جدة – الوكالات: وصل أمس 65 إيرانيًا بين نحو 1900 شخص تمّ إجلاؤهم من السودان الذي يشهد معارك منذ أسبوعين، على متن سفينة سعودية إلى مدينة جدّة، وهم أوّل مجموعة إيرانيين تنقلهم المملكة منذ بدء عمليات الإجلاء.
ونظّمت الرياض عمليات إجلاء عدة من السودان شملت حتى الآن نحو خمسة آلاف شخص هم سعوديون ومواطنون من أكثر من 96 جنسية، بحسب وزارة الخارجية السعودية.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في تصريح صحفي أمس، أن الخارجية الإيرانية تمكنت من نقل رعاياها من العاصمة الخرطوم إلى بورتسودان ثم جدة، بعد «التنسيق اللازم» بمساعدة السعودية.
وثمن كنعاني «التعاون المؤثر» للسعودية والحكومة السودانية في إجلاء المواطنين الإيرانيين من السودان.
وقال الدبلوماسي الإيراني حسن زرنكار أبرقوئي الذي كان في استقبال الإيرانيين في قاعدة الملك فيصل البحرية في جدّة، لوكالة فرانس برس إن المجموعة التي تضمّ 65 إيرانيًا هي «الأولى» التي يتمّ إجلاؤها من السودان.
من جانبه، قال الإيراني مهرداد مالك زاده (28 عامًا) الذي كان من بين الوافدين من السودان، «صراحةً لم نتخيّل أبدًا أننا سنأتي إلى السعودية عندما سيتمّ إجلاؤنا بسبب جنسيتنا». وأضاف الشاب الذي يعيش منذ صغره في الخرطوم حيث كانت أسرته تدير شركة زيوت للتشحيم، «لحسن الحظ، ساعدوننا حقًا في الخروج، وضعوا خلافاتهم جانبًا وعملوا معًا، لقد أنقذوا أرواحًا».
وشكر زرنكار أبرقوئي الرياض على تعاونها معتبرًا ذلك «مؤشرًا على التعاون القنصلي بين البلدين وكذلك التعاون الإنساني».
وتأتي هذه الخطوة السعودية تجاه إيران بعدما توصلت طهران والرياض، بوساطة بكين، إلى اتفاق في العاشر من الشهر الماضي أنهى سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية، ليعلن الطرفان استئناف العلاقات الدبلوماسية الثنائية في بيان ثلاثي صادر عن بكين بعد ختام مباحثات استمرت أربعة أيام استضافتها الصين من 6 إلى 10 مارس الماضي.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية أمس وصول 20 مواطنًا سعوديًا إلى مدينة جدّة إضافة إلى 1866 شخصًا من أكثر من 65 جنسية.
واندلعت المعارك في السودان في 15 أبريل بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمّد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
ومع تصاعد الدخان الاسود فوق الخرطوم قدم مبعوث للأمم المتحدة بصيصا من الامل اذ قال ان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منفتحان الان بشكل أكبر على المفاوضات وان لم يتحدد موعد لها. ولم يظهر الجانبان حتى الان أي اشارة على التراجع عن موقفهما.
وقال فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان لرويترز انه استشعر تغيرا في مواقف الجانبين مؤخرا وانهما أكثر انفتاحا على المفاوضات.
وأضاف «لم تكن كلمة مفاوضات أو محادثات واردة في خطابيهما خلال الاسبوع الاول أو نحو ذلك».
وقال بيرتس ان الطرفين رشحا ممثلين عنهما للمحادثات التي اقترحت اقامتها اما في جدة أو في جوبا بجنوب السودان لكنه استطرد قائلا ان ثمة سؤالا عمليا حول ما اذا كان بوسعهما الذهاب الى هناك «للجلوس معا فعليا».
وأضاف أن المهمة التي لا تحتمل التأخير هي تطوير آلية لمراقبة وقف اطلاق النار.
وأشار بيرتس الى أنه قال لمجلس الامن الدولي ان كلا الطرفين كان يعتقد أن بوسعه الانتصار في الصراع لكنه أضاف أن المواقف تتغير.
وذكر بيرتس أنه في ظل القاء الطرفين بيانات تقول ان الطرف الاخر عليه «الاستسلام أو الموت» فانهما يقولان أيضا «حسنا اننا نتقبل... شكلا ما من المحادثات».
وتابع «أقر كلاهما بأن هذه الحرب لا يمكن أن تستمر».
وقال رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك في مؤتمر عقده في نيروبي ان الحرب يجب أن تتوقف محذرا من تداعياتها ليس فقط في السودان ولكن في المنطقة.
وقال «هذه دولة ضخمة ومتشعبة للغاية... أعتقد أنها (الحرب) ستكون كابوسا للعالم».
وأضاف «هذه ليست حربا بين جيش وتمرد صغير. انهما تقريبا مثل جيشين مدربين تدريبا جيدا ومسلحين بشكل جيد».
ورغم القصف في الصباح الباكر قال سكان في الخرطوم ومدن مجاورة لها ان حدة القتال انخفضت أمس مقارنة بالأيام القليلة الماضية.
لكن مراسل «العربية/الحدث» أفاد بتجدد الاشتباكات العنيفة عند جسر الحلفايا الذي يربط الخرطوم بحري وأم درمان، إضافة إلى اندلاع الحرائق بالمنطقة الصناعية في بحري.
أيضاً أكد أن الطيران حلق بسماء أم درمان، مشيرا إلى سماع أصوات كثيفة للمضادات الأرضية ودوي انفجارات في شرق المدينة.
كما قال إن هذه الإشتباكات هي الأعنف منذ بدء الاشتباكات في الفتيحاب جنوب أم درمان.
كذلك، أظهرت صور جانباً من المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة جبل أولياء جنوب الخرطوم.
وأدى القتال إلى مقتل 512 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح، وفق الأرقام الرسمية لكن يرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك، ووضعت نظام الرعاية الصحية تحت ضغط هائل للتعامل مع حصيلة متزايدة من الضحايا. ويواجه كثرٌ حالياً نقصاً حاداً في المياه والغذاء والأدوية والوقود إضافة إلى انقطاع الكهرباء والإنترنت.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك