثل هذا التصريح يؤكد النوايا الإيرانية المستمرة في خبثها وعدائيتها وأطماعها، مما يفتح الباب لخلق توترات مضافة في المنطقة، لأن البحرين عربية وستبقى كذلك! والجزر الإماراتية عربية ولا بدّ من استعادتها! وعلى إيران أن تخشى فتح ملف «الأحواز» العربية التي احتلتها بالتخادم مع بريطانيا الاستعمارية! وعلى إيران أن تخشى أن ادعاءاتها إن استمرت، وأطماعها إن تواصلت، فذلك يُعطي الحق للعرب، في دعم كل الجهات التي تنادي بالانفصال عنها! ومن حقهم أن يفعلوا ذلك، طالما هي تمارس العدائية واقعيًا، وتدعّى الصداقة كلامًا! وتهيمن على عدد من الدول العربية من دون وجه حق!
{ أما بما يخصّ تهديد إيران للسعودية والكويت حول «حقل الدرة» وتكليف مجلس الأمن القومي للحرس الثوري بالتدخل في هذا الحقل، وفي الوقت الذي تفتح فيه السعودية والخليج، باب المصالحة رغم التدخلات الإيرانية في المنطقة والخليج، فإن فهمت تلك المصالحة ومدّ اليد تراجعًا، فإنها واهمة وهمًا كبيرًا بذلك! وخاصة أن كل عوامل الضعف الداخلي تنخر في إيران، وعوامل النبذ الخارجي لسياساتها العدوانية تزداد إلى جانب القوة الخليجية العسكرية والاقتصادية والمالية التي لا وجه للمقارنة بينها وبين ما تمتلكه إيران! والتي لم يستخدم الخليج أو العرب آليات العداء لها، فإن استخدموها وواحدة منها فقط دعم «الجهات الانفصالية»، فلتقل إيران على نفسها السلام! لأن شرور عدوانيتها وأطماعها ستدفع ثمنها، أكثر بكثير مما سيدفعه الخليج العربي، وواهمة مرة أخرى إن اعتقدت عكس ذلك!
{ دول الخليج العربي تتصرّف بسماحة وحِلم -بكسر الحاء- لأنها تعمل على البناء لا الهدم! وعلى الاستقرار لا الصراع والاضطراب! وعلى التنمية لا على الفتن! وعلى السلام لا على الحرب! وعلى إيران ألا تختبر صبر الحليم كثيرًا، لأن الحليم إن غضب فغضبه يختلف عن غضب الأهوج الذي لا خطاب له إلا خطاب الكراهية والصراعات والعداء والفتن ومعتاد عليه كشرب كأس الماء!
وحين يرفض «المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني» صوت العقل، ويصرّ مثل نظامه على صناعة الأزمات تلو الأزمات، واعتماد «لغة الأطماع»، رغم التوضيح السعودي والكويتي حول «حقل الدرة» الذي تدعيّ طهران أن حدودها تمتد إلى «الجرف القاري» في حين تصرّ الكويت على أن حدود طهران يجب أن تُحسب انطلاقًا من حدودها البرية، بحسب قانون البحار المغلقة، ولذلك لا بدّ من الانتهاء من (ترسيم حدود إيران البحرية وفق قواعد القانون الدولي) فإن الإصرار الإيراني على قلب الحقائق، واعتماد لغة الهياج الإعلامي والتصريحات العدائية، لن يفيدها بشيء، فحقائق التاريخ وحقائق الجغرافيا والقانون الدولي إن استخدم بشفافية فيها فصل الخطاب، مهما ادعّت إيران عكس ذلك!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك