العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

كوميديا السياسة الأمريكية والعجوز اليائس!

{‭ ‬رسميًّا‭ ‬أعلن‭ ‬بايدن‭ ‬ترشحه‭ ‬لولاية‭ ‬ثانية،‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬حتى‭ ‬بلوغه‭ ‬سن‭ ‬86‭ ‬عاما،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬نجاحه‭ ‬بالطبع‭! ‬وهي‭ ‬سابقة‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬انتخب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬رئيسا‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬السن،‭ ‬ولكن‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬يحكمها‭ ‬المعسكر‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لمستها‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الرئيس‭ ‬المطلوب‭! ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬مناسبا‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬أعلن‭ ‬ترشحه‭ ‬في‭ ‬2004‭ ‬وله‭ ‬شعبية‭ ‬تزداد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مقارنته‭ ‬مع‭ ‬بايدن‭!‬

{‭ ‬بايدن‭ ‬بهفواته‭ ‬الكثيرة‭ ‬المصورة‭ ‬والمبثوثة‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الإعلامي‭ ‬العالمي‭ ‬وبما‭ ‬أثير‭ ‬حول‭ ‬سقطاته‭ ‬في‭ ‬الخطابات‭ ‬وعلى‭ ‬سلالم‭ ‬الطائرة‭ ‬والماسك‭ ‬الذي‭ ‬يرتديه‭ ‬أحد‭ ‬آخر‭ ‬وتم‭ ‬انكشاف‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الصور‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نسيانه‭ ‬ورجحان‭ ‬إصابته‭ ‬بالخرف‭ ‬المتقطع،‭ ‬اتهمه‭ ‬الجمهوريون‭ ‬حال‭ ‬ترشحه‭ ‬لولاية‭ ‬ثانية،‭ ‬بالانفصال‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭! ‬حيث‭ ‬قالت‭ ‬زعيمة‭ ‬المعارضة‭ ‬‮«‬رونا‭ ‬ماكدانيال‮»‬‭: (‬بايدن‭ ‬منفصل‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنه‭ ‬بعدما‭ ‬تسبب‭ ‬بأزمة‭ ‬تلو‭ ‬أخرى‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬جديرا‭ ‬بأربع‭ ‬سنوات‭ ‬إضافية‭)! ‬فكيف‭ ‬ستبدو‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬بايدن؟‭! ‬هل‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الجمهوريون‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬القنابل،‭ ‬ومزيداً‭ ‬من‭ ‬المتاجر‭ ‬المنهوبة،‭ ‬ومزيداً‭ ‬من‭ ‬طوابير‭ ‬المهاجرين‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬أم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر؟‭!‬

{‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬قصة‭ ‬انفصاله‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬أنسب‭ ‬شيء‭ ‬للدولة‭ ‬العميقة‭ ‬والمجمع‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري،‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬حيث‭ ‬يسهل‭ ‬إملاء‭ ‬الأوامر‭ ‬والرؤى‭ ‬لتنفيذها،‭ ‬دون‭ ‬إدراك‭ ‬بايدن‭ ‬مخاطرها‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬ككل‭ ‬بسبب‭ ‬التورط‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭!‬

‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬وصفه‭ ‬بـ‭(‬العجوز‭ ‬اليائس‭) ‬الذي‭ ‬سيدمر‭ ‬أمريكا‭ ‬نهائيا،‭ ‬إن‭ ‬حكم‭ ‬لولاية‭ ‬ثانية‭! ‬وقال‭: (‬إن‭ ‬بايدن‭ ‬يرشح‭ ‬نفسه‭ ‬ليكمل‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‭ ‬بأوامر‭ ‬شيطانية‭)! ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ (‬أداة‭ ‬تنفيذ‭ ‬تائهة‭ ‬عن‭ ‬معرفة‭ ‬مآلات‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭)!‬

{‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬قط‭ ‬أن‭ ‬اهتزت‭ ‬صورة‭ ‬أمريكا‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬اهتزت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن‭! ‬لدرجة‭ ‬تحولت‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية،‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬تهكم‭ ‬وسخرية،‭ ‬لتتحول‭ ‬فيها‭ ‬الميلودراما‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬كوميديا‭! ‬وبها‭ ‬فقدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كامل‭ ‬مصداقيتها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأدركت‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬تمادت‭ ‬في‭ ‬اعوجاجها‭ ‬وخطرها‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬العالمي،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إيقاف‭ ‬فصول‭ ‬من‭ ‬مسرحياتها،‭ ‬والتمرد‭ ‬على‭ ‬انفرادها‭ ‬بالهيمنة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬ومصيره‭ ‬ومساراته،‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬عالم‭ ‬تعددي‭ ‬القطبية‭ ‬ينهي‭ ‬المأساة‭/‬الملهاة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وإن‭ ‬بمخاض‭ ‬صعب‭! ‬وكل‭ ‬يوم‭ ‬نرى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التمرد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مسألة‭ ‬الرئاسة‭ ‬والحكم‭ ‬شأنا‭ ‬داخليا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬المهيمن‭ ‬والمتحكم،‭ ‬فإن‭ ‬الرئاسة‭ ‬فيها‭ ‬هي‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬الجميع‭! ‬رغم‭ ‬إدراك‭ ‬هذا‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يحكم‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬واجهة‭ ‬الرئاسة‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬يضع‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخارجية‭! ‬وهو‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬يُشعل‭ ‬الحروب‭ ‬والأزمات‭ ‬والفتن‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬وهو‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬الشوط‭ ‬حتى‭ ‬نهايته،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أوصل‭ ‬الأزمات‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭ ‬تهدد‭ ‬كل‭ ‬سكان‭ ‬المعمورة‭!‬

{‭ ‬وبالتالي‭ ‬سواء‭ ‬جاء‭ ‬بايدن،‭ ‬أو‭ ‬غيره،‭ ‬فإن‭ ‬استراتيجية‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحاكمة‭ ‬وخططها‭ ‬ونوازعها‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬غيرها،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬وتوجهات‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭! ‬حتى‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬خانة‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ - ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬يحاربها‭ ‬بشكل‭ ‬علني،‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬الخطوط‭ ‬الرئيسية‭ ‬المرسومة،‭ ‬وإن‭ ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬خطوطها‭ ‬الفرعية،‭ ‬كما‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬التي‭ ‬أحيطت‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭! ‬ولهذا‭ ‬سواء‭ ‬جاء‭ ‬بايدن‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬فإن‭ ‬المتغير‭ ‬هو‭ ‬النكهة‭ ‬واللمسات،‭ ‬فيما‭ ‬الطبخة‭ ‬الرئيسية‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭! ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تعلمناه‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬المراقبة‭ ‬للسياسات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬طالما‭ ‬بقيت‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬هي‭ ‬المتحكم‭ ‬فيها‭! ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬تحمل‭ ‬للعالم‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستهتار‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالسلم‭ ‬العالمي‭ ‬والاستقرار،‭ ‬إلا‭ ‬إن‭ ‬حدثت‭ ‬معجزة‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا