عالم يتغير
فوزية رشيد
تجار الحروب لا يريدون السلام في العالم!
{ حين كتب الكاتب الصيني (تشوا تشين لينغ) مقالا بعنوان (أكبر تهديد للولايات المتحدة هو السلام) بتاريخ 24/3/2023 سرعان ما انتشر المقال في العالم الافتراضي كانتشار النار في الهشيم! لماذا؟! لأن كل دول العالم تنشد السلام والاستقرار والتنمية والعدالة والمساواة ولكن هناك بالفعل قوة عالمية كبرى قامت على صناعة الحروب والأزمات تعتبر ذلك تهديدا لها ولمصالحها!
يقول (تشوا تشين لينغ): (أكبر تهديد للولايات المتحدة ليس الصين بل السلام! سيضع السلام في العالم نهاية للإمبراطورية الأمريكية الشريرة التي بنيت حول الحرب واقتصاد الحرب! عندما يكون هناك سلام في العالم سيضيع الأمريكيون! لن يعرفوا ماذا يفعلون! فالكثير ممن تم ويتم توظيفهم لمجرد التحريض على الحروب سيكونون عاطلين عن العمل! سيكون المجمع الصناعي العسكري بأكمله معطلا عن العمل، ستكون جميع القواعد العسكرية الأمريكية في العالم زائدة عن الحاجة! وكذلك حاملات الطائرات والطائرات العسكرية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات وأسلحة الدمار الشامل وجميع الصناعات الحربية المساندة! وسيصبح التوظيف هو المشكلة رقم واحد في أمريكا! إن تعطلت آلة الحرب الأمريكية! الميزانية العسكرية التي تبلغ قرابة تريليون دولار ستكون باهظة تماما من دون حروب ومن دون أعداء!
{ وهكذا فإن الانتقال من ضفاف الحروب والقتل وتجارة الحروب إلى ضفة صناعة السلام حتما لن يكون مقبولا بالنسبة إلى دولة أسست كل بنيتها وخبراتها وزعامتها على صناعة الحروب والأزمات والصراعات في العالم! ولهذا فهي تعتبر توجه دول العالم إلى إطفاء نيران الحروب والأزمات تهديدا مباشرا لمصالحها! كما اعتبرت اتفاقية السلام بين السعودية وإيران تهديدا لها ليس فقط لأنها برعاية صينية، ولكن لأنها ستفسد لعبة المتاجرة بالتأزيم في الخليج والمنطقة العربية التي تبتز بها وتستفيد منها!
حتى المقترح الصيني لوقف إطلاق النار في أوكرانيا وبدء مفاوضات السلام رفضته بشكل قاطع لتدفع بأوكرانيا إلى المزيد من التحدي العسكري وتزويدها بالمعدات العسكرية الأكثر خطورة ليتواصل الاستفزاز والتهديد ضد روسيا!
{ بالمقابل تحدث أحد الساسة الأفارقة «فريد ميمبي» في قناة صينية قائلا: (الصين وحدها لا تشكل تهديدا، مصالح أمريكا مهددة من قبل عالم أكثر مساواة وعدالة! لا يمكن لأمريكا أن تستمر في هذا الشكل من العالم! فلسفة التعايش الأمريكية على الساحة الدولية تقوم على النهب والإذلال واستغلال الدول الأخرى! أمريكا تبحث عن الخلاف بين الدول! إذا لم تكن لأمريكا مصلحة في حل أية أزمة دولية فلن تسعى إلى حل تلك الأزمة بل إلى استمرارها لأنه عندما يكون هناك انقسام يسهل البحث عن الاستغلال والنهب وأمريكا بلد يستفيد من الحروب واقتصادها يزدهر من الحروب! هذا البلد ينظر إلى الحرب كعمل تجاري ولذلك إذا لم يكن هناك صراع فإنهم يخلقونه! ولهذا لا تريد لأية دولة أن تتفوق عليها من حيث الإنجازات الاقتصادية والبشرية الأخرى! ولهذا أيضا حولت العراق إلى مستعمرة أمريكية اليوم وكل أموال النفط تذهب إلى جيب أمريكا! هذا هو الهدف من الحرب على العراق ومثله مع أفغانستان وغيرها من الحروب!
{ إنها عقلية الحرب والأزمات والتربص بالدول لنهب ثرواتها وإمكانياتها لتعزيز التفوق الأمريكي الذي لا يفكر بطريقة أخرى ولا يريد الخروج من «ذهنية العنصري» في التعامل مع دول العالم وزعمائها!
ولهذا فإن تشكل عالم جديد برغبة عالمية تجاه استبدال المسار العالمي من الصراعات والحروب بين الدول إلى التكاملية في التنمية وتمتع الشعوب بثروات أراضيها، ستقف الولايات المتحدة ضده! وخاصة وهي تتوجه إلى إشعال أكبر حرب كونية في العالم بينها وبين الصين وروسيا وتطلب من دول العالم أن تصطف معها في حربها هذه لتبقى هي مستمرة في زعامتها القائمة على الاستغلال والنهب والمتاجرة بالأزمات!
{ ولهذا أيضا هي تصب الزيت على النار المشتعلة في السودان اليوم لتنتشر نيرانها في عديد من دول إفريقيا العربية والأخرى ودول الجوار، بعد أن شعرت بالتوجه الإفريقي نحو الصين وروسيا!
ومن الواضح أن العالم يعيش مرحلة المخاض الصعب لولادة جديدة له بحثا عن السلام والاستقرار والعدالة والمساواة والتكامل بين الدول في التنمية، وهذا ما ستقاومه أمريكا والغرب التابع لها بكل ما تملكه من شرور آلة الحرب! ويبدو أن الولايات المتحدة تحولت بذاتها إلى أكبر أزمة في العالم!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك