زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
زيارة متأخرة للأبراج
أعتذر لأنني نسيت أن أوافيكم بحظوظكم في عام 2023، كعادتي كل رأس سنة، ولكن الآن وبعد أن «ضمنت» مستقبلي ونجحت بحمد الله في «تكوين نفسي»، أستطيع ان اتفرغ لفعل الخير. بعد أن نما إلى علمي مؤخرا أنني من مواليد برج العذراء وحسبما افاد فلكي عربي ألوسي ألمعي، فإن أمامي مستقبل باهر في مجال العواطف والوجدانيات.. بالطبع كنت أفضل مثل ذلك المستقبل في مجال المصارف والدولارات، ولكن لا بأس، فمن عادتي أن أرضي من الغنيمة بالإياب، وعسى أن تقودني وجدانيات صاحبنا الفلكي إلى عانس عاقر. بس تكون ثرية، لتأخذ بيدي في هذا المنعطف الحاد من تاريخ أمتنا الباسلة.
المهم. فعل الخير الذي أعتزم القيام به هو ان اطلع بعض القراء على ما تخبئه لهم ابراجهم خلال العام الحالي استناداً إلى تنبؤات خبير فلكي حاصل على الدكتوراه يزعم، على نحو غير مباشر، أنه متخصص في «علم الغيب»! عليه اللعنة، وهو لا يتباهى بذلك من فرط تواضعه، ويكتفي بنثر الدرر امام جماهيره الواعية المستنيرة كي تعرف مواطئ اقدامها وما ينتظرها في مستقبل الايام.
والرأي عندي هو أن تواضع صاحبنا هذا في غير موضعه وخير له ولجماهيره أن يدعي الألوهية. فقط انصحه بأن يفعل ذلك بعد أن يضمن لنفسه جواز سفر أوروبياً محترماً (يعني بلاش اليونان وصربيا وقبرص واخواتهن). فإذا أدعى الالوهية وقام بتسجيل «البراءة» لدى هيئة أوروبية أو أمريكية محترمة فإنه سيتضمن أيضاً ولاء ملايين الغربيين، الذين سيقولون إن بعض المسلمين مستنيرون وفيهم الخير. بل وقد يشجعوا مدعي الألوهية ذاك أن يعمل على إعادة برمجة وفرمتة المسلمين بحيث يتخلون عن الكتاب والسنة ويدفعون له بضعة ملايين.
يقول صاحبنا إن مواليد برج العقرب سيتعذبون من «فقدان التفاهم». يستأهل العقربيون ما هو أكثر من ذلك... ثم تمضي البشرى «امكان اضطرابات في الدورة الدموية أو الدماغية.. كن حذراً». كذا بالجملة يا ملايين مواليد «العقرب»، الدوام لله.
وماذا عن برج الجدي؟ والجدي في لسان العرب قد يكون التيس. المهم اصحاب هذا البرج سيلتقون بأصدقاء أوفياء يقضون معهم اوقاتاً لطيفة. وبما أن البرج يحمل اسم التيس فلابد أن يكون «الاصدقاء الأوفياء» من الماعز، ولكنني لا أفهم كيف يكون الماعز وفيا فالمعروف والثابت علمياً أن الماعز يمارس الخيانة الزوجية غير عابئ بمشاعر التيس الذي قد يكون معها في نفس الزريبة؟
أما أهل الحوت فإليهم ما يلي «اعمالك ستكون مشرفة وتحمل تحسناً واضحاً. وعليك أن تواجه اخفاقاتك المرتفعة». ما هذا؟ ما العلاقة بين الاعمال المشرفة والاخفاقات؟ وكيف يكون الفشل مرتفعا أو منخفضا؟ يذكرني هذا بضاربة ودع قالت لي ذات مرة: عمرك طويل ولا تموت إلا إذا أجلك «تمّ»، وقد نفحتها امي مبلغاً ضخماً لأنها تنبأت بأنني لن أموت إلا إذا اتاني عزرائيل.
ثم اقرأوا معي ما ينتظر جماعة «السرطان»، «كوكب المريخ سيربك علاقاتك ويضع في طريقك اشخاصاً من ذوي السمعة المريبة». هؤلاء السرطانيون أيضاً «يستأهلون» ما ينتظرهم، فمن الواضح أن حظهم اسوأ من حظ مواليد برج «البواسير». ويحاول صاحبنا الفلكي مواساة السرطانيين فيقول لهم «كوكب الزهرة يحميك ويرعاك» ولكن هيهات فماذا تساوي الزهرة امام المريخ هادم اللذات ومفرق الجماعات؟
وبوصفي «عذراء» ومن الذين وصفهم الخبير الفلكي بـ«الجاذبية» ومن الموعودين بالقفزات العاطفية، فإنني اتقدم بخالص العزاء والمواساة للمنتمين إلى التيس والملدوغين بالعقرب والمصابين بالسرطان وانصحهم بالتخلص من شهادات ميلادهم الاصلية والحصول على شهادات «تسنين» تتيح لهم التحول إلى عذراوات، مع الأخذ في الاعتبار أن العذرية قد تعني البوار والعنوسة، وهي على كل حال قد تكون أفضل من قرين السوء. وقبل أن أضع القلم أعتذر للمجني عليهم رغم أنه لا ذنب لي فيما كتبت، وناقل الكفر ليس بكافر، ومن لم يعجبه «برجه» فعليه بصاحبنا الفلكي الذي يقال إنه يعيد النظر في التكهنات مقابل مبلغ رمزي!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك