العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

السودان والخطر البيولوجي وغيره!

{‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬بيولوجي‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬بعد‭ ‬استيلاء‭ ‬مقاتلين‭ ‬على‭ (‬مختبر‭ ‬صحي‭) ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الخرطوم‭! ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قاله‭ ‬أيضا‭ ‬مصدر‭ ‬طبي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬للـ‭ ‬CNN‭ ‬العربية‭ ‬مؤكداً‭ (‬الخطر‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬أية‭ ‬مواجهة‭ ‬مسلحة‭ ‬في‭ ‬المختبر،‭ ‬لأن‭ ‬ذك‭ ‬سيحوّل‭ ‬المعمل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قنبلة‭ ‬جرثومية‮»‬‭)! ‬وأضاف‭ ‬المصدر‭ ‬الطبي‭: ‬‮«‬مطلوب‭ ‬تدخّل‭ ‬دولي‭ ‬عاجل‭ ‬وسريع‭ ‬لإعادة‭ ‬الكهرباء‭ ‬وتأمين‭ ‬المختبر،‭ ‬ضد‭ ‬أية‭ ‬مواجهة‭ ‬لأننا‭ ‬نواجه‭ ‬الآن‭ ‬خطراً‭ ‬بيولوجيا‭ ‬حقيقيا‮»‬‭!‬

{‭ ‬والسؤال‭ ‬ما‭ ‬قصة‭ ‬هذا‭ ‬المختبر‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬مختبر‭ ‬للجراثيم‭ ‬والأمراض‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬العاصمة‭ ‬الخرطوم؟‭! ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بوجود‭ ‬هذا‭ ‬المختبر،‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحصينه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬وقبل‭ ‬استيلاء‭ ‬الأخير‭ ‬عليه؟‭! ‬وهل‭ ‬هذا‭ ‬المختبر‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬امتداد‭ ‬لعشرات‭ ‬المختبرات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والتي‭ ‬تموّلها‭ ‬إحدى‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬التقارير‭ ‬الروسية‭ ‬حول‭ ‬‮«‬مختبرات‭ ‬أوكرانيا‭ ‬البيولوجية»؟‭! ‬وهل‭ ‬هو‭ ‬مختبر‭ ‬صحي‭ ‬أم‭ ‬مختبر‭ ‬بيولوجي‭ ‬كما‭ ‬اتضح‭ ‬من‭ ‬التقارير،‭ ‬تم‭ ‬فيه‭ (‬تخزين‭ ‬جراثيم‭ ‬أمراض‭) ‬وأصبح‭ ‬القلق‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬تسربها‭ ‬بعد‭ ‬استيلاء‭ ‬مقاتلين‭ ‬على‭ ‬المختبر؟‭!‬

{‭ ‬غريب‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أبريل،‭ ‬وحيث‭ ‬كانت‭ ‬المواجهة‭ ‬مفاجئة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وتدهور‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬بكاملها،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الناس‭ (‬سودانيين‭ ‬ومقيمين‭) ‬يفرون‭ ‬منها‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬نفاد‭ ‬الطعام‭ ‬والمياه‭ ‬والكهرباء‭ ‬وانتشار‭ ‬الجثث‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬وإغلاق‭ ‬المستشفيات‭! ‬وفوق‭ ‬ذلك‭ ‬جاءت‭ ‬التحذيرات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬‮«‬خطر‭ ‬بيولوجي‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬وتحوّل‭ ‬المعمل‭ ‬أو‭ ‬‮«‬المختبر‭ ‬الجرثومي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬قنبلة‭ ‬جرثومية‭!‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تدهور‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬وانهياره،‭ ‬ونهب‭ ‬وتدمير‭ ‬الصيدليات‭ ‬ومصانع‭ ‬الأدوية‭!‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬ينهار‭ ‬فكيف‭ ‬سيتم‭ ‬تحصين‭ ‬‮«‬المعمل‭ ‬الجرثومي‮»‬‭ ‬ومنع‭ ‬تسرّب‭ ‬الجراثيم‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قصد‭!‬،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تنتشر‭ ‬الأوبئة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬ومنها‭ ‬الكوليرا‭ ‬والحصبة‭ ‬وشلل‭ ‬الأطفال،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إعلانه‭ ‬من‭ ‬مخزون‭ ‬الجراثيم‭ ‬الأخرى‭!‬؟

{‭ ‬إنه‭ ‬التهديد‭ ‬بالكارثة‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بوادر‭ ‬كارثة‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬والتشرذم‭ ‬السياسي‭ ‬وخطر‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬السودانية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نسيان‭ ‬خطر‭ (‬السدّ‭ ‬الإثيوبي‭) ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬يشكّل‭ ‬تهديداً‭ ‬كبيراً‭ ‬سواء‭ ‬للسودان‭ ‬أو‭ ‬مصر‭!‬

ولكأن‭ ‬الصورة‭ ‬امتلأت‭ ‬فجأة‭ ‬بكل‭ ‬مكونات‭ ‬عدم‭ ‬التفاؤل‭ ‬لتهيئة‭ ‬السودان‭ ‬والمناطق‭ ‬المجاورة‭ ‬لحدث‭ ‬أو‭ ‬أحداث‭ ‬قد‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الغني‭ ‬بموارده،‭ ‬والفقير‭ ‬بنمط‭ ‬إدارته‭ ‬لتلك‭ ‬الموارد‭ ‬والسياسات‭ ‬الفاشلة،‭ ‬بؤرة‭ ‬توتر‭ ‬إقليمي‭ ‬وإفريقي‭ ‬قد‭ ‬يطال‭ ‬دولاً‭ ‬عربية‭ ‬وإفريقية‭ ‬أخرى،‭ ‬في‭ ‬خضّم‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭!‬

{‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬عمليات‭ ‬النهب‭ ‬والتدمير‭ ‬وانهيار‭ ‬النظام‭ ‬بكل‭ ‬مؤسساته،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬قد‭ ‬يجعل‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الجيش‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‮»‬‭ ‬مجرد‭ ‬بداية‭ ‬لانهيار‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني،‭ ‬لتنفلت‭ ‬حبات‭ ‬المسبحة‭ ‬كلها،‭ ‬وتتهيأ‭ ‬الأرضية‭ ‬لدخول‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬آخر‭ ‬‮«‬مرحلة‭ ‬الفشل‮»‬‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬‮«‬مخطط‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الكبير‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬متربصّ‭ ‬ببلدان‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬واحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يلتفت‭ ‬العرب‭ ‬سريعاً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬قبل‭ ‬وقوع‭ ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭! ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تعدد‭ ‬الانقسامات‭ ‬القبلية‭ ‬والدينية‭ ‬والعرقية،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬العبث‭ ‬الخارجي‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬بمكان‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬السودان‭ ‬بشعبه‭ ‬وقواه‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬والثقافية،‭ ‬مطالبون‭ ‬جميعاً‭ ‬اليوم‭ ‬بتغليب‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬ومستقبل‭ ‬وطنهم‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيهم‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬مصالح‭ ‬أخرى‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭! ‬وعلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬كيان‭ ‬‮«‬الجامعة‭ ‬العربية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬موقفاً‭ ‬صلباً‭ ‬للتاريخ‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يضيع‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬آخر،‭ ‬تصعب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬معالجة‭ ‬ما‭ ‬سيتسبّب‭ ‬به‭ ‬لنفسه‭ ‬وللمنطقة‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬ونوعية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انقسام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وصراع‭ ‬أطرافه‭ ‬وقواه‭ ‬الكبرى‭! ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬وحيث‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬بؤر‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الموقف‭ ‬الشعبي‭ ‬والعسكري‭ ‬السوداني،‭ ‬والموقف‭ ‬العربي‭ ‬لابدّ‭ ‬أن‭ ‬ينتصر‭ ‬للمصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬السودانية،‭ ‬والمصلحة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬طبيعي‭ ‬لها،‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يتكرر‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬وقع‭ ‬الفأس‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الرأس،‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها‭! ‬فهل‭ ‬سيتحرك‭ ‬السودانيون‭ ‬للانتصار‭ ‬لوطنهم؟‭! ‬وهل‭ ‬سيتحرك‭ ‬العرب‭ ‬بنجاح‭ ‬لحماية‭ ‬السودان‭ ‬والمنطقة‭ ‬من‭ ‬التداعيات‭ ‬الأخطر؟‭! ‬نتمنى‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا