الخرطوم – الوكالات: شهدت الخرطوم معارك محتدمة أمس على الرغم من موافقة كل من الطرفين المتصارعين في السودان، أي الجيش وقوات الدعم السريع، على إرسال ممثلين عنهما إلى السعودية لإجراء محادثات حول هدنة جديدة.
وكما يجري منذ اندلاع شرارة المواجهة في 15 أبريل، أفاد شهود عيان من سكان العاصمة السودانية وكالة فرانس برس عن سماع دوي قصف، في ظل معاناتهم من انقطاع المياه والكهرباء ومن نقص مخزون الطعام والمال.
وشنت طائرات تابعة للجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان أمس ضربات جوية في حي الرياض بالخرطوم.
ويأتي ذلك مع شروع الطرفين المتحاربين بمباحثات في جدة بوساطة سعودية-أمريكية، يؤمل منها إبرام وفق لإطلاق النار يحترمه الطرفان بعدما فشلت في الأسابيع الماضية كل محاولات التهدئة الميدانية بينهما.
وكتب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عبر تويتر «نرحب اليوم بوجود ممثلين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، للحوار حول الأوضاع في وطنهم». وتابع «نأمل أن يقود هذا الحوار إلى إنهاء الصراع، وانطلاق العملية السياسية، وعودة الأمن والاستقرار إلى جمهورية السودان».
وكانت الرياض وواشنطن أعلنتا في بيان مشترك ليل الجمعة السبت «بدء محادثات أولية» في جدة بين ممثلي الجيش وقوات الدعم، وحضّتا الطرفين على «الانخراط الجاد» فيها حتى التوصل إلى «وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع».
وأكد الجيش السوداني في بيان أن المحادثات ستتناول «تفاصيل الهدنة» التي تمّ التوصل إليها وتجديدها أكثر من مرة لكن من دون أن يتم الالتزام بها.
وأوضح المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبد الله أمس أن «المناقشات تدور حول الهدنة وكيف يتم تفعيلها بطريقة صحيحة لكي تخدم الجوانب الإنسانية».
وشدد لفرانس برس على أن وفد القوات المسلحة ذهب الى جدة «ليناقش موضوع الهدنة، كيف يتم تنفيذها، كيف تسري على الأرض بطريقة تسهّل حياة الناس لم نتطرق إلى مواضيع أخرى».
وكان قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو قد شكر من جهته السعودية «لاستضافتها هذه المحادثات» بينما أمل الوزير المدني السابق خالد عمر يوسف، الذي أقيل أثناء الانقلاب، في «حل سياسي شامل».
وتأتي هذه المحادثات بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية، وأخرى إفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر منظمة «الهيئة الحكومية للتنمية» (ايجاد)، لم تثمر. ونددت «إيجاد» أمس بخرق الهدنة.
وأمس أيضا، تبادل طرفا النزاع الاتهام بالوقوف خلف هجوم طال موكب السفير التركي في الخرطوم، من دون أن يتّضح ما إذا كان تسبب بسقوط ضحايا.
ومن المقرر أن يبحث اليوم وزراء الخارجية العرب «الملف السوداني».
وأسفرت المعارك الضارية المستمرة منذ 22 يوما عن سقوط 700 قتيل وخمسة آلاف جريح فضلا عن نزوح 335 ألف شخص ولجوء 115 ألفا إلى الدول المجاورة.
والجمعة وحده، أوقعت المعارك 16 قتيلا بين المدنيين من بينهم 12 في الأبيض (300 كيلومتر جنوب الخرطوم)، وفق نقابة الأطباء.
وكان موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس أكد خلال الأيام الماضية استعداد الطرفين «لبدء محادثات فنية» حول ترتيبات وقف النار، مشيرا إلى السعودية كمكان محتمل لاستضافتها.
وأوضح أن المفاوضات السياسية حول مستقبل البلاد التي خرجت في عام 2019 من ثلاثة عقود من الحكم المتسلّط لنظام الرئيس السابق عمر البشير، لن تكون ممكنة إلا بعد وقف نار حقيقي.
ومع استمرار المعارك، قرعت الأمم المتحدة الجمعة جرس الإنذار حيال إمكان معاناة 19 مليون شخص الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك