العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

زيارة متأخرة للأبراج

أعتذر‭ ‬لأنني‭ ‬نسيت‭ ‬أن‭ ‬أوافيكم‭ ‬بحظوظكم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬كعادتي‭ ‬كل‭ ‬رأس‭ ‬سنة،‭ ‬ولكن‭ ‬الآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ضمنت‮»‬‭ ‬مستقبلي‭ ‬ونجحت‭ ‬بحمد‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬‮«‬تكوين‭ ‬نفسي‮»‬،‭ ‬أستطيع‭ ‬ان‭ ‬اتفرغ‭ ‬لفعل‭ ‬الخير‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نما‭ ‬إلى‭ ‬علمي‭ ‬مؤخرا‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬برج‭ ‬العذراء‭ ‬وحسبما‭ ‬افاد‭ ‬فلكي‭ ‬عربي‭ ‬ألوسي‭ ‬ألمعي،‭ ‬فإن‭ ‬أمامي‭ ‬مستقبل‭ ‬باهر‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العواطف‭ ‬والوجدانيات‭.. ‬بالطبع‭ ‬كنت‭ ‬أفضل‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المصارف‭ ‬والدولارات،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬بأس،‭ ‬فمن‭ ‬عادتي‭ ‬أن‭ ‬أرضي‭ ‬من‭ ‬الغنيمة‭ ‬بالإياب،‭ ‬وعسى‭ ‬أن‭ ‬تقودني‭ ‬وجدانيات‭ ‬صاحبنا‭ ‬الفلكي‭ ‬إلى‭ ‬عانس‭ ‬عاقر‭. ‬بس‭ ‬تكون‭ ‬ثرية،‭ ‬لتأخذ‭ ‬بيدي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنعطف‭ ‬الحاد‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬أمتنا‭ ‬الباسلة‭.‬

المهم‭. ‬فعل‭ ‬الخير‭ ‬الذي‭ ‬أعتزم‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬اطلع‭ ‬بعض‭ ‬القراء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تخبئه‭ ‬لهم‭ ‬ابراجهم‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬تنبؤات‭ ‬خبير‭ ‬فلكي‭ ‬حاصل‭ ‬على‭ ‬الدكتوراه‭ ‬يزعم،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬أنه‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬‮«‬علم‭ ‬الغيب‮»‬‭! ‬عليه‭ ‬اللعنة،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يتباهى‭ ‬بذلك‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬تواضعه،‭ ‬ويكتفي‭ ‬بنثر‭ ‬الدرر‭ ‬امام‭ ‬جماهيره‭ ‬الواعية‭ ‬المستنيرة‭ ‬كي‭ ‬تعرف‭ ‬مواطئ‭ ‬اقدامها‭ ‬وما‭ ‬ينتظرها‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الايام‭.‬

والرأي‭ ‬عندي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تواضع‭ ‬صاحبنا‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬موضعه‭ ‬وخير‭ ‬له‭ ‬ولجماهيره‭ ‬أن‭ ‬يدعي‭ ‬الألوهية‭. ‬فقط‭ ‬انصحه‭ ‬بأن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يضمن‭ ‬لنفسه‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬أوروبياً‭ ‬محترماً‭ (‬يعني‭ ‬بلاش‭ ‬اليونان‭ ‬وصربيا‭ ‬وقبرص‭ ‬واخواتهن‭). ‬فإذا‭ ‬أدعى‭ ‬الالوهية‭ ‬وقام‭ ‬بتسجيل‭ ‬‮«‬البراءة‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬هيئة‭ ‬أوروبية‭ ‬أو‭ ‬أمريكية‭ ‬محترمة‭ ‬فإنه‭ ‬سيتضمن‭ ‬أيضاً‭ ‬ولاء‭ ‬ملايين‭ ‬الغربيين،‭ ‬الذين‭ ‬سيقولون‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬المسلمين‭ ‬مستنيرون‭ ‬وفيهم‭ ‬الخير‭. ‬بل‭ ‬وقد‭ ‬يشجعوا‭ ‬مدعي‭ ‬الألوهية‭ ‬ذاك‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬برمجة‭ ‬وفرمتة‭ ‬المسلمين‭ ‬بحيث‭ ‬يتخلون‭ ‬عن‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭ ‬ويدفعون‭ ‬له‭ ‬بضعة‭ ‬ملايين‭.‬

يقول‭ ‬صاحبنا‭ ‬إن‭ ‬مواليد‭ ‬برج‭ ‬العقرب‭ ‬سيتعذبون‭ ‬من‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬التفاهم‮»‬‭. ‬يستأهل‭ ‬العقربيون‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭... ‬ثم‭ ‬تمضي‭ ‬البشرى‭ ‬‮«‬امكان‭ ‬اضطرابات‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الدموية‭ ‬أو‭ ‬الدماغية‭.. ‬كن‭ ‬حذراً‮»‬‭. ‬كذا‭ ‬بالجملة‭ ‬يا‭ ‬ملايين‭ ‬مواليد‭ ‬‮«‬العقرب‮»‬،‭ ‬الدوام‭ ‬لله‭. ‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬برج‭ ‬الجدي؟‭ ‬والجدي‭ ‬في‭ ‬لسان‭ ‬العرب‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬التيس‭. ‬المهم‭ ‬اصحاب‭ ‬هذا‭ ‬البرج‭ ‬سيلتقون‭ ‬بأصدقاء‭ ‬أوفياء‭ ‬يقضون‭ ‬معهم‭ ‬اوقاتاً‭ ‬لطيفة‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬البرج‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬التيس‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬الاصدقاء‭ ‬الأوفياء‮»‬‭ ‬من‭ ‬الماعز،‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬الماعز‭ ‬وفيا‭ ‬فالمعروف‭ ‬والثابت‭ ‬علمياً‭ ‬أن‭ ‬الماعز‭ ‬يمارس‭ ‬الخيانة‭ ‬الزوجية‭ ‬غير‭ ‬عابئ‭ ‬بمشاعر‭ ‬التيس‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الزريبة؟

أما‭ ‬أهل‭ ‬الحوت‭ ‬فإليهم‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬‮«‬اعمالك‭ ‬ستكون‭ ‬مشرفة‭ ‬وتحمل‭ ‬تحسناً‭ ‬واضحاً‭. ‬وعليك‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬اخفاقاتك‭ ‬المرتفعة‮»‬‭. ‬ما‭ ‬هذا؟‭ ‬ما‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الاعمال‭ ‬المشرفة‭ ‬والاخفاقات؟‭ ‬وكيف‭ ‬يكون‭ ‬الفشل‭ ‬مرتفعا‭ ‬أو‭ ‬منخفضا؟‭ ‬يذكرني‭ ‬هذا‭ ‬بضاربة‭ ‬ودع‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭: ‬عمرك‭ ‬طويل‭ ‬ولا‭ ‬تموت‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬أجلك‭ ‬‮«‬تمّ‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬نفحتها‭ ‬امي‭ ‬مبلغاً‭ ‬ضخماً‭ ‬لأنها‭ ‬تنبأت‭ ‬بأنني‭ ‬لن‭ ‬أموت‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬اتاني‭ ‬عزرائيل‭.‬

ثم‭ ‬اقرأوا‭ ‬معي‭ ‬ما‭ ‬ينتظر‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬السرطان‮»‬،‭ ‬‮«‬كوكب‭ ‬المريخ‭ ‬سيربك‭ ‬علاقاتك‭ ‬ويضع‭ ‬في‭ ‬طريقك‭ ‬اشخاصاً‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬السمعة‭ ‬المريبة‮»‬‭. ‬هؤلاء‭ ‬السرطانيون‭ ‬أيضاً‭ ‬‮«‬يستأهلون‮»‬‭ ‬ما‭ ‬ينتظرهم،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬حظهم‭ ‬اسوأ‭ ‬من‭ ‬حظ‭ ‬مواليد‭ ‬برج‭ ‬‮«‬البواسير‮»‬‭. ‬ويحاول‭ ‬صاحبنا‭ ‬الفلكي‭ ‬مواساة‭ ‬السرطانيين‭ ‬فيقول‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬كوكب‭ ‬الزهرة‭ ‬يحميك‭ ‬ويرعاك‮»‬‭ ‬ولكن‭ ‬هيهات‭ ‬فماذا‭ ‬تساوي‭ ‬الزهرة‭ ‬امام‭ ‬المريخ‭ ‬هادم‭ ‬اللذات‭ ‬ومفرق‭ ‬الجماعات؟

وبوصفي‭ ‬‮«‬عذراء‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬الذين‭ ‬وصفهم‭ ‬الخبير‭ ‬الفلكي‭ ‬بـ«الجاذبية‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬الموعودين‭ ‬بالقفزات‭ ‬العاطفية،‭ ‬فإنني‭ ‬اتقدم‭ ‬بخالص‭ ‬العزاء‭ ‬والمواساة‭ ‬للمنتمين‭ ‬إلى‭ ‬التيس‭ ‬والملدوغين‭ ‬بالعقرب‭ ‬والمصابين‭ ‬بالسرطان‭ ‬وانصحهم‭ ‬بالتخلص‭ ‬من‭ ‬شهادات‭ ‬ميلادهم‭ ‬الاصلية‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬‮«‬تسنين‮»‬‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬عذراوات،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬العذرية‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬البوار‭ ‬والعنوسة،‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬قرين‭ ‬السوء‭. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬القلم‭ ‬أعتذر‭ ‬للمجني‭ ‬عليهم‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬لي‭ ‬فيما‭ ‬كتبت،‭ ‬وناقل‭ ‬الكفر‭ ‬ليس‭ ‬بكافر،‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬يعجبه‭ ‬‮«‬برجه‮»‬‭ ‬فعليه‭ ‬بصاحبنا‭ ‬الفلكي‭ ‬الذي‭ ‬يقال‭ ‬إنه‭ ‬يعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬التكهنات‭ ‬مقابل‭ ‬مبلغ‭ ‬رمزي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا