العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أبعدوا السودان عن التدويل والتقسيم!

{‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التعقيد‭ ‬وسط‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المطروحة‭ ‬سواء‭ ‬باستمرار‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬القتال‭ (‬الجيش‭ ‬والدعم‭ ‬السريع‭) ‬وإمكانية‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭! ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدخل‭ ‬الأجنبي‭ ‬الذي‭ ‬تمكن‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬تقسيم‭ ‬السودان‭ ‬واقتطاع‭ ‬الجنوب‭ ‬منه‭! ‬ليواصل‭ ‬اليوم‭ ‬تقسيم‭ ‬المزيد‭! ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬بجعل‭ ‬‮«‬دارفور‮»‬‭ ‬دولة‭ ‬جديدة‭! ‬وللغرابة‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬جاهز‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حميدتي‮»‬‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬دارفور‭ ‬ويصبح‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المصالحة‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقسيم‭ ‬جديد‭ ‬للسودان‭ ‬بدفع‭ ‬أمريكي‭ ‬غربي‭! ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬التقسيمي‭ ‬الذي‭ ‬تتبناه‭ ‬أمريكا‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وتواصل‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬كلما‭ ‬سنحت‭ ‬الفرصة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬لتحرك‭ ‬الأحداث‭ ‬نحوه‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬دعا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬قائد‭ ‬الجيش‭ ‬‮«‬البرهان‮»‬‭ ‬وقائد‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬‮«‬حميدتي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬مصالحة‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭! ‬فعن‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المصالحة‭ ‬سيسعى‭ ‬له‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني؟‭! ‬ولنربط‭ ‬الأحداث‭ ‬ببعضها‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬خبر‭ ‬نشرته‭ ‬الصحيفة‭ ‬العبرية‭ ‬‮«‬هارتس‮»‬‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭/‬11‭/‬2022‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬تقريبا‭ ‬عنونت‭ ‬الخبر‭ ‬بـ‭(‬الموساد‭ ‬يسلم‭ ‬جهاز‭ ‬تجسس‭ ‬لقائد‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬السودان‭)‬،‭ ‬وأشارت‭ ‬الصحيفة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ (‬في‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬هبطت‭ ‬طائرة‭ ‬إسرائيلية‭ - ‬يملكها‭ ‬مسؤول‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬الموساد‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬الخرطوم،‭ ‬مدة‭ ‬45‭ ‬دقيقة‭ ‬وسلمت‭ ‬جهاز‭ ‬التجسس‭ ‬لـ«حميدتي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تربطه‭ ‬علاقات‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬الموساد‭!). ‬وأشارت‭ ‬الصحيفة‭ ‬في‭ ‬الخبر‭ ‬أو‭ ‬التقرير‭ ‬ذاته‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مسؤولين‭ ‬أوروبيين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جهاز‭ ‬التجسس‭ ‬هذا‭ ‬صُنع‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وبإمكانه‭ ‬تحويل‭ ‬الهاتف‭ ‬الذكي‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬تجسس‭ ‬على‭ ‬مالكه‭! ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هواتف‭ ‬كل‭ ‬الضباط‭ ‬والعسكريين‭ ‬وغيرهم‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬ذلك‭ ‬التجسس‭ ‬منذ‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ! ‬وبهذا‭ ‬ينكشف‭ ‬أن‭ ‬الإعداد‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬حميدتي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬بالعمل‭ ‬به‭ ‬قبل‭ ‬شهور‭ ‬وبحسب‭ ‬الصحيفة‭ ‬العبرية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭!‬

{ من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جيك‭ ‬سوليفان‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬خبر‭ ‬نزل‭ ‬في‭ ‬‮«‬بلو‭ ‬مبيرج‭ ‬الشرق‮»‬،‭ ‬قال‭: (‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتوقع‭ ‬أي‭ ‬سيناريوهات‭ ‬ولكن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬طلب‭ ‬نشر‭ ‬بعض‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬بعد‭ ‬بدء‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬سيناريوهات‭ ‬‭ ‬وأضاف‭ - ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬متوافرة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬وقابلة‭ ‬للاستخدام‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬دعت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭! ‬وبهذا‭ ‬تحرك‭ ‬طرفي‭ ‬التأزيم‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬سواء‭ ‬بالتدخل‭ ‬السابق‭ ‬أو‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الخطيرة‭ ‬على‭ ‬السودان،‭ ‬أحدهما‭ ‬يلوّح‭ ‬بالقدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬وقت‭ ‬اللزوم‭! ‬والآخر‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬المصالحة‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع؛‭ ‬فيما‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬حميدتي‮»‬‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬متوغل‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الموساد،‭ ‬وهنا‭ ‬كطرف‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭! ‬وحيث‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬قائد‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬أيضاً‭ ‬له‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الانكشاف‭ ‬لخلفية‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬تحرك‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬مؤخراً،‭ ‬وفي‭ ‬خلفية‭ ‬المشروع‭ ‬التقسيمي‭ ‬للسودان‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬تقسيم‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬حانت‭ ‬الفرصة‭! ‬فإن‭ ‬أية‭ ‬مبادرة‭ ‬دولية‭ ‬حول‭ ‬أحداث‭ ‬السودان‭ ‬وبزعم‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬فيها،‭ ‬هي‭ ‬موضع‭ ‬شك‭ ‬كبير‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬الأطراف‭ ‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬الحل‭ ‬السلمي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬الجهود‭ ‬العربية‭ ‬وتعدد‭ ‬حدوث‭ ‬هدنة‭ ‬رغم‭ ‬اختراقها‭ ‬توجب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التدخل‭ ‬عربياً‭ ‬صرفا،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتداخل‭ ‬أجندات‭ ‬قوى‭ ‬أجنبية‭ ‬مع‭ ‬الحل‭! ‬ولهذا‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬لدعم‭ ‬الحل‭ ‬العربي،‭ ‬ومنع‭ ‬أي‭ ‬تدويل‭ ‬للحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬ودعم‭ ‬جهود‭ ‬السعودية‭ ‬لاستضافة‭ ‬لقاء‭ ‬يجمع‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع،‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬عربية‭ ‬والإسراع‭ ‬في‭ ‬إطفاء‭ ‬نيران‭ ‬المعارك‭ ‬الدائرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬للسعودية‭ ‬مكانة‭ ‬كبيرة‭ ‬وواضحة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬اتضحت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬إجلاء‭ ‬رعاياها‭ ‬ورعايا‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ونجاحها‭ ‬الباهر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬يستبقوا‭ ‬الأحداث‭ ‬القادمة‭ ‬وسريعا‭ ‬والمخططات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬السودانية‭! ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬انكشاف‭ - ‬ما‭ ‬نشرته‭ ‬الصحيفة‭ ‬العبرية‭ ‬‮«‬هارتس‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬الأكمة‭ ‬ما‭ ‬وراءها‭! ‬و‭(‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬إبعاد‭ ‬السودان‭ ‬عن‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭) ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬حقيقيا‭ ‬إلا‭ ‬بتدخل‭ ‬عربي‭ ‬سريع‭ ‬وبقوات‭ ‬عربية‭ ‬تحفظ‭ ‬السلم‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تتيحه‭ ‬بنود‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭! ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬السودانية،‭ ‬ومنع‭ ‬تداعيات‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أهلية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬إن‭ ‬حدث‭ ‬يمثل‭ ‬خطراً‭ ‬كبيراً‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬السودان‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬العربي،‭ ‬المستهدفة‭ ‬بدورها‭ ‬بسيناريوهات‭ ‬الشر،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬اليوم‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬لإنهاء‭ ‬حربها‭ ‬وإحلال‭ ‬السلام‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا