عالم يتغير
فوزية رشيد
السودان والخطر البيولوجي وغيره!
{ «منظمة الصحة العالمية» تحذر من خطر بيولوجي في السودان، بعد استيلاء مقاتلين على (مختبر صحي) في العاصمة الخرطوم! وهو الأمر الذي قاله أيضا مصدر طبي في السودان للـ CNN العربية مؤكداً (الخطر يكمن في اندلاع أية مواجهة مسلحة في المختبر، لأن ذك سيحوّل المعمل إلى «قنبلة جرثومية»)! وأضاف المصدر الطبي: «مطلوب تدخّل دولي عاجل وسريع لإعادة الكهرباء وتأمين المختبر، ضد أية مواجهة لأننا نواجه الآن خطراً بيولوجيا حقيقيا»!
{ والسؤال ما قصة هذا المختبر الذي هو مختبر للجراثيم والأمراض في السودان، بل وفي العاصمة الخرطوم؟! وإذا كانت «منظمة الصحة العالمية» على علم بوجود هذا المختبر، لماذا لم يتم تحصينه في اليوم الأول من اندلاع المواجهة العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع وقبل استيلاء الأخير عليه؟! وهل هذا المختبر في السودان امتداد لعشرات المختبرات المنتشرة في العالم، والتي تموّلها إحدى القوى الكبرى، كما كشفت التقارير الروسية حول «مختبرات أوكرانيا البيولوجية»؟! وهل هو مختبر صحي أم مختبر بيولوجي كما اتضح من التقارير، تم فيه (تخزين جراثيم أمراض) وأصبح القلق الحقيقي هو من تسربها بعد استيلاء مقاتلين على المختبر؟!
{ غريب ما يحدث في السودان منذ اندلاع المواجهة العسكرية في 15 أبريل، وحيث كانت المواجهة مفاجئة، في ظل تدهور الوضع السياسي العام في السودان، وتدهور البنية التحتية بكاملها، ما جعل الناس (سودانيين ومقيمين) يفرون منها خلال الأيام الماضية مع ازدياد نفاد الطعام والمياه والكهرباء وانتشار الجثث في العاصمة وإغلاق المستشفيات! وفوق ذلك جاءت التحذيرات الأخيرة من «خطر بيولوجي كبير» وتحوّل المعمل أو «المختبر الجرثومي» إلى قنبلة جرثومية!، في ظل تدهور النظام الصحي وانهياره، ونهب وتدمير الصيدليات ومصانع الأدوية!
وإذا كان النظام الصحي ينهار فكيف سيتم تحصين «المعمل الجرثومي» ومنع تسرّب الجراثيم عن قصد أو غير قصد!، حتى لا تنتشر الأوبئة في السودان ومنها الكوليرا والحصبة وشلل الأطفال، وما لم يتم إعلانه من مخزون الجراثيم الأخرى!؟
{ إنه التهديد بالكارثة الصحية التي يصعب السيطرة عليها! إلى جانب بوادر كارثة الحرب الأهلية، والتشرذم السياسي وخطر الصراع على وحدة الأراضي السودانية، من دون نسيان خطر (السدّ الإثيوبي) الذي بدوره يشكّل تهديداً كبيراً سواء للسودان أو مصر!
ولكأن الصورة امتلأت فجأة بكل مكونات عدم التفاؤل لتهيئة السودان والمناطق المجاورة لحدث أو أحداث قد تجعل من هذا البلد الغني بموارده، والفقير بنمط إدارته لتلك الموارد والسياسات الفاشلة، بؤرة توتر إقليمي وإفريقي قد يطال دولاً عربية وإفريقية أخرى، في خضّم الصراع الدائر بين القوى الكبرى!
{ ولذلك فإن عمليات النهب والتدمير وانهيار النظام بكل مؤسساته، في ظل التدخلات الخارجية، قد يجعل المواجهة بين «الجيش وقوات الدعم السريع» مجرد بداية لانهيار الجيش السوداني، لتنفلت حبات المسبحة كلها، وتتهيأ الأرضية لدخول بلد عربي آخر «مرحلة الفشل» كما حدث في دول عربية أخرى مع «مخطط الشرق الأوسط الكبير» الذي يبدو أنه متربصّ ببلدان المنطقة العربية واحدة تلو الأخرى، إذا لم يلتفت العرب سريعاً إلى ما يحدث في السودان، قبل وقوع الطامة الكبرى! خاصة في ظل تعدد الانقسامات القبلية والدينية والعرقية، بما يجعل العبث الخارجي بها من السهولة بمكان!
{ إن السودان بشعبه وقواه السياسية والعسكرية والمدنية والثقافية، مطالبون جميعاً اليوم بتغليب المصلحة الوطنية ومستقبل وطنهم ووحدة أراضيهم على أية مصالح أخرى أيا كانت! وعلى الدول العربية ممثلة في كيان «الجامعة العربية» أن تقف هذه المرة موقفاً صلباً للتاريخ من الأحداث الجارية في السودان، حتى لا يضيع بلد عربي آخر، تصعب بعد ذلك معالجة ما سيتسبّب به لنفسه وللمنطقة من تداعيات خطيرة ونوعية، خاصة في ظل انقسام المجتمع الدولي وصراع أطرافه وقواه الكبرى! مع بعضها وحيث أحد أهم بؤر ذلك الصراع الدولي هو المنطقة العربية! ولذلك فإن الموقف الشعبي والعسكري السوداني، والموقف العربي لابدّ أن ينتصر للمصالح الوطنية السودانية، والمصلحة الأخرى التي هي امتداد طبيعي لها، أي مصلحة «الأمن القومي العربي»، لكي لا يتكرر ما حدث مع دول عربية أخرى، وقع الفأس فيها على الرأس، مثل العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن وغيرها! فهل سيتحرك السودانيون للانتصار لوطنهم؟! وهل سيتحرك العرب بنجاح لحماية السودان والمنطقة من التداعيات الأخطر؟! نتمنى!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك