العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عربية ودولية

السودان على شفا «كارثة إنسانية» مع عدم ظهور بادرة للتهدئة

الثلاثاء ٠٢ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

الخرطوم‭ ‬‭ ‬الوكالات‭: ‬غارات‭ ‬جوية‭ ‬وإطلاق‭ ‬نار‭ ‬وانفجارات‭ ‬عصفت‭ ‬بالخرطوم‭ ‬أمس‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هدنة‭ ‬جديدة‭ ‬مدة‭ ‬72‭ ‬ساعة‭ ‬وافق‭ ‬عليها‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬فيما‭ ‬حذرت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬السودان‭ ‬بات‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬‮«‬كارثة‮»‬‭ ‬إنسانية‭ ‬صحية‭. ‬

أفاد‭ ‬سكان‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬أنهم‭ ‬استيقظوا‭ ‬أمس‭ ‬على‭ ‬هدير‭ ‬‮«‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تحدث‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬سماع‭ ‬أصوات‭ ‬انفجارات‭ ‬وإطلاق‭ ‬رصاص‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬التي‭ ‬يناهز‭ ‬تعدادها‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭. ‬

أتى‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬الجيش‭ ‬بقيادة‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬البرهان‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬بقيادة‭ ‬محمد‭ ‬حمدان‭ ‬دقلو،‭ ‬موافقتهما‭ ‬على‭ ‬تمديد‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬منتصف‭ ‬ليل‭ ‬الأحد‭ ‬الاثنين‭. ‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الهدنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بقيت‭ ‬هشّة‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬التهدئة‭ ‬التي‭ ‬تمّ‭ ‬التوافق‭ ‬عليها‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬النزاع‭ ‬بين‭ ‬الحليفين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أبريل‭ ‬والذي‭ ‬أغرق‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬حصدت‭ ‬مئات‭ ‬القتلى‭ ‬ودفعت‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬للمغادرة‭ ‬أو‭ ‬النزوح‭. ‬

ويرى‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬اتفاقات‭ ‬وقف‭ ‬النار‭ ‬تهدف‭ ‬خصوصا‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬أمن‭ ‬طرق‭ ‬إجلاء‭ ‬الرعايا‭ ‬الأجانب،‭ ‬والسماح‭ ‬بمواصلة‭ ‬بعض‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬أطراف‭ ‬خارجية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رفض‭ ‬القائدين‭ ‬العسكريين‭ ‬التواصل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭. ‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬الحلّ‭ ‬تصطدم‭ ‬بصراع‭ ‬النفوذ‭ ‬الشخصي‭ ‬بين‭ ‬البرهان‭ ‬ودقلو‭ ‬المعروف‭ ‬بحميدتي،‭ ‬واللذين‭ ‬أطاحا‭ ‬معا‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬بشركائهما‭ ‬المدنيين‭ ‬بعدما‭ ‬تقاسما‭ ‬السلطة‭ ‬معهم‭ ‬منذ‭ ‬الاطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الرئيس‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬

ودقت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬من‭ ‬تحوّل‭ ‬الوضع‭ ‬إلى‭ ‬مأساة‭ ‬إنسانية‭. ‬وقال‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬ستيفان‭ ‬دوجاريك‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬تحصل‭ ‬بنطاق‭ ‬وسرعة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقين‮»‬،‭ ‬مبديا‭ ‬‮«‬قلقه‭ ‬الكبير‮»‬‭. ‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬‮«‬فورا‭ ‬الى‭ ‬المنطقة‮»‬‭ ‬رئيس‭ ‬الوكالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬مارتن‭ ‬جريفيث‭ ‬‮«‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التدهور‭ ‬السريع‭ ‬للأزمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬السودان‮»‬‭. ‬

وأكد‭ ‬جريفيث‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬الى‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬لدراسة‭ ‬كيف‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقدّم‭ ‬مساعدة‭ ‬فورية‮»‬،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬الانساني‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬اللاعودة‮»‬‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬كانت‭ ‬تعدّ‭ ‬من‭ ‬الأكثر‭ ‬فقرا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬تفجر‭ ‬النزاع‭ ‬الأخير‭. ‬

وحذّر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬النهب‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬مكاتب‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومستودعاتها‭ ‬‮«‬استنزف‭ ‬غالبية‭ ‬مخزوناتنا‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬بلد‭ ‬كان‭ ‬ثلث‭ ‬سكانه‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب،‭ ‬قرر‭ ‬برنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي‭ ‬أن‭ ‬يستأنف‭ ‬‮«‬أنشطته‭ ‬فورا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تعليقها‭ ‬عقب‭ ‬مقتل‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬موظفيه‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬للنزاع‭. ‬

تحولت‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعانيها‭ ‬السودان‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬القتال‭ ‬منتصف‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬الى‭ ‬‮«‬كارثة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬المدير‭ ‬الإقليمي‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شرق‭ ‬المتوسط‭ ‬أحمد‭ ‬المنظري‭. ‬

أوضح‭ ‬المنظري‭ ‬أن‭ ‬قبل‭ ‬المعارك‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬مرّ‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬بسنوات‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬المختلفة‭ ‬مما‭ ‬عرّضه‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الهشاشة‭ ‬والضعف‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ضعف‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬البنى‭ ‬التحتية،‭ ‬أي‭ ‬المستشفيات‭ ‬أو‭ ‬مراكز‭ ‬رعاية‭ ‬صحية‭ ‬أولية‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬السودان‮»‬‭. ‬

وتابع‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬فعلا‭ ‬نقص‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬الكادر‭ ‬الطبي‭ ‬وخصوصا‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوعين‭ ‬الماضيين‭.. ‬وخصوصا‭ ‬الكادر‭ ‬الطبي‭ ‬المتخصص‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬في‭ ‬الجراحة‭ ‬والتخدير‮»‬‭. ‬

وأشار‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬23%‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬جزئي‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تعمل‭ ‬16%‭ ‬فقط‭ ‬بكامل‭ ‬طاقتها‮»‬‭. ‬

أسفرت‭ ‬المعارك‭ ‬عما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬528‭ ‬قتيلًا‭ ‬و4599‭ ‬جريحا،‭ ‬وفق‭ ‬أرقام‭ ‬أعلنتها‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬السودانية‭ ‬السبت،‭ ‬في‭ ‬حصيلة‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أعلى‭. ‬

وأدت‭ ‬المعارك‭ ‬إلى‭ ‬نزوح‭ ‬داخلي‭ ‬وخارجي‭. ‬وبحسب‭ ‬تقديرات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬انتقل‭ ‬75‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وعبر‭ ‬20‭ ‬ألفا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬نحو‭ ‬تشاد‭ ‬وستة‭ ‬آلاف‭ ‬نحو‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وغيرهم‭ ‬إلى‭ ‬إثيوبيا‭ ‬وجنوب‭ ‬السودان‭. ‬وكانت‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬أبدت‭ ‬خشيتها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬المعارك‭ ‬لفرار‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬270‭ ‬ألفا‭ ‬نحو‭ ‬تشاد‭ ‬وجنوب‭ ‬السودان‭. ‬

وتطال‭ ‬الاشتباكات‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬الـ‭ ‬18‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬45‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭. ‬

ويضطر‭ ‬سكان‭ ‬العاصمة‭ ‬غير‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬مغادرتها‭ ‬إلى‭ ‬الاحتماء‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والقصف‭ ‬لكنهم‭ ‬يواجهون‭ ‬ظروفا‭ ‬تزداد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انقطاع‭ ‬الكهرباء‭ ‬وشحّ‭ ‬المواد‭ ‬التموينية‭ ‬والمياه‭ ‬والوقود‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا