عالم يتغير
فوزية رشيد
حج افتراضي وعبر الزووم!
{ أيًّا كان السياق الذي تحدثت فيه الإعلامية المصرية «لميس الحديدي» سواء كان تساؤلا! أو بحثا عن إجابة! أو جملة مقتطعة من سياق أكبر، فإن التساؤل في حد ذاته هو في غير محلّه! والبحث عن إجابة معروفة لكل المسلمين حقيقته! وكان حديثها كما تم تداوله في مقطع فيديو هو «أتساءل عن سبب الذهاب والطواف حول الكعبة ولم لا يكون الحج عبر تطبيق زووم أو عبر (ميتافيرس)»؟! وقالت الحديدي في البرنامج الذي تقدمه على قناة ONTV: «ليه ما نعملش الحج بالميتافيرس؟ ليه ما نعملش الحج (أونلاين)»؟! يعني نعمله بالزووم كده! الحاجات تطورت! ليه لازم نروح نلف حولين الكعبة 7 مرات»؟! وكان من المفترض أن تكمل «ليه بنروح الحج أصلا»؟!
{ حين تربط لميس الحديدي (الحج الافتراضي بالتطور) وهي تقول الحاجات تطورت، فإن كلامها ينم عن قناعة باعتقاد التطور! ويخرج من كونه حتى مجرد تساؤل تهكمي! لأن الحج وشعائره باعتباره ركنا من أركان الإسلام الخمسة! إما أن يتم أخذه كما أمر الله وله حكمة في ذلك كما في بقية أركان الإسلام، وإما أن يتم التلاعب في الأركان كلها، إن تم التلاعب في ركن واحد منه، وبذلك يكون الخروج عن الإسلام! وحيث لا مجال لأي تلاعب بحجة التطور والتطوير! فكيف يكون مثلا الحج افتراضيا وعبر الزووم أو الميتافيرس كبقية الحاجات؟! هل وصل بنا (التفكير الديني الساذج) إلى طرح مثل هذه التصورات السريالية؟! وممن؟! من أشخاص لا علاقة لهم بالدين أو الفتوى فيه! وهذا تحديدا ما أثار الضجة والسخرية من المصريين أولا ومن كل المسلمين العرب كافة، لأن الحديث هكذا يكون قد دخل في ساحة الشطط والتطاول على ما أمر به الله المسلمين كعقيدة! وحيث تعظيم الشعائر في الحج وغيره من التقوى كما وصفه الله جل جلاله، ولا يمكن لأي ركن من أركان الإسلام أن يخضع للتغيير بحجة التطور والتطوير، فالهدف منها وفي الحج وبشكل بديهي لا يحتمل التساؤل هو «الحضور الشخصي» في المكان المخصص للحج وشعائره وإلا انتفى الهدف منه بالكامل!
{ يبدو أن البعض، الذي يرى في نفسه أنه يواكب التطورات التكنولوجية لا يرى مانعا في تحويل الإسلام إلى (إسلام افتراضي) وكفى الله المؤمنين شر القتال! ولذلك فإن مثل هذه التساؤلات الخارجة من خيال لا علاقة له بالإسلام يصب في عشرات الدعوات الأخرى التي تعمل على ازدراء هذا الدين العظيم سواء بوعي كما يفعل الغرب وكل من هو في خندقه! أو من غير وعي وبسذاجة لا تليق بمن يقوم بمهمة الإعلام أو الثقافة أو الفكر ومن هؤلاء الإعلامية «لميس الحديدي»!
{ هناك ممن يعتبرون أنفسهم مفكرين إسلاميين أو باحثين إلى آخر تلك الأوصاف، من طالَب مثلا أن يكون «الحج» (على أربعة مواسم منعا من الزحام)! كما قال الشيخ الأزهري «سعد الفقي» في حديث لقناة الـRT وهو يعلق على حديث «الحديدي» بأنه قد (سبقها إلى ذلك أستاذ هندسة خرسانية بجامعة المنصورة في كتاب صدر بداية التسعينيات، أن يكون الحج على أربعة مواسم تخفيفا على المسلمين ومنعا من الزحام)! لاحقا تم سحب الكتاب من هيئة قصور الثقافة، ولكن الدعوات (التغييرية في الإسلام وأركانه بحجة التخفيف والتطوير) لم تتوقف! فهناك آراء مريبة حول «الصلاة» وحول «الزكاة» وحول «الصوم» وحول الحج!
{ من هنا وبسبب كثرة الحملات من داخل المجتمعات العربية نفسها ضد الإسلام، بحجة تجديد الدين وليس تجديد «الخطاب الفكري الديني» فقط! مما يعتبرهم البعض طابورا خامسا دينيا تابعا لما يريده الغرب، ظهر علينا تصوّر دمج الشرائع الأخرى والإسلام في دين واحد مثلا! وظهر علينا «الإسلام الجديد» وظهر علينا «الإسلام الأمريكي» إلى آخر تلك الشطحات (التي تعمل على استلاب جوهر الدين الإسلامي وتحويله إلى نسخة مشوهة، خالية من الجوهر والمضمون)! ولكأن هذا التوجه بـ«حجة التطوير» قد وصل إلى آخر مبتكراته الفكرية لجعل ركن من أركان الإسلام (افتراضيا)! لنكون في النهاية وبحجة التطوير ذاتها والتخفيف على المسلمين أمام إسلام افتراضي يصل بالتدريج إلى تغيير الأركان كلها!
{ ما يثير الغضب والاستفزاز لدى المسلمين أنهم يعايشون مفاعيل (حملات تشويهية متراكمة لعقيدتهم) بل وممنجهة بشكل كبير ومصدرها الغرب و«الطابور الخامس الديني» في المجتمعات العربية! لتكتمل صورة التشويه ومشهديته ما بين حرق القرآن المتكرر بدون سبب في بيئات تعادي الإسلام، وما بين بحوث ومراكز بحثية تصدّر إلى الوعي الإسلامي والعالمي إمكانية التلاعب بالإسلام وحتى «النص القرآني المقدس»! وما بين شطحات فكرية يطلقها بعض من يدعي الصلة بالدين أو حتى ممن لا علاقة لهم إطلاقا به! ولذلك ربما تم اعتبار مثل ذلك الكلام حول «الحج الافتراضي» جزءا من المشهد العدائي العام ضد الإسلام، وشطحة من الشطحات التي تثير السخرية أكثر من أي شي آخر! لأن أركان الإسلام والقرآن وسوره وأحكامه باقية كما هي وستبقى مهما تعالت أصوات التشويه بحجة التطوير!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك