العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

شرق و غرب

روسيا تخوض معركة التاريخ والجغرافيا

الأحد ٠٢ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬بيير‭ ‬فررليس

 

لقد‭ ‬انقضت‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬منذ‭ ‬اختفاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1991‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬تفتت‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬السوفيتية‭ ‬وتفكك‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬ونهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬يعود‭ ‬الحديث‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬عن‭ ‬تداعيات‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬جدت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬نهاية‭ ‬الثمانينيات‭ ‬وبداية‭ ‬التسعينيات‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬الحرب‭ ‬الراهنة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬المدعومة‭ ‬بقوة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.   ‬

وُلد‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السوفيتية‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الثورة‭ ‬البلشفية‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1917‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬إمبراطورية‭ ‬مترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬تمتد‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬22‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭. ‬بعد‭ ‬الانفصال‭ ‬عن‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الأربع‭ ‬عشرة‭ ‬الأخرى،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬روسيا‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬تمتلك‭ ‬17‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭. ‬

رغم‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬روسيا‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬خارج‭ ‬حدودها‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مجالها‭ ‬الحيوي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬والكتاب‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬عقيدة‭ ‬بريجنيف‭ ‬‮«‬السيادة‭ ‬المحدودة‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬سارية‭ ‬ولم‭ ‬تمت‭ ‬بموت‭ ‬صاحبها،‭ ‬الزعيم‭ ‬السوفييتي‭ ‬الأسبق‭ ‬ليونيد‭ ‬بريجنيف‭ ‬أو‭ ‬بانهيار‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬السوفيتية‭ ‬التي‭ ‬حكمها‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬اللاعبون‭ ‬الرئيسيون‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وكذلك‭ ‬الصين،‭ ‬يطورون‭ ‬خططهم‭ ‬ويرقبون‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤجج‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الصدام‭ ‬العسكري‭ ‬مثلما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬جورجيا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2008،‭ ‬وفي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2014،‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬الشيشان‭.‬

ومثلما‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬محللين‭ ‬وأكاديميين‭ ‬تتسم‭ ‬كتاباتهم‭ ‬بالتوازن،‭ ‬فإنه‭ ‬يخطئ‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬الآن‭ ‬هي‭ ‬بين‭ ‬جمهورية‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهي‭ ‬حرب‭ ‬يريد‭ ‬منها‭ ‬الغرب‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬ظهور‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭. ‬

واللافت‭ ‬للانتباه‭ ‬فإن‭ ‬أغلب‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬تشمل‭ ‬بالضرورة‭ ‬دراسة‭ ‬جغرافية‭ ‬روسيا‭ ‬وحدودها‭ ‬وتاريخها‭ ‬وسياساتها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬هذا‭ ‬الارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬تاريخ‭ ‬روسيا‭ ‬وتاريخ‭ ‬الغرب‭ ‬وأوروبا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬هذا‭ ‬الارتباط‭ ‬العضوي‭ ‬أوجه‭ ‬إبان‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ (‬1939-1945‭).‬

يسلط‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬استعراض‭ ‬تاريخ‭ ‬قيام‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السوفيتية‭ ‬وتداعياته‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬والروابط‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬

يركز‭ ‬المؤلف‭ ‬اهتمامه‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬وصدامها‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬حدود‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلنطي‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬تخوم‭ ‬روسيا،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬جورجيا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬أوكرانيا‭. ‬ينظر‭ ‬الثاني‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭. ‬أما‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬فقد‭ ‬ركز‭ ‬فيه‭ ‬الكاتب‭ ‬اهتمامه‭ ‬على‭ ‬التعمق‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬عدة‭ ‬محطات‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭. ‬

خصص‭ ‬المؤلف‭ ‬الجزء‭ ‬الرابع‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬الصلبة‭ ‬والقوة‭ ‬الناعمة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬روسيا‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬ضعفها‭ ‬وهشاشتها‭.  ‬وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬القارئ‭ ‬سيكون‭ ‬قادرا‭ ‬بعد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬فهم‭ ‬أعمق‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬أحدث‭ ‬اليوم،‭ ‬وهي‭ ‬تعد‭ ‬حلقة‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬الصراع‭ ‬التاريخي‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا‭. ‬

‭ ‬أسهم‭ ‬عدة‭ ‬أكاديميين‭ ‬وخبراء‭ ‬في‭ ‬تأليف‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬للقارئ‭ ‬عدة‭ ‬أساسيات‭ ‬ومفاتيح‭ ‬لفهم‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬وخاصة‭ ‬العلاقة‭ ‬الصدامية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا،‭ ‬مع‭ ‬إبراز‭ ‬تاريخ‭ ‬روسيا‭ ‬وجغرافيتها‭ ‬وحدودها‭ ‬ومجالها‭ ‬الحيوي‭ ‬وسياساتها‭ ‬ورؤيتها‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬روسيا‭ ‬بالإرث‭ ‬السوفيتي‭. ‬

وفي‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فإن‭ ‬روسيا‭ ‬الحديثة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الإرث‭ ‬السوفييتي‭ ‬والأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬وانهيار‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬السوفيتية‭.  ‬ففي‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬2005،‭ ‬وجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬نظرائه‭ ‬الأجانب‭ ‬بحضور‭ ‬الاحتفالات‭ ‬التي‭ ‬ستقام‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬الذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لعيد‭ ‬النصر‭.‬

ترددت‭ ‬رئيسة‭ ‬ليتوانيا‭ ‬آنذاك‭ ‬فايرا‭ ‬فريبيركا‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬الدعوة‭ ‬الروسية‭ ‬والتحول‭ ‬إلى‭ ‬موسكو‭ ‬لحضور‭ ‬الاحتفالات‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬معروفة‭ ‬بانتقادها‭ ‬للرؤية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬تاريخ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬ضم‭ ‬ليتوانيا‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1940‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يحتلها‭ ‬النازيون‭ ‬الألمانية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬1941‭ ‬و1945‭ ‬لتعود‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬مع‭ ‬هزيمة‭ ‬ألمانيا‭ ‬ونهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬رئيسة‭ ‬ليتوانيا‭ ‬مستعدة‭ ‬للاعتراف‭ ‬بدور‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬السوفييتي‭ ‬كمحرر‭ ‬لبلادها،‭ ‬وقد‭ ‬بعثت‭ ‬برسالة‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬توضح‭ ‬فيه‭ ‬رؤيتها‭ ‬للتاريخ،‭ ‬حيث‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬الذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لبلادها‭ ‬وإنما‭ ‬ترى‭ ‬فيه‭ ‬الذكرى‭ ‬الخامسة‭ ‬والخمسين‭ ‬لإعلان‭ ‬‮«‬شومين‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬الأسس‭ ‬لقيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والذي‭ ‬تفخر‭ ‬بلادها‭ ‬بالانضمام‭ ‬إليه‭ ‬كعضو‭ ‬كامل‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2004‭. ‬

يمثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬وغيره‭ ‬رفضا‭ ‬للماضي‭ ‬الشيوعي‭ ‬وقبولا‭ ‬بالحاضر‭ ‬الأوروبي‭ ‬الليبيرالي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬رئيسة‭ ‬ليتوانيا‭ ‬تفضل‭ ‬حضور‭ ‬الاحتفالات‭ ‬بانتصار‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬أشباح‭ ‬التاريخ‭ ‬تخيم‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وجيرانها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭. ‬

لم‭ ‬يتوقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬احتدم‭ ‬الصراع‭ ‬حول‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬بقيادة‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وجمهورية‭ ‬ليتوانيا‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬البلطيق‭ ‬ليصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬لينتقل‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬العالم‭ ‬ودوائر‭ ‬المؤرخين‭ ‬والأكاديميين‭. ‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬أطروحات‭ ‬نيل‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬والتي‭ ‬أنجزت‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نذكر‭ ‬رسالة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬صناعة‭ ‬ليتوانيا‭ ‬السوفيتية‭  ‬سياسة‭ ‬السفيتتة‭ ‬1939‭-‬1949‮»‬‭. ‬لقد‭ ‬مثلت‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام‭ ‬العشرة‭ ‬محطة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬تاريخ‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وهي‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تذكي‭ ‬نقاشات‭ ‬حادة‭ ‬حول‭ ‬التاريخ‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭. ‬فكأني‭ ‬بروسيا‭ ‬تحارب‭ ‬اليوم‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬معا‭ ‬وكأن‭ ‬بالتاريخ‭ ‬الماضي‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬حاضر‭ ‬ومستقبل‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬

يقول‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الذي‭ ‬أنجز‭ ‬هذه‭ ‬الأطروحة‭ ‬الجامعية‭ ‬إن‭ ‬ليتوانيا‭ ‬تجسد‭ ‬البنية‭ ‬المعقدة‭ ‬لأغلب‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬سابقا‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬فسيفساء‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وقومية‭ ‬وعرقية‭ ‬أيضا،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬حكام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وخاصة‭ ‬منهم‭ ‬جوزيف‭ ‬ستالين،‭ ‬قد‭ ‬طبقوا‭ ‬سياسة‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬والتوطين‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بهدف‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬متماسكة‭ ‬وكسر‭ ‬شوكة‭ ‬القوميات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تضعف‭ ‬الدولة‭. ‬تظهر‭ ‬الأرقام‭ ‬الإحصائية‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬ترحيل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تلك‭ ‬السياسات‭ ‬السوفيتية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬واقع‭ ‬ديمغرافية‭ ‬جديد‭.  ‬

لا‭ ‬ينفي‭ ‬الباحث‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬حدث‭ ‬تقارب‭ ‬كبير‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ليتوانيا‭ ‬وعدة‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬حفيظة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬وأقلق‭ ‬حكام‭ ‬الكرملين،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬تيارات‭ ‬فاشية‭ ‬ونازية‭ ‬معادية‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة‭.  ‬

يخلص‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأطروحة‭ ‬الجامعية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التعمق‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬فترة‭ ‬النفوذ‭ ‬السوفييتي‭ ‬في‭ ‬ليتوانيا‭ ‬يساعد‭ ‬الكثير‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬اليوم،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬أيضا‭ ‬مستقبلا‭.‬

دبلوب

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا