عالم يتغير
فوزية رشيد
كوميديا السياسة الأمريكية والعجوز اليائس!
{ رسميًّا أعلن بايدن ترشحه لولاية ثانية، للبقاء في البيت الأبيض حتى بلوغه سن 86 عاما، في حال نجاحه بالطبع! وهي سابقة تاريخية في رئاسة الولايات المتحدة، إذ لم يسبق أن انتخب الأمريكيون رئيسا بمثل هذا السن، ولكن بات من المعروف أن الدولة العميقة التي يحكمها المعسكر الصناعي العسكري لها في النهاية لمستها الأخيرة في تحديد الرئيس المطلوب! وقد يكون «بايدن» مناسبا للاستمرار في ولاية ثانية في وجه «ترامب» الذي بدوره أعلن ترشحه في 2004 وله شعبية تزداد في ظل مقارنته مع بايدن!
{ بايدن بهفواته الكثيرة المصورة والمبثوثة على الفضاء الإعلامي العالمي وبما أثير حول سقطاته في الخطابات وعلى سلالم الطائرة والماسك الذي يرتديه أحد آخر وتم انكشاف ذلك في بعض الصور! إلى جانب نسيانه ورجحان إصابته بالخرف المتقطع، اتهمه الجمهوريون حال ترشحه لولاية ثانية، بالانفصال عن الواقع! حيث قالت زعيمة المعارضة «رونا ماكدانيال»: (بايدن منفصل عن الواقع إلى درجة أنه بعدما تسبب بأزمة تلو أخرى يرى نفسه جديرا بأربع سنوات إضافية)! فكيف ستبدو السنوات القادمة من رئاسة بايدن؟! هل كما قال الجمهوريون مزيداً من القنابل، ومزيداً من المتاجر المنهوبة، ومزيداً من طوابير المهاجرين على الحدود، أم ما هو أكثر؟!
{ ربما تكون قصة انفصاله عن الواقع، أنسب شيء للدولة العميقة والمجمع الصناعي العسكري، الذي يحكم السياسة الأمريكية في العالم! حيث يسهل إملاء الأوامر والرؤى لتنفيذها، دون إدراك بايدن مخاطرها سواء على أمريكا نفسها، أو على العالم ككل بسبب التورط الأمريكي في كثير من أزمات هذا العالم!
«ترامب» وصفه بـ(العجوز اليائس) الذي سيدمر أمريكا نهائيا، إن حكم لولاية ثانية! وقال: (إن بايدن يرشح نفسه ليكمل الحرب العالمية الثالثة بأوامر شيطانية)! أي أنه في النهاية (أداة تنفيذ تائهة عن معرفة مآلات القرارات التي يتخذها)!
{ في الواقع لم يحدث قط أن اهتزت صورة أمريكا والسياسة الأمريكية على المستوى الدولي، كما اهتزت في عهد بايدن! لدرجة تحولت فيها تلك السياسة الخارجية والداخلية، إلى مصدر تهكم وسخرية، لتتحول فيها الميلودراما الأمريكية إلى كوميديا! وبها فقدت الولايات المتحدة كامل مصداقيتها في العالم، وأدركت الدول أن مثل هذه السياسة التي تمادت في اعوجاجها وخطرها على السلم العالمي، لابد من إيقاف فصول من مسرحياتها، والتمرد على انفرادها بالهيمنة على العالم ومصيره ومساراته، في اتجاه عالم تعددي القطبية ينهي المأساة/الملهاة الأمريكية، وإن بمخاض صعب! وكل يوم نرى المزيد من التمرد الدولي في هذا الاتجاه!
{ في كل دول العالم قد تكون مسألة الرئاسة والحكم شأنا داخليا لا يعني الدول الأخرى، إلا في أمريكا التي وضعت نفسها في موضع المهيمن والمتحكم، فإن الرئاسة فيها هي محط أنظار الجميع! رغم إدراك هذا الجميع أن من يحكم أمريكا من خلف واجهة الرئاسة هو ذاته الذي يضع السياسات الأمريكية الخارجية! وهو ذاته الذي يُشعل الحروب والأزمات والفتن في العالم! وهو ذاته الذي على استعداد أن يقطع الشوط حتى نهايته، حتى لو أوصل الأزمات إلى الدخول في حرب عالمية ثالثة تهدد كل سكان المعمورة!
{ وبالتالي سواء جاء بايدن، أو غيره، فإن استراتيجية المؤسسة الأمريكية الحاكمة وخططها ونوازعها العسكرية التي لا تعرف غيرها، هي التي تتحكم في النهاية في مسارات وتوجهات أي رئيس! حتى «ترامب» الذي كان استثناء في الخروج عن خانة الدولة العميقة - الأمريكية، التي يحاربها بشكل علني، لا يستطيع الخروج عن الخطوط الرئيسية المرسومة، وإن خرج عن بعض خطوطها الفرعية، كما عمل في فترة رئاسته التي أحيطت بكثير من قيود تلك الدولة العميقة! ولهذا سواء جاء بايدن أو غيره فإن المتغير هو النكهة واللمسات، فيما الطبخة الرئيسية هي ذاتها! هذا ما تعلمناه خلال عقود من المراقبة للسياسات الأمريكية، طالما بقيت الدولة العميقة هي المتحكم فيها! ويبدو أن السنوات القادمة تحمل للعالم المزيد والمزيد من الاستهتار الأمريكي بالسلم العالمي والاستقرار، إلا إن حدثت معجزة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك