الخرطوم – الوكالات: غارات جوية وإطلاق نار وانفجارات عصفت بالخرطوم أمس على الرغم من هدنة جديدة مدة 72 ساعة وافق عليها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فيما حذرت الأمم المتحدة من أن السودان بات على شفا «كارثة» إنسانية صحية.
أفاد سكان في الخرطوم أنهم استيقظوا أمس على هدير «الطائرات المقاتلة»، في حين تحدث آخرون عن سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في مناطق مختلفة من العاصمة التي يناهز تعدادها خمسة ملايين نسمة.
أتى ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل الأحد الاثنين.
إلا أن الهدنة الأخيرة بقيت هشّة كغيرها من محاولات التهدئة التي تمّ التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 أبريل والذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة أو النزوح.
ويرى الخبراء أن اتفاقات وقف النار تهدف خصوصا إلى ضمان أمن طرق إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية التي تقودها أطراف خارجية في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر.
ويبدو أن كل محاولات الحلّ تصطدم بصراع النفوذ الشخصي بين البرهان ودقلو المعروف بحميدتي، واللذين أطاحا معا عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ الاطاحة بنظام الرئيس عمر البشير عام 2019.
ودقت الأمم المتحدة جرس الإنذار من تحوّل الوضع إلى مأساة إنسانية. وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن «الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين»، مبديا «قلقه الكبير».
وأضاف أن الأمين العام أنطونيو جوتيريش قرر أن يرسل «فورا الى المنطقة» رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن جريفيث «في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان».
وأكد جريفيث أنه في طريقه الى المنطقة «لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية»، معتبرا أن «الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة» في بلاد كانت تعدّ من الأكثر فقرا في العالم حتى قبل تفجر النزاع الأخير.
وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها «استنزف غالبية مخزوناتنا».
وفي بلد كان ثلث سكانه يعانون من من الجوع قبل اندلاع الحرب، قرر برنامج الأغذية العالمي أن يستأنف «أنشطته فورا» بعد تعليقها عقب مقتل ثلاثة من موظفيه خلال الأيام الأولى للنزاع.
تحولت الأزمة الصحية التي كان يعانيها السودان قبل اندلاع القتال منتصف الشهر الماضي الى «كارثة بكل معنى الكلمة»، بحسب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط أحمد المنظري.
أوضح المنظري أن قبل المعارك الأخيرة «مرّ النظام الصحي في السودان كما هو معروف بسنوات من الأزمات المختلفة مما عرّضه للكثير من الهشاشة والضعف الحقيقي، ضعف بكل ما تعنيه الكلمة من حيث البنى التحتية، أي المستشفيات أو مراكز رعاية صحية أولية بمختلف مستوياتها في عموم السودان».
وتابع «هناك فعلا نقص حقيقي في الكادر الطبي وخصوصا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين.. وخصوصا الكادر الطبي المتخصص على سبيل المثال في الجراحة والتخدير».
وأشار الى أن «23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها».
أسفرت المعارك عما لا يقل عن 528 قتيلًا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.
وأدت المعارك إلى نزوح داخلي وخارجي. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية إفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وجنوب السودان. وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أبدت خشيتها من أن تدفع المعارك لفرار ما يصل الى 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان.
وتطال الاشتباكات 12 من الولايات الـ 18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.
ويضطر سكان العاصمة غير القادرين على مغادرتها إلى الاحتماء من إطلاق النار والقصف لكنهم يواجهون ظروفا تزداد صعوبة في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ المواد التموينية والمياه والوقود.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك