الخرطوم – الوكالات: لقي وقف لإطلاق النار في السودان أعلنته واشنطن ثباتا نسبيا مع التزامه بشكل عام من الجيش وقوات الدعم السريع بعد عشرة أيام من معارك دامية فشلت معها كل محاولات التهدئة، وتواصل في ظلها إجلاء الرعايا الأجانب.
وبعدما تعهّد الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم بقيادة محمد دقلو المعروف بحميدتي احترام التهدئة، بقي الاختبار الميداني هو المحكّ، بعدما سبق للجانبين إعلان أكثر من هدنة منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل، ما لبث كل طرف أن اتّهم الآخر بخرقها.
وتكرر ذلك أمس وخصوصا من جهة قوات الدعم التي اتهمت الجيش بتحليق الطيران الحربي فوق الخرطوم. إلا أن أصوات الانفجارات والرصاص في العاصمة تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بالسابق.
ولم يكن في الامكان التحقق في الوقت الراهن مما إذا كانت حدة المعارك قد تراجعت أيضا في إقليم دارفور.
وفي انعكاس لتراجع الاستقرار الأمني، حذّر ممثل منظمة الصحة العالمية نعمة سعيد عابد من وجود «خطر بيولوجي مرتفع جدا» بعد سيطرة أحد طرفي القتال على مختبر يضم عينات مسبّبة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.
وأشارت المنظمة الى أن المعارك أدت الى مقتل 459 شخصا وإصابة 4072 بجروح، موضحة أن هذه الحصيلة مستقاة من وزارة الصحة السودانية، ولم تتمكن المنظمة الأممية من التحقق منها.
وقبيل منتصف ليل الإثنين الثلاثاء بتوقيت الخرطوم أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن موافقة الطرفين على وقف النار ثلاثة أيام.
وأوضح أن ذلك أتى عقب «مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية»، وأن وقف النار يبدأ ليل الإثنين ويستمر مدة 72 ساعة.
وأكد الجيش أنه سيحترم الهدنة بشرط «التزام» قوات الدعم بها، بينما رأت الأخيرة في الهدنة فرصة «لفتح ممرات إنسانية وتسهيل تنقل المدنيين».
وسجلت المعارك والانفجارات تراجعا نسبيا اعتبارا من السبت، فيما شرعت دول غربية وعربية في عمليات إجلاء للدبلوماسيين والرعايا، على الرغم من أنها لم تتوقف بالكامل في الخرطوم وغيرها.
وبدأت السعودية اعتبارا من السبت إجلاء أشخاص بعد نقلهم برا الى مدينة بورتسودان، ومنها بحرا عبر البحر الأحمر الى مدينة جدّة.
ووصل ليلا عشرات المدنيين إلى المدينة الساحلية وقد بدا عليهم الانهاك، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وتسبب النزاع بنقص حاد في الغذاء والمياه والوقود، وانقطاع في التيار الكهربائي وتراجع حاد في القدرة على توفير الخدمات الصحية، ودفع مئات الآلاف الى البحث عن سبل للرحيل.
وفي حين قامت الدول بنقل الرعايا الأجانب جوا أو بحرا، تخشى الأمم المتحدة من فرار ما يصل الى 270 ألف شخص برا الى تشاد وجنوب السودان.
وقالت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تشاد لاورا لو كاسترو إن 20 ألف لاجئ وصلوا الى هذا البلد، ويتوقّع أن يتبعهم 100 ألف آخرون «في أسوأ الحالات».
أما في جنوب السودان فترجّح التقديرات الأممية دخول ما يصل الى 170 ألف شخص، بينهم 125 ألفا من جنوب السودانيين الذين سبق لهم اللجوء الى الشمال.
وأتى إعلان اتفاق وقف النار بعد تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ضرورة وقف أعمال العنف لأنها «تهدد بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها».
وشملت عمليات الإجلاء دولا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والصين، بينما كانت مصر والسعودية الأبرز في هذه العمليات بين البلدان العربية.
وتواصلت أمس عمليات إجلاء الأجانب. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس أن باريس تمكنت من إجلاء 538 شخصا بينهم 209 فرنسيين. وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية عن إجلاء 700 من مواطنيها، بينما أعلنت أوكرانيا إجلاء «138 مواطنا في المجموع» بينهم 87 من رعاياها «غالبيتهم خبراء في الطيران من طيارين وفنيين وأفراد عائلاتهم» فضلا عن «مواطنين من جورجيا والبيرو».
من جهتها، بدأت بريطانيا أمس إجلاء مدنيين بعد انتقادات تعرضت لها من مواطنيها الذين اعتبروا أنهم «تركوا لمصيرهم» بعد اقتصار عمليات الإجلاء السابقة على الدبلوماسيين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك