عالم يتغير
فوزية رشيد
عودة أردوغان إلى رئاسة تركيا!
{ أردوغان هو الزعيم التركي الأطول حكما لتركيا الحديثة! وينظر إليه أنه الأقوى منذ تأسيس «كمال أتاتورك»، الجمهورية الحديثة قبل قرن من الزمان، رغم أنه هو وحزبه أبعد تركيا عن نهج «أتاتورك«العلماني! مدافعا عن «الاعتبارات الدينية»، حتى وصل به الأمر إلى الوقوف خلف «الإخوان» لتأكيد النفوذ التركي في المنطقة كما توهم! ما أوقعه في القيام بدور سلبي في المنطقة العربية، خاصة بعد أحداث ما سُمي بـ(الربيع العربي)! ليتراجع بعد ذلك مع الفشل الذي لحق بسياسته «الإخوانية»، ويفتح قبل عامين، باب التقارب والمصالحة مع العرب، خاصة مع السعودية ومصر! والعمل على تقليص صلات تركيا «العضو في حلف الناتو» مع الغرب! والتقارب مع روسيا، خاصة خلال الأزمة الأوكرانية المستمرة حتى اللحظة! ما أثار حفيظة الغرب، الذي ألقى بكل ثقله للإطاحة به! بهدف القضاء على التعاون بين تركيا وروسيا، ودعم منافسه «كمال كليجدار أوغلو»، الذي وعد بإلغاء الكثير من سياسات «أوردغان» الاقتصادية والسياسية! والعودة إلى النظام البرلماني السابق»! وإعادة اللاجئين السوريين (3,6 ملايين لاجئ سوري) إلى بلدهم! والأهم من كل ذلك هو (تقوية العلاقات مع الغرب) أكثر مما كانت في زمن أردوغان، وهو ذو النهج العلماني - الأتاتوركي!
{ الأحد الماضي وخلال الجولة الثانية من الانتخابات، فاز «أردوغان» مجدداً بالرئاسة، ما اعتبره المحللون أنه انتصار كبير لـ«بوتين»! وبنفس الوقت فشل ذريع للاتحاد الأوروبي و«النخبة العالمية» التي سعت بقوة إلى انتصار منافسه «كمال أوغلو»! ومع إعلان «أردوغان» فوزه برئاسة تركيا في مؤتمر شعبي أمام أنصاره، بدد أحلام كل الذين راهنوا على منافسه الانتخابي قائلاً (وداعا كمال) ثلاث مرات! بعد أن عاشت تركيا خلال الانتخابات بجولتيها حالة استقطاب شديد، ما بين أنصار «أردوغان» الذي دعمه «محافظون دينيون» وقوميون، وأنصار «كمال كليجدار أوغلو» الذي كان يدعمه علمانيون بينهم قوميون! وبلغ تبادل التهم في الأيام الأخيرة أشده.
{ مع عودة «أردوغان» إلى الحكم والرئاسة، وهي العودة التي تمدد حكمه إلى (عقد ثالث) مع أغلبية برلمانية من حزبه (العدالة والتنمية)، فإنه وحزبه يواجهان كل تراكمات الوضع التركي، بما يستدعي التفكير المختلف في طريقة الحكم السابقة، في ظل تساؤلات وقلق الشعب التركي عن السياسة الاقتصادية، وقد بلغ التضخم 44%، إلى جانب ارتفاع تكاليف المعيشة، ووصول - «الليرة التركية» أدنى مستوياتها، وتراجع احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية «إلى أدنى مستوى منذ عام 2002! ولعل فارق (مليوني صوت بينه وبين منافسه يضع أمام «أردوغان» وقائمته الجديدة المسؤولية أمام الثقة الشعبية، في إنجازها ما وعد به أثناء الانتخابات، خاصة في ظل ظروف تبدو جديدة على السياسة الأردوغانية «وهي تصاعد احتمالات العداء والضغوط الغربية على حكمة رغم انتصاره بالرئاسة!
{ مسار السياسات الخارجية، التي تبدو أنها متجهة إلى دعم «التعددية القطبية»، ربما تحتم على أردوغان» مواصلة التقارب مع روسيا والصين أكثر ومع العرب أيضاً! وهو الذي اتسم حكمه سابقا باستعراض القوة العسكرية التركية في الشرق الأوسط، والتدخل في الشؤون العربية بدعم «الإخوان» للوصول إلى السلطة، وشنّ أربع عمليات توغل في سوريا! وحملات عسكرية داخل العراق، ودعم عسكري في ليبيا! مما يجعله اليوم مدعو إلى فتح صفحة جديدة وحقيقية في العلاقة مع العرب، خاصة السعودية ومصر، بعد حملات العداء «الإخوانية» المدعومة من جانبه ضدهما، إن أراد الإسهام في عودة الاستثمارات العربية القوية إلى بلاده! ولتحقيق ما قال بعد انتصاره في الجولة الثانية إنه (سيواصل الطريق من أجل تركيا موحدة) معلنا أن (عهد الانقلابات والمجالس العسكرية قد ولّى) ناسباً استقرار تركيا إلى نظام حكمه، فإن ذلك وغيره من شؤون الإصلاح الداخلي، يستوجب الإصلاح الحقيقي في مسار علاقاته الخارجية مع المنطقة العربية! والتخلي نهائياً عن «الحلم العثماني» الذي راوده تحقيقه على يد «الإخوان»، الذين يواجهون اليوم سقوطاً كبيراً في كل دول المنطقة! هل ستكون رئاسة «أردوغان» الجديدة، تحولاً نوعياً في ملفات كثيرة بقيت عالقة، وعمل مؤخراً فقط على تعديلها؟!
وهل أغلب العرب أرادوا عودته رغم سياساته السابقة الخاطئة ضد دولهم، ولأن منافسه «كمال أوغلو» أبدى انحيازاً للغرب، بما عُرف عن هذا الغرب من استخدام تركيا في العقد السابق، لتنفيذ أجندة الفوضى في الدول العربية؟! ربما!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك