الخرطوم – الوكالات: عشية عيد الفطر في الخرطوم تواصل إطلاق النار ودوي الانفجارات بكثافة أمس، في الوقت الذي يحاول فيه المجتمع الدولي انتزاع وقف لإطلاق النار من قائدي الجيش وقوات الدعم السريع في نزاعهما على السلطة. وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل أكثر من 300 مدني. وذكر أطباء أنّ سلاح الجو الذي يستهدف قواعد ومواقع قوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق المأهولة بالخرطوم، لا يتردّد في إلقاء قنابل على مستشفيات أحياناً. وفرّ ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص من المعارك بحثاً عن ملاذ في تشاد المجاورة.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أمس إلى وقف إطلاق النار ثلاثة أيام في السودان خلال عيد الفطر والسماح للمدنيين المحاصرين في مناطق الصراع بالخروج والحصول على العلاج والغذاء والإمدادات الأساسية الأخرى.
وتحدث جوتيريش إلى الصحفيين بعد اجتماعه مع رؤساء الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) وغيرها من المنظمات ذات الصلة.
وقال جوتيريش: «كان هناك توافق شديد في الآراء على إدانة القتال الدائر في السودان والدعوة إلى وقف الأعمال العدائية». ومضى يقول إن هدنة العيد مدة ثلاثة أيام يتعين أن تمهد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار.
من ناحيته شدّد قائد الجيش الفريق أول عبد الفتّاح البرهان على رفضه أيّ حديث «مباشر» مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان الملقّب بـ«حميدتي»، ملمّحاً إلى أنّ الطموحات الشخصية للأخير بحكم السودان هي الدافع الأساسي لهذا النزاع.
وقال البرهان، الذي سبق أن وصفه دقلو قبل أيام بـ«المجرم»، إنّ «هذه الحرب تقف وراءها أطماع شخصية لأشخاص محدودين يريدون أن يحكموا الدولة السودانية وأن يستولوا على مقدّراتها وإمكانياتها».
واتهم البرهان قائد قوات الدعم السريع بمحاولة الاستيلاء على السلطة.
واندلع القتال بسبب خلاف حول خطة مدعومة دوليا لتشكيل حكومة مدنية جديدة ودمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.
وأفسد الصراع آمال إحراز تقدم باتجاه الديمقراطية في السودان وينذر بجر جيران السودان إليه وقد تتدخل فيه قوى إقليمية.
وقال الجانبان في وقت سابق إنهما سيلتزمان بوقف لإطلاق النار مدة 24 ساعة وكان من المقرر أن يبدأ في السادسة من مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش) لكن سرعان ما انتهك وقف إطلاق النار بتجدد القتال.
وتبادل الطرفان الاتهامات بخرقها ليقذف كل منهم كرة الاتهام في ملعب الآخر، رغم الجهود الأممية والدولية المكثفة والدعوات للالتزام بها.
فقد اتهمت قيادة قوات الشرطة السودانية الدعم السريع بخرق الهدنة بعيد بدئها، موضحة أن الأخيرة أدخلت مسلحين إلى وزارة الداخلية وإدارة شرطة المرور.
كما نفى الجيش السوداني مسؤوليته عن الهدنة الهشة، مؤكداً في بيان له أن قوات الدعم السريع لم تلتزم بها.
كذلك اتهمها بشن هجمات على مواقع استراتيجية من محيط المطار ومبنى القيادة العامة.
وأصدرت قوات الدعم السريع بدورها بيانا عن خرق الهدنة وقالت إنها تعرضت للهجوم في أم درمان وكبدت الجيش خسائر ردا على ذلك بما في ذلك إسقاط طائرتين هليكوبتر.
ودوّت الانفجارات الكثيفة مجدّداً أمس في الخرطوم. وسمع إطلاق نار في بحري وتحدث سكان عن اشتباكات عنيفة غربي أم درمان التي قالوا إن الجيش تحرك إليها لمنع وصول تعزيزات لقوات الدعم السريع.
كما اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، بمدينة الأبيض مركز ولاية شمال كردفان (وسط).
وأبلغ شهود عيان الأناضول أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السوق الكبير بالمدينة، ومحيط الفرقة الخامسة مشاة التابعة للجيش.
وأوضح أن «قوة كبيرة من الدعم السريع دخلت مدينة الأبيض واشتبكت مع الجيش».
وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل أكثر من 300 مدني.
وذكر أطباء أنّ سلاح الجو الذي يستهدف قواعد ومواقع قوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق المأهولة بالخرطوم، لا يتردّد في إلقاء قنابل على مستشفيات أحياناً.
وقالت نقابة أطباء السودان المستقلة إنه خلال خمسة أيام «توقف عن الخدمة سبعون بالمئة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال»، إمّا لأنها قُصفت أو لنقص الإمدادات الطبية والكوادر أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى.
واضطرت معظم المنظمات الإنسانية إلى تعليق مساعداتها وهي أساسية في بلد يعاني فيه أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص من الجوع في الأوقات العادية.
ومنذ السبت في الخرطوم، استنفد عدد كبير من العائلات مؤنها الأخيرة وتتساءل متى ستتمكن شاحنات الإمداد من دخول المدينة.
وفرّ ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص من المعارك بحثاً عن ملاذ في تشاد المجاورة، وفقاً لفرق تابعة لمفوضية الأمم المتّحدة السامية لشؤون اللاجئين موجودة على الحدود.
وقالت المفوضية في بيان أمس إنّ «غالبية الوافدين هم من النساء والأطفال... تعمل المفوضية من كثب مع الحكومة التشادية وشركائها لتقييم احتياجاتهم وإعداد استجابة مشتركة».
كذلك، تنسّق المفوضية مع السلطات التشادية من أجل مساعدتها على تسجيل الوافدين الجدد في الأيام المقبلة.
وتسعى القوى الدولية التي تكابد لإجلاء مواطنيها من السودان بعد أن طالت أعمال العنف المطار ومناطق السفارات إلى الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق حول هدنة لكن من دون تأثير يذكر.
وأمس دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى هدنة «مدة ثلاثة أيام على الأقل» في السودان بمناسبة عيد الفطر.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أمس أنّ الولايات المتّحدة بصدد إرسال عسكريين إلى المنطقة تحسّباً لاحتمال إجلاء طاقم سفارتها في الخرطوم.
وقال البنتاجون في بيان: «نحن بصدد إرسال قوات إضافية إلى المنطقة لضمان أمن الموظفين الأمريكيين في السفارة وتسهيل مغادرتهم المحتملة للسودان، في حال اقتضت الظروف ذلك».
إلى ذلك قال الجيش المصري أمس إن ثلاث طائرات أعادت جنودا مصريين من السودان وأضاف في بيان أن جنودا مصريين آخرين في السودان وصلوا إلى السفارة المصرية في الخرطوم بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان.
وكانت قوات الدعم السريع السودانية قد قالت صباح أمس إنها سلمت الصليب الأحمر 27 جنديا مصريا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك