تزايد المخاوف على مصير السودانيين بعد انتهاء عمليات الإجلاء
الخرطوم – الوكالات: تسارعت أمس عمليات إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب من السودان من قبل دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، في وقت تتواصل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من أسبوع.
وتسببت الاشتباكات منذ 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، بمقتل أكثر من 420 شخصا وإصابة 3700 بجروح، ودفعت عشرات الآلاف الى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.
وأفاد شهود وكالة فرانس برس أن أصوات إطلاق الرصاص ودوي الانفجارات وتحليق الطيران الحربي تواصلت في الخرطوم، وطغت امس على ما عداها، لاسيما دعوات التهدئة المتكررة التي جاءت أحدثها أمس من البابا فرنسيس.
وترافق تسارع إجلاء المواطنين الأجانب، مع تزايد المخاوف على مصير السودانيين متى انتهت هذه العمليات.
وأجلت فرنسا زهاء 100 شخص جوا من السودان الى جيبوتي على متن رحلة أولى أمس، على أن يتم نقل عدد مماثل لهم على متن طائرة ثانية في وقت لاحق أيضا.
وأوضحت مصادر دبلوماسية وعسكرية فرنسية أن العمليات «شديدة التعقيد» وقد تمتد يوما أو يومين إضافيين. وكانت باريس أعلنت في وقت سابق أنها ستعمل على إجلاء بعثتها ومواطنيها ورعايا «دول شريكة وحليفة».
وأوكلت دول غربية مثل بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، الى قواتها المسلحة انجاز الإجلاء.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك انجاز لندن «عملية إجلاء سريعة ومعقدة» لدبلوماسييها وعائلاتهم.
كذلك، أعربت ألمانيا عن أملها في «نقل أكبر عدد ممكن من الرعايا من الخرطوم في ظل هذا الوضع الخطر في السودان»، على أن تقوم بنقل رعايا من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى «ضمن امكاناتنا».
بدورها، بدأت إيطاليا إجلاء رعاياها ورعايا سويسرا ودبلوماسيي الفاتيكان.
وأمس، أعلنت السويد إرسال زهاء 150 عسكريا لإجلاء دبلوماسيين ورعايا، من دون أن تحدد ما إذا كانت العملية قد بدأت، في حين أكدت النروج إجلاء سفيرها واثنين من الدبلوماسيين.
وأتى ذلك بعد ساعات من تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن قوات بلاده «نفّذت عملية» لإخراج موظفين حكوميين أمريكيين، طالت أكثر من مئة شخص بينهم دبلوماسيون أجانب.
واستخدمت هذه القوات مروحيات انتقلت من جيبوتي الى إثيوبيا فالخرطوم حيث بقيت في المطار لأقل من ساعة.
إلى ذلك، أعلنت كندا أنها علّقت موقتا نشاطها الدبلوماسي، وأن بعثتها تعمل من «مكان آمن خارج البلاد».
وفي حين استخدمت أطراف عدة الإجلاء جوّا، اعتمدت أخرى الخيار البرّي.
وفيما أكدت المصادر الفرنسية أنها استبعدت خيار الإجلاء برّا لصعوبته، أظهرت لقطات مصوّرة حصلت عليها وكالة فرانس برس قافلة من سيارات رباعية الدفع عائدة للأمم المتحدة، تغادر الخرطوم نحو مدينة بورتسودان بشرق البلاد.
وأفاد مصدر كان ضمن القافلة أن من كانوا فيها يحملون جنسيات دول أوروبية وآسيوية وإفريقية وغيرها. وتابع المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «أنا من سيراليون. في الواقع، العالم كله كان على متن هذه القافلة».
وأعلنت تركيا أنها ستعيد مواطنيها «برا عبر المرور بدولة أخرى».
وكان الانتقال برّا الى بورتسودان الطريق الذي اعتمدته السعودية في أول عملية إجلاء معلنة للمدنيين السبت، قبل نقلهم عبر البحر الأحمر الى جدّة. وأوضحت الرياض أنها أخرجت أكثر من 150 شخصا من رعاياها ورعايا 12 دولة على متن سفن تابعة للبحرية السعودية.
وأثارت عمليات الإجلاء مخاوف على مصير السودانيين العالقين وسط القتال.
ويرى الباحث حميد خلف الله أن «المطالبة بممرات إنسانية آمنة لإجلاء مواطنين أجانب من دون المطالبة في الوقت نفسه بوقف الحرب، أمر رهيب». ويقول «سيكون للاعبين الدوليين ثقل أقل بعد مغادرة مواطنيهم البلاد»، مضيفا متوجها الى هؤلاء «افعلوا ما تشاؤون للخروج آمنين، لكن لا تتركوا السودانيين من دون حماية».
وأفاد شهود أمس عن سماع أصوات معارك وإطلاق نار في الخرطوم وضواحيها، يرافقها تحليق طيران حربي. وتسبّبت الغارات الجوية والقصف المدفعي حتى الآن بإغلاق «72 في المئة من المستشفيات» في مناطق النزاع، وفق لجنة أطباء السودان.
في الشوارع، يمكن رؤية آثار الاقتتال: أعمدة كهربائية على الأرض، محال تجارية محترقة، ودخان يتصاعد من هنا وهناك.
ومن الفاتيكان، اعتبر البابا فرنسيس أمس أن الوضع «يبقى خطرا في السودان، ولهذا أجدد دعوتي لوقف العنف في أسرع وقت ولاستئناف الحوار».
وكان طرفا القتال أعلنا الجمعة وقفا لإطلاق النار مدة ثلاثة أيام لمناسبة عيد الفطر، ثم تبادلا الاتهامات بخرقه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك