الخرطوم – الوكالات: أفسد إطلاق كثيف للنيران هدنة مدة 24 ساعة في السودان بعد قليل من بدء سريانها تحت وطأة ضغوط أمريكية على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية لوقف القتال الذي تسبب في أزمة إنسانية.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الامم المتحدة في افادة صحفية في نيويورك «لم نتلق أي مؤشرات هنا على توقف القتال».
وقال وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن متحدثا في اليابان أمس انه اتصل هاتفيا بكل من القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف أيضا باسم حميدتي ودعاهما الى وقف اطلاق النار مدة 24 ساعة «للسماح للسودانيين بالعودة الامنة الى أسرهم» وتوفير فرصة لهم لالتقاط الانفاس.
وقال الفريق أول ركن شمس الدين كباشي أحد قادة الجيش والعضو في مجلس السيادة الحاكم لقناة العربية ان وقف إطلاق النار الذي بدأ رسميا في السادسة مساء بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت جرينتش) لن يتجاوز مدة الاربع والعشرين ساعة المتفق عليها.
وقال حميدتي عقب المكالمة مع بلينكن ان قواته وافقت على «هدنة 24 ساعة لضمان المرور الامن للمدنيين واجلاء الجرحى».
وأضاف حميدتي على تويتر أنه ناقش مع بلينكن عبر الهاتف «القضايا الملحة» وأن من المقرر اجراء مزيد من المحادثات. وقال ان قوات الدعم السريع أصدرت بيانا قالت فيه انها تخوض معركة مستمرة لاستعادة «حقوق شعبنا» فيما تطلق عليه ثورة جديدة.
ولم يلتزم الطرفان تماما بوقف سابق لإطلاق النار وافقا عليه لبضع ساعات يوم الأحد.
وتردد دوي إطلاق كثيف للنيران في خلفية بث مباشر لقنوات تلفزيونية عربية من الخرطوم بعد دقائق من السادسة مساء بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت جرينتش) وهو التوقيت المتفق عليه لبدء سريان وقف إطلاق النار.
وكانت الطائرات الحربية تحلق في سماء الخرطوم، وأفاد العديد من الشهود أن قوة برية كبيرة تابعة للجيش دخلت المدينة من الشرق.
وقال مراسل لرويترز في الخرطوم انه سمع دوي نيران دبابات بعد الموعد المقرر لبدء سريان وقف اطلاق النار. ولم يتضح مصدر إطلاق النار، لكن قوات الدعم السريع أصدرت بيانا على فيسبوك بعد قليل من بدء سريان الهدنة اتهمت فيه الجيش بانتهاك وقف إطلاق النار.
وتشهد العاصمة بشكل خاص حالة من الفوضى، رغم النداءات الدولية الملحّة لوقف المعارك التي أوقعت حتى الآن قرابة 200 قتيل.
وقالت نقابة أطباء السودان أمس إنّه تمّ «قصف مستشفى الشعب بالطيران»، موضحة أنّ القصف أصاب «المبنى الإداري ومبنى الحوادث وصهريج المياه وسكن الممرضات بمستشفى ابن سينا الجامعي».
وأضافت أنّه «تم الاعتداء على العديد من المرافق الصحية في العاصمة الخرطوم والأقاليم وخروج بعضها من الخدمة وإغلاق البعض الآخر».
وأفاد شهود أنّ شاحنات تحمل مدافع مضادّة للطائرات - تتمركز في مناطق سكنية في الخرطوم - تمّ تزويدها بذخائر جديدة أمس.
ورغم دعوة وزراء خارجية مجموعة السبع طرفي النزاع في السودان إلى «وقف الأعمال العدائية فورا» والعودة إلى طاولة المفاوضات، إلا أن المعارك مستمرة.
وقال أحد السكان لرويترز انه سمع دوي ضربة جوية في أم درمان الواقعة على الضفة الاخرى لنيل الخرطوم. وقالت الامم المتحدة ان الصراع تسبب في كارثة انسانية من بين جوانبها الانهيار الوشيك للنظام الصحي في البلاد. وأسفرت المواجهات عن مقتل ما لا يقل عن 185 شخصا في أنحاء البلاد.
وأصبحت القدرة على التحرك في الخرطوم شبه مستحيلة بسبب القصف المدفعي والضربات الجوية والقتال في الشوارع واضطر السكان المحليين والأجانب إلى البقاء في منازلهم.
وتعرض المطار الدولي الرئيسي للهجوم، مما تسبب في وقف الرحلات الجوية التجارية.
وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر ان تقديم خدمات انسانية في أنحاء العاصمة يكاد يكون مستحيلا. وحذر من أن النظام الصحي في السودان معرض لخطر الانهيار.
واندلع القتال في مطلع الاسبوع عقب تصاعد التوتر حول خطة لدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وأدى الخلاف حول الجدول الزمني لعملية الدمج الى تأجيل مراسم كانت مقررة في وقت سابق هذا الشهر لتوقيع اتفاق إطاري ينظم عملية الانتقال الى الحكم المدني.
واتسعت دائرة القتال لتشمل عدة مناطق بالبلاد منذ يوم السبت.
بما في ذلك منطقة دارفور الصحراوية الواقعة في غرب البلاد والمتاخمة لتشاد التي عانت منذ عام 2003 من حرب أسفرت عن مقتل ما يصل الى 300 ألف وتشريد 2?7 مليون. وهاجم مقاتلون عمال اغاثة ومستشفيات ودبلوماسيين بمن في ذلك سفير تابع للاتحاد الاوروبي تعرض لاعتداء في مقر إقامته.
وقال مارتن جريفيث مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة أمس ان استهداف موظفي المساعدات الاغاثية والمنشآت الخاصة بعمليات الاغاثة في السودان لا يزال مستمرا، مضيفا أن الأمم المتحدة تتلقى تقارير عن تعرض موظفي الاغاثة لهجمات واعتداءات جنسية.
وقال في منشور على تويتر «هذا غير مقبول ويجب أن يتوقف» مضيفا أن مكتب الامم المتحدة للمساعدات في جنوب دارفور تعرض للنهب الاثنين. وقتل ثلاثة من موظفي برنامج الاغذية العالمي في القتال يوم السبت وأصيبت طائرة تابعة للامم المتحدة في تبادل لإطلاق النار بمطار الخرطوم الدولي.
وقال بلينكن ان موكبا أمريكيا تعرض لهجوم على الرغم من أن المركبات كانت تحمل لوحات دبلوماسية وترفع الاعلام الامريكية. وأضاف أن التقارير الاولية تشير الى أن الهجوم الذي وقع الاثنين شنته فيما يبدو عناصر مرتبطة بقوات الدعم السريع، واصفا
الحادث بأنه «طائش». وقال ان جميع الامريكيين في الموكب لم يصابوا بأذى في الحادث.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك