عالم يتغير
فوزية رشيد
أبعدوا السودان عن التدويل والتقسيم!
{ الأحداث في السودان تذهب إلى مزيد من التعقيد وسط السيناريوهات المطروحة سواء باستمرار المواجهة العسكرية بين طرفي القتال (الجيش والدعم السريع) وإمكانية تحولها إلى حرب أهلية! أو من خلال التدخل الأجنبي الذي تمكن في السابق من دعم تقسيم السودان واقتطاع الجنوب منه! ليواصل اليوم تقسيم المزيد! وهذه المرة بجعل «دارفور» دولة جديدة! وللغرابة فإن هذا السيناريو جاهز! وخاصة أن «حميدتي» قادم من دارفور ويصبح من السهل بعد ذلك، أن تكون المصالحة معه في ظل تقسيم جديد للسودان بدفع أمريكي غربي! ولعل هذا يدخل في المشروع التقسيمي الذي تتبناه أمريكا والكيان الصهيوني لعديد من دول المنطقة العربية، وتواصل في تنفيذه كلما سنحت الفرصة في أي بلد عربي لتحرك الأحداث نحوه!
{ في خبر قبل أيام دعا الكيان الصهيوني قائد الجيش «البرهان» وقائد قوات الدعم السريع «حميدتي» إلى قمة مصالحة في تل أبيب! فعن أي نوع من المصالحة سيسعى له الكيان الصهيوني؟! ولنربط الأحداث ببعضها نعود إلى خبر نشرته الصحيفة العبرية «هارتس» بتاريخ 30/11/2022 أي قبل ستة أشهر تقريبا عنونت الخبر بـ(الموساد يسلم جهاز تجسس لقائد قوات الدعم السريع في السودان)، وأشارت الصحيفة إلى أنه (في شهر مايو 2022، هبطت طائرة إسرائيلية - يملكها مسؤول سابق في الموساد في مطار الخرطوم، مدة 45 دقيقة وسلمت جهاز التجسس لـ«حميدتي» الذي تربطه علاقات وطيدة مع الموساد!). وأشارت الصحيفة في الخبر أو التقرير ذاته نقلاً عن مسؤولين أوروبيين إلى أن جهاز التجسس هذا صُنع في الاتحاد الأوروبي وقادر على تغيير موازين القوى في السودان وبإمكانه تحويل الهاتف الذكي إلى أداة تجسس على مالكه! أي أن هواتف كل الضباط والعسكريين وغيرهم في السودان كانت تحت طائلة ذلك التجسس منذ ستة أشهر ! وبهذا ينكشف أن الإعداد لما يحدث في السودان في هذه المرحلة، كان «حميدتي» قد بدأ بالعمل به قبل شهور وبحسب الصحيفة العبرية أو ما جاء فيها!
{ من ناحية أخرى مستشار الأمن الأمريكي «جيك سوليفان» وفي خبر نزل في «بلو مبيرج الشرق»، قال: (لا أريد أن أتوقع أي سيناريوهات ولكن الرئيس الأمريكي طلب نشر بعض القوات العسكرية بعد بدء القتال في السودان للتعامل مع أي سيناريوهات – وأضاف - القدرات العسكرية الأمريكية متوافرة في دول الجوار وقابلة للاستخدام إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك! وبهذا تحرك طرفي التأزيم في المنطقة، الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، سواء بالتدخل السابق أو التدخل في هذه المرحلة الخطيرة على السودان، أحدهما يلوّح بالقدرات العسكرية وقت اللزوم! والآخر يدعو إلى المصالحة بين طرفي النزاع؛ فيما أحد الطرفين وهو «حميدتي» من الواضح أنه متوغل في العلاقة مع الموساد، وهنا كطرف غير رسمي! وحيث من المعروف أن قائد الجيش السوداني أيضاً له علاقات مع الكيان الصهيوني!
{ في ظل هذا الانكشاف لخلفية الحدث من جهة والسبب في تحرك قوات الدعم السريع مؤخراً، وفي خلفية المشروع التقسيمي للسودان كجزء من تقسيم دول عربية أخرى متى ما حانت الفرصة! فإن أية مبادرة دولية حول أحداث السودان وبزعم إنهاء الحرب فيها، هي موضع شك كبير لا يجب أن يغيب عن الأطراف العربية، التي تريد الحل السلمي في السودان والحفاظ على وحدة أراضيها الراهنة في الوقت ذاته!
{ إن الجهود العربية وتعدد حدوث هدنة رغم اختراقها توجب في هذه المرحلة أن يكون التدخل عربياً صرفا، حتى لا تتداخل أجندات قوى أجنبية مع الحل! ولهذا من المفترض أن تتحرك الجامعة العربية لدعم الحل العربي، ومنع أي تدويل للحرب الدائرة في السودان ودعم جهود السعودية لاستضافة لقاء يجمع طرفي الصراع، واللجوء إلى نشر قوات عربية والإسراع في إطفاء نيران المعارك الدائرة، وخاصة أن للسعودية مكانة كبيرة وواضحة في السودان، اتضحت من خلال جهودها في إجلاء رعاياها ورعايا دول كثيرة أخرى، ونجاحها الباهر في ذلك!
{ على العرب أن يستبقوا الأحداث القادمة وسريعا والمخططات التي تستهدف وحدة الأراضي السودانية! وخاصة مع انكشاف - ما نشرته الصحيفة العبرية «هارتس» والتي تدل على أن وراء الأكمة ما وراءها! و(السعي إلى إبعاد السودان عن حافة الهاوية) كما جاء في تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، لن يكون حقيقيا إلا بتدخل عربي سريع وبقوات عربية تحفظ السلم وهو ما تتيحه بنود الجامعة العربية! والحفاظ على وحدة الأراضي السودانية، ومنع تداعيات الدخول في حرب أهلية، كل ذلك إن حدث يمثل خطراً كبيراً سواء على السودان أو على دول الجوار العربي، المستهدفة بدورها بسيناريوهات الشر، من جانب القوى التي تدعي اليوم أنها تريد التدخل في السودان لإنهاء حربها وإحلال السلام!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك