العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حج افتراضي وعبر الزووم!

{‭ ‬أيًّا‭ ‬كان‭ ‬السياق‭ ‬الذي‭ ‬تحدثت‭ ‬فيه‭ ‬الإعلامية‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬لميس‭ ‬الحديدي‮»‬‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬تساؤلا‭! ‬أو‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭! ‬أو‭ ‬جملة‭ ‬مقتطعة‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬أكبر،‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلّه‭! ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭ ‬معروفة‭ ‬لكل‭ ‬المسلمين‭ ‬حقيقته‭! ‬وكان‭ ‬حديثها‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬في‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬هو‭ ‬‮«‬أتساءل‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬الذهاب‭ ‬والطواف‭ ‬حول‭ ‬الكعبة‭ ‬ولم‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الحج‭ ‬عبر‭ ‬تطبيق‭ ‬زووم‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ (‬ميتافيرس‭)‬‮»‬؟‭! ‬وقالت‭ ‬الحديدي‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬ONTV‭: ‬‮«‬ليه‭ ‬ما‭ ‬نعملش‭ ‬الحج‭ ‬بالميتافيرس؟‭ ‬ليه‭ ‬ما‭ ‬نعملش‭ ‬الحج‭ (‬أونلاين‭)‬‮»‬؟‭! ‬يعني‭ ‬نعمله‭ ‬بالزووم‭ ‬كده‭! ‬الحاجات‭ ‬تطورت‭! ‬ليه‭ ‬لازم‭ ‬نروح‭ ‬نلف‭ ‬حولين‭ ‬الكعبة‭ ‬7‭ ‬مرات»؟‭! ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكمل‭ ‬‮«‬ليه‭ ‬بنروح‭ ‬الحج‭  ‬أصلا»؟‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬تربط‭ ‬لميس‭ ‬الحديدي‭ (‬الحج‭ ‬الافتراضي‭ ‬بالتطور‭) ‬وهي‭ ‬تقول‭ ‬الحاجات‭ ‬تطورت،‭ ‬فإن‭ ‬كلامها‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬باعتقاد‭ ‬التطور‭! ‬ويخرج‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬تساؤل‭ ‬تهكمي‭! ‬لأن‭ ‬الحج‭ ‬وشعائره‭ ‬باعتباره‭ ‬ركنا‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬الخمسة‭! ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬أخذه‭ ‬كما‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬وله‭ ‬حكمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التلاعب‭ ‬في‭ ‬الأركان‭ ‬كلها،‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬التلاعب‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬واحد‭ ‬منه،‭ ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭! ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لأي‭ ‬تلاعب‭ ‬بحجة‭ ‬التطور‭ ‬والتطوير‭! ‬فكيف‭ ‬يكون‭ ‬مثلا‭ ‬الحج‭ ‬افتراضيا‭ ‬وعبر‭ ‬الزووم‭ ‬أو‭ ‬الميتافيرس‭ ‬كبقية‭ ‬الحاجات؟‭! ‬هل‭ ‬وصل‭ ‬بنا‭ (‬التفكير‭ ‬الديني‭ ‬الساذج‭) ‬إلى‭ ‬طرح‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصورات‭ ‬السريالية؟‭! ‬وممن؟‭! ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لهم‭ ‬بالدين‭ ‬أو‭ ‬الفتوى‭ ‬فيه‭! ‬وهذا‭ ‬تحديدا‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬الضجة‭ ‬والسخرية‭ ‬من‭ ‬المصريين‭ ‬أولا‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬العرب‭ ‬كافة،‭ ‬لأن‭ ‬الحديث‭ ‬هكذا‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الشطط‭ ‬والتطاول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أمر‭ ‬به‭ ‬الله‭ ‬المسلمين‭ ‬كعقيدة‭! ‬وحيث‭ ‬تعظيم‭ ‬الشعائر‭ ‬في‭ ‬الحج‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬التقوى‭ ‬كما‭ ‬وصفه‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬جلاله،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬للتغيير‭ ‬بحجة‭ ‬التطور‭ ‬والتطوير،‭ ‬فالهدف‭ ‬منها‭ ‬وفي‭ ‬الحج‭ ‬وبشكل‭ ‬بديهي‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الحضور‭ ‬الشخصي‮»‬‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المخصص‭ ‬للحج‭ ‬وشعائره‭ ‬وإلا‭ ‬انتفى‭ ‬الهدف‭ ‬منه‭ ‬بالكامل‭!‬

{‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬البعض،‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬يواكب‭ ‬التطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬مانعا‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬الإسلام‭ ‬إلى‭ (‬إسلام‭ ‬افتراضي‭) ‬وكفى‭ ‬الله‭ ‬المؤمنين‭ ‬شر‭ ‬القتال‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬خيال‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالإسلام‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬عشرات‭ ‬الدعوات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬ازدراء‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬العظيم‭ ‬سواء‭ ‬بوعي‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬الغرب‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬خندقه‭! ‬أو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬وعي‭ ‬وبسذاجة‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بمن‭ ‬يقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬الإعلام‭ ‬أو‭ ‬الثقافة‭ ‬أو‭ ‬الفكر‭ ‬ومن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الإعلامية‭ ‬‮«‬لميس‭ ‬الحديدي‮»‬‭!‬

{‭ ‬هناك‭ ‬ممن‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬مفكرين‭ ‬إسلاميين‭ ‬أو‭ ‬باحثين‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬تلك‭ ‬الأوصاف،‭ ‬من‭ ‬طالَب‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬الحج‮»‬‭ (‬على‭ ‬أربعة‭ ‬مواسم‭ ‬منعا‭ ‬من‭ ‬الزحام‭)! ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الشيخ‭ ‬الأزهري‭ ‬‮«‬سعد‭ ‬الفقي‮»‬‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لقناة‭ ‬الـRT‭ ‬وهو‭ ‬يعلق‭ ‬على‭ ‬حديث‭ ‬‮«‬الحديدي‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ (‬سبقها‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أستاذ‭ ‬هندسة‭ ‬خرسانية‭ ‬بجامعة‭ ‬المنصورة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬صدر‭ ‬بداية‭ ‬التسعينيات،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الحج‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬مواسم‭ ‬تخفيفا‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬ومنعا‭ ‬من‭ ‬الزحام‭)! ‬لاحقا‭ ‬تم‭ ‬سحب‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬قصور‭ ‬الثقافة،‭ ‬ولكن‭ ‬الدعوات‭ (‬التغييرية‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬وأركانه‭ ‬بحجة‭ ‬التخفيف‭ ‬والتطوير‭) ‬لم‭ ‬تتوقف‭! ‬فهناك‭ ‬آراء‭ ‬مريبة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الصلاة‮»‬‭ ‬وحول‭ ‬‮«‬الزكاة‮»‬‭ ‬وحول‭ ‬‮«‬الصوم‮»‬‭ ‬وحول‭ ‬الحج‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وبسبب‭ ‬كثرة‭ ‬الحملات‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬نفسها‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام،‭ ‬بحجة‭ ‬تجديد‭ ‬الدين‭ ‬وليس‭ ‬تجديد‭ ‬‮«‬الخطاب‭ ‬الفكري‭ ‬الديني‮»‬‭ ‬فقط‭! ‬مما‭ ‬يعتبرهم‭ ‬البعض‭ ‬طابورا‭ ‬خامسا‭ ‬دينيا‭ ‬تابعا‭ ‬لما‭ ‬يريده‭ ‬الغرب،‭ ‬ظهر‭ ‬علينا‭ ‬تصوّر‭ ‬دمج‭ ‬الشرائع‭ ‬الأخرى‭ ‬والإسلام‭ ‬في‭ ‬دين‭ ‬واحد‭ ‬مثلا‭! ‬وظهر‭ ‬علينا‭ ‬‮«‬الإسلام‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬وظهر‭ ‬علينا‭ ‬‮«‬الإسلام‭ ‬الأمريكي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬تلك‭ ‬الشطحات‭ (‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬استلاب‭ ‬جوهر‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬نسخة‭ ‬مشوهة،‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الجوهر‭ ‬والمضمون‭)! ‬ولكأن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬بـ«حجة‭ ‬التطوير‮»‬‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬مبتكراته‭ ‬الفكرية‭ ‬لجعل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ (‬افتراضيا‭)! ‬لنكون‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬وبحجة‭ ‬التطوير‭ ‬ذاتها‭ ‬والتخفيف‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬أمام‭ ‬إسلام‭ ‬افتراضي‭ ‬يصل‭ ‬بالتدريج‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الأركان‭ ‬كلها‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الغضب‭ ‬والاستفزاز‭ ‬لدى‭ ‬المسلمين‭ ‬أنهم‭ ‬يعايشون‭ ‬مفاعيل‭ (‬حملات‭ ‬تشويهية‭ ‬متراكمة‭ ‬لعقيدتهم‭) ‬بل‭ ‬وممنجهة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬ومصدرها‭ ‬الغرب‭ ‬و‮«‬الطابور‭ ‬الخامس‭ ‬الديني‮»‬‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭! ‬لتكتمل‭ ‬صورة‭ ‬التشويه‭ ‬ومشهديته‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬حرق‭ ‬القرآن‭ ‬المتكرر‭ ‬بدون‭ ‬سبب‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬تعادي‭ ‬الإسلام،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬بحوث‭ ‬ومراكز‭ ‬بحثية‭ ‬تصدّر‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬الإسلامي‭ ‬والعالمي‭ ‬إمكانية‭ ‬التلاعب‭ ‬بالإسلام‭ ‬وحتى‭ ‬‮«‬النص‭ ‬القرآني‭ ‬المقدس‮»‬‭! ‬وما‭ ‬بين‭ ‬شطحات‭ ‬فكرية‭ ‬يطلقها‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يدعي‭ ‬الصلة‭ ‬بالدين‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لهم‭ ‬إطلاقا‭ ‬به‭! ‬ولذلك‭ ‬ربما‭ ‬تم‭ ‬اعتبار‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬الكلام‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الحج‭ ‬الافتراضي‮»‬‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬العدائي‭ ‬العام‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام،‭ ‬وشطحة‭ ‬من‭ ‬الشطحات‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬السخرية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شي‭ ‬آخر‭! ‬لأن‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬والقرآن‭ ‬وسوره‭ ‬وأحكامه‭ ‬باقية‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬وستبقى‭ ‬مهما‭ ‬تعالت‭ ‬أصوات‭ ‬التشويه‭ ‬بحجة‭ ‬التطوير‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا