الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حدث لم يتكرر منذ 70 عاما
ما شاهده وتابعه العالم بالأمس في حفل تتويج جلالة الملك تشارلز الثالث، حدث لم يتكرر منذ 70 عاما، وحضره أكثر من 2000 شخصية دولية، وتابعه ملايين المشاهدين في العالم، والذي توقف بكل إجلال وانبهار ومهابة للتقاليد البريطانية العريقة، خاصة في المراسم التتويج، بجانب الخطاب الملكي الذي يشير إلى عهد بريطاني جديد، فضلا عن مشهد مؤثر وفاعل في آلية انتقال السلطة بشكل سلمي دستوري وأعراف وتقاليد متميزة وفريدة.
حفل التتويج أقيم في كاتدرائية وستمنستر بلندن، والتي شهدت تتويج ملكات وملوك بريطانيا منذ عام 1066، حيث شهدت 38 حفل تتويج، والتي تمر بعدد من المراحل، منها: (الاعتراف) حيث يهتف الحضور «حفظ الله الملك» وتنطلق الأبواق، ثم مرحلة (القسم) حيث يقسم الملك على احترام القانون وكنيسة إنجلترا، ثم مرحلة (المسحة) حيث يقوم رئيس الأساقفة بمسح يدي الملك وصدره ورأسه بالزيت المقدس المصنوع وفقا لوصفة سرية، ثم مرحلة (التنصيب) حيث يُمنح الملك أدوات الدولة بما في ذلك «الجرم السماوي الملكي» الذي يمثل السلطة الدينية والأخلاقية، و«الصولجان» الذي يمثل القوة ويرمز للعدل والرحمة، ثم يضع رئيس الأساقفة «تاج القديس إدوارد» على رأس الملك، ثم مرحلة (الجلوس والإجلال) حيث ينتقل الملك تشارلز إلى كرسي العرش وينحني أعضاء مجلس اللوردات أمام الملك إجلالا له، وبعدها تُمسح الملكة القرينة بنفس الطريقة وتُتوج.
«أعلم أن حياتي ستتغير.. لكن العمل الخيري سيستمر».. تلك العبارة التي قالها جلالة الملك تشارلز الثالث ذات يوم، والتي تؤكد حرصه على العمل الخيري والإنساني، منذ أن كان وليا للعهد لبريطانيا وأميرا لويلز.
وقد كشفت التقارير الإعلامية أنه قام بالتبرع بالأموال والهدايا التي تلقتها العائلة المالكة البريطانية، بمناسبة رحيل الملكة إليزابيث الثانية، وأن الجزء الأكبر من الأموال المقدمة من الملك تشارلز تم التبرع به لصالح المؤسسات الخيرية التي تقدم الإغاثة وتوفر الاحتياجات الأساسية للأفراد الأكثر فقرا واحتياجا في المملكة المتحدة وخاصة بنوك الطعام، بل أن الملك تشارلز أطلق مبادرة خيرية جديدة، عبر تشجيع الأفراد بالتطوع للعمل الخيري، كجزء من مشاركتهم في احتفالات التتويج.
ولا شك أن مشاركة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، في حفل التتويج، يؤكد عمق ومتانة العلاقات البحرينية البريطانية الممتدة لأكثر من 200 عام، وتميز علاقات الصداقة التاريخية بين العائلتين الملكيتين، والزيارات المتبادلة، والتقارب في الاهتمامات والهوايات المشتركة، الذي أسهم في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات.
ولا ننسى أنه في ديسمبر 2022 دشن مركز «دراسات» كتابا بعنوان «جوانب من العلاقات البحرينية البريطانية في عهد حاكم البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة 1932 – 1942م»، واليوم لدينا ما يقارب 200 وكالة من الوكالات السياحية والاستثمارية، وأكثر من 2000 طالب بحريني يتلقون تعليمهم في بريطانيا، ووجود نحو 7 آلاف بريطاني يعملون في البحرين باعتبارهم أكبر جالية أوروبية، فضلا عن التبادل التجاري والاقتصادي، والتعاون الأمني والعسكري، والعديد من مسارات التعاون التنموية.
لذلك كله، ولكثير غيره.. يأتي حفل التتويج البريطاني باعتباره حدثا عالميا استثنائيا، يستحق التوقف عنده، والاستفادة منه، والبناء عليه، من أجل مستقبل زاهر من العلاقات والتعاون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك