فوضى عارمة وفرار مسؤولين من نظام البشير من السجن
الخرطوم – الوكالات: تسود فوضى عارمة في السودان في ظل وقف إطلاق نار هش، تجسّدت في إعلان أحمد هارون، أحد مساعدي الرئيس السابق المعزول عمر البشير، فراره من السجن برفقة مسؤولين سابقين آخرين، بينما أكد الجيش أن البشير نفسه محتجز في مستشفى نُقل اليه قبل بدء القتال بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وأعلن الجيش السوداني في بيان أمس أن الرئيس السابق محتجز في مستشفى تابع للقوات المسلحة نُقل اليه من السجن قبل اندلاع المعارك في 15 أبريل في الخرطوم.
وقال البيان إن البشير كان بين مجموعة «من العسكريين احتجزوا بمستشفى علياء التابع للقوات المسلحة (في أم درمان) نسبة لظروفهم الصحية قبل اندلاع التمرد، ولا يزالون بالمستشفى تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية».
وفي تسجيل نشر مساء الثلاثاء، قال هارون إن سجن كوبر خلا من كل نزلائه من سجناء وحرّاس الأحد 23 أبريل، باستثناء «قلّة لا تتجاوز العشرة» كان هو بينها. وأضاف «بناء على طلب القوة المتبقية من قوة السجون، تحركنا لموقع آخر خارج السجن، تحت حراسة محدودة لا تتعدّى الثلاثة من تلك القوة». وتابع هارون إنه ورفاقه تلقوا وعودا بالإفراج عنهم في اليوم نفسه، لكن ذلك لم يحصل. وبسبب الخطر وتواصل الاشتباكات، «اتخذنا قرارنا الخاص بنا بأن نتحمّل مسؤوليتنا بحماية أنفسنا بأنفسنا».
وكان هارون مسجونا في سجن كوبر في الخرطوم. وهو مطلوب بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» و«إبادة» في إقليم دارفور في غرب السودان. وأطاح الجيش بعمر البشير تحت وطأة احتجاجات شعبية ضخمة ضده في عام 2019، وأوقف مع مساعديه وأبرز أركان نظامه.
وكان البشير يتواجد أيضا في السجن نفسه في 2021، وقّعت السلطات السودانية التي كان يشارك فيها آنذاك مدنيون، اتفاقا مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم البشير ومساعديه، لكن عملية التسليم لم تحصل بعد.
في هذا الوقت، دخل وقف إطلاق النار المبرم في السودان برعاية أمريكية، يومه الثاني، لكنه بقي هشا وسط تقارير لشهود عن ضربات جوية وإطلاق نار. كما تواصلت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من البلاد. وكان الطرفان أعلنا التزامهما بهدنة مدتها 72 ساعة.
وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بخرق وقف النار.
وأفاد مراسل «العربية» و«الحدث» بتجدد الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم. وقال الجيش السوداني إن مجموعات من الدعم السريع تهاجم الآن مقر القيادة العامة بالخرطوم، مضيفاً: «نتصدى لمجموعات الدعم السريع التي تهاجم القيادة العامة ونكبدهم خسائر».
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس من بورتسودان في شرق البلاد، حيث نقلت الأمم المتحدة بعض موظفيها، إن المعارك في محيط «مواقع استراتيجية» في الخرطوم بما في ذلك المطار الدولي، «تواصلت إلى حدّ كبير أو اشتدّت في بعض الحالات».
وقال بيرتيس الثلاثاء «المعارك استؤنفت قرب الحدود التشاديّة، وهناك تقارير متزايدة ومقلقة عن تسلّح قبائل وانضمامها إلى القتال»، مضيفًا أنّ «اشتباكات بين مجموعات مختلفة» اندلعت أيضا في منطقة النيل الأزرق على الحدود الجنوبيّة الشرقيّة مع إثيوبيا.
كما أفاد شهود وكالة فرانس برس باندلاع اشتباكات استُخدمت فيها خصوصا طائرات مقاتلة في ود بنده في غرب كردفان، وهي منطقة على الحدود مع دارفور.
وأفاد شهود بتحليق «طائرات مقاتلة في سماء أم درمان وقيام المضادات الأرضية بالتصدي لها». وأكد آخرون وقوع «اشتباكات بكل أنواع الأسلحة في منطقة سوبا» جنوب شرق الخرطوم. وقال بيرتيس «لا يوجد مؤشر واضح حتى الآن على أن أيا من طرفي النزاع مستعد للتفاوض حقا».
وأكد مسؤول عند معبر القلابات الحدودي بين السودان وإثيوبيا تزايد أعداد العابرين إلى الجانب الاثيوبي منذ أن بدأت عمليات إجلاء الأجانب. وقال «عبر حتى الآن ستة آلاف من جنسيات مختلفة والنسبة الأكبر تحمل الجنسية التركية، كما عبر مئات السودانيين الذين يعملون في دول خليجية كانوا في إجازات عندما وقعت الأحداث». وقدّرت الأمم المتحدة أن 270 ألف شخص يمكن أن يفروا الى تشاد وجنوب السودان المجاورين.
وأعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة أنّ سفينة تقلّ 1687 مدنيّاً من أكثر من 50 دولة فرّوا من العنف في السودان وصلت إلى السعوديّة أمس، في أكبر عمليّة إنقاذ من نوعها تُنفّذها المملكة حتّى الآن.
كما وصلت ليلا الى فرنسا طائرة تقلّ 245 مواطنا فرنسيا وأجنبيا. وأجلت النرويج 22 من مواطنيها في طائرة عسكرية.
كما وصلت طائرة نقل عسكرية بريطانية إلى قبرص وعلى متنها فارون من السودان.
ويعاني السكان الذين بقوا في الخرطوم من انقطاع في المياه والكهرباء ووسط نقص فادح في المواد الغذائية، وانقطاعات متكرّرة في الهاتف والإنترنت.
وخلّفت المعارك أكثر من 459 قتيلا وما يزيد على أربعة آلاف جريح، وفقا للأمم المتحدة.
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس أمس إن المنظمة تتوقع «الكثير» من الوفيات الاخرى في السودان بسبب تفشي الامراض ونقص الخدمات الضرورية في ظل القتال العنيف.
وقال تيدروس: «بالاضافة الى الوفيات والاصابات الناجمة عن النزاع نفسه تتوقع منظمة الصحة العالمية الكثير من الوفيات الأخرى بسبب تفشي الامراض ونقص الغذاء والمياه وتعطل الخدمات الصحية الضرورية بما في ذلك التطعيم». وأوضح أن 16 بالمائة فقط من المرافق الصحية تعمل في العاصمة السودانية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك