العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

كارثة غزو العراق تلاحق الولايات المتحدة

الاثنين ١٠ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬أدريان‭ ‬جولمس

 

بعد‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تدفع‭ ‬فاتورة‭ ‬غزوها‭ ‬الكارثي‭ ‬للعراق‭ ‬الذي‭ ‬قرره‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬المحافظين‭ ‬الجدد‭. ‬فقد‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬كان‭ ‬خطأ‭ ‬جيوسياسيًّا‭ ‬فادحًا‭ ‬أضر‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬بالمصداقية‭ ‬الدولية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وقوض‭ ‬سياستها‭ ‬الداخلية‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2003،‭ ‬غزت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬ذات‭ ‬أهداف‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬ومبررات‭ ‬مشكوك‭ ‬فيها‭. ‬بعد‭ ‬انتصار‭ ‬عسكري‭ ‬سريع،‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬استراتيجية‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة،‭ ‬استغرق‭ ‬الأمريكيون‭ ‬سنوات‭ ‬للتعافي‭ ‬منها‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬تداعياتها‭.‬

بعد‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عواقب‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬كبيرة‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬المؤرخون‭ ‬يناقشون‭ ‬الأسباب‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬قررها‭ ‬فريق‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ادعاءات‭ ‬واهية‭ ‬ومبررات‭ ‬مطعون‭ ‬فيها‭ ‬وسيل‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭. ‬

يتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تفاديه‭ ‬بالكامل‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اقتران‭ ‬الأحداث‭ ‬بقي‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتصديق‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬تقريبًا‭: ‬عودة‭ ‬عملاء‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الأب،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬ديك‭ ‬تشيني‭ ‬ودونالد‭ ‬رامسفيلد،‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية،‭ ‬المحبطين‭ ‬من‭ ‬انتصارهم‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الأولى‭ ‬قبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات؛‭ ‬مأساة‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬لهم‭ ‬فرصة‭ ‬استكمال‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬غير‭ ‬المكتملة‭. ‬إحباطات‭ ‬دولة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬عدو‭ ‬بعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بطالبان‭ ‬بسهولة‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ...‬

استقر‭ ‬الرأي‭ ‬على‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬قبل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الأسباب‭. ‬أدت‭ ‬أكثر‭ ‬المزاعم‭ ‬غير‭ ‬المعقولة،‭ ‬والملفقة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬والدولي‭ ‬بأن‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬أعاد‭ ‬تكوين‭ ‬ترسانة‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬وحافظ‭ ‬على‭ ‬روابط‭ ‬‮«‬عملياتية‮»‬‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭.‬

لقد‭ ‬ظل‭ ‬أقطاب‭ ‬ومنظرو‭ ‬تيار‭ ‬المحافظين‭ ‬الجدد‭ ‬يحرضون‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬ويروجون‭ ‬لفكرة‭ ‬دمقرطة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالقوة‭. ‬وبسبب‭ ‬حمى‭ ‬الحرب،‭ ‬تعامل‭ ‬الأمريكيون‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬بأكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الازدراء،‭ ‬واعتبروا‭ ‬أن‭ ‬التحذيرات،‭ ‬وخاصة‭ ‬منها‭ ‬الفرنسية،‭ ‬شبه‭ ‬خائنة‭.‬

أما‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬كولين‭ ‬باول،‭ ‬فقد‭ ‬ذكّر‭ ‬الرئيس‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬بـما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬متجر‭ ‬الخزف‭ ‬الصيني‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬له‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬خرقته،‭ ‬فأنت‭ ‬تملكه‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬يعني‭ ‬أنك‭ ‬‮«‬ستدفع‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬كسرته‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬التطورات‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬صحة‭ ‬هذا‭ ‬الكلام،‭ ‬فقد‭ ‬تسبب‭ ‬الغزو‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬تنامي‭ ‬التيارات‭ ‬المسلحة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬ليتحول‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬كابوس‭ ‬وكارثة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬حقيقية‭. ‬

‭ ‬بعد‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬استمر‭ ‬الأمريكيون‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬الأخطاء‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬تتجلى‭ ‬تداعياتها‭ ‬الوخيمة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬فالأمريكيون‭ ‬لم‭ ‬يقوموا‭ ‬بأي‭ ‬استعدادات‭ ‬لحسن‭ ‬إدارة‭ ‬البلاد‭ ‬بمجرد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالنظام‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬لذلك‭ ‬فسرعان‭ ‬ما‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تمرد‭ ‬مزدوج‭ ‬وحرب‭ ‬أهلية‭ ‬طاحنة‭.‬

‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ارتدت‭ ‬الأكاذيب‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭. ‬فالتنظيمات‭ ‬الراديكالية،‭ ‬ومنها‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬استغل‭ ‬فرصة‭ ‬الفوضى‭ ‬العارمة‭ ‬والصراعات‭ ‬الدامية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تسود‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الرافدين‭ ‬للتجذر‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والانتشار‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬العنان‭ ‬للعنف‭. ‬

انتهزت‭ ‬إيران‭ ‬الفرصة‭ ‬لدعم‭ ‬المليشيات‭ ‬الدينية‭ ‬الشيعية‭ ‬واستنزاف‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭. ‬لقد‭ ‬أكملت‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬سجناء‭ ‬أمريكيون‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬أبو‭ ‬غريب‭ ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬آخر‭ ‬الادعاءات‭ ‬الديموقراطية‭ ‬للمغامرة‭ ‬العسكرية‭ ‬الكارثية‭ ‬التي‭ ‬أقدمت‭ ‬عليها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

تم‭ ‬تجنب‭ ‬الهزيمة‭ ‬بصعوبة‭ ‬في‭ ‬2007-2008،‭ ‬عندما‭ ‬نجحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الصعاب‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬الانقسام‭ ‬النهائي‭ ‬للبلد،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إرسال‭ ‬تعزيزات‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الشيعية‭ ‬الجديدة‭ ‬والمليشيات‭ ‬السنية‭ ‬لسحق‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬المسلحة‭.‬

كانت‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كارثية‭ ‬بالفعل‭. ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي،‭ ‬خلفت‭ ‬الحرب‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬235‭ ‬ألف‭ ‬قتيل‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬العراقيين‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬ملايين‭ ‬نازح‭ ‬ولاجئ‭.‬

قُتل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬9000‭ ‬جندي‭ ‬ومقاول‭ ‬أمريكي‭ ‬وجُرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32000،‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬أصيبوا‭ ‬بالشلل‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭. ‬أدى‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬الكارثي‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬أول‭ ‬نظام‭ ‬شيعي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬المعاصر‭ ‬وجعل‭ ‬البلاد‭ ‬تابعة‭ ‬لإيران‭.‬

هذا‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬السجلات‭ ‬المعاصرة‭. ‬وهكذا‭ ‬تخلصت‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬خصم‭ ‬لها‭ ‬وسمحت‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ببسط‭ ‬نفوذه‭ ‬عبر‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النهرين‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬والحدود‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬

ولم‭ ‬تنته‭ ‬اللعنة‭ ‬العراقية‭ ‬بهذا‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭. ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أطلقت‭ ‬المغامرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أيضًا‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬انتشرت‭ ‬العمليات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المنطقة‭ ‬وإلى‭ ‬أوروبا‭.‬

بقي‭ ‬الفرع‭ ‬القوي‭ ‬للقاعدة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والشام‮»‬‭ ‬أي‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الإسلامية‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬وقد‭ ‬استطاع‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬الانتشار‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬مستغلاً‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬السورية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬المجاورة‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬عاد‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬واستولى‭ ‬على‭ ‬الموصل‭ ‬والفلوجة‭ ‬وسيطر‭ ‬على‭ ‬ثلث‭ ‬البلاد،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬أبواب‭ ‬بغداد‭. ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬رحيلهم‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النهرين‭ ‬التي‭ ‬تركوها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوضى‭ ‬ودمار‭ ‬اضطر‭ ‬الأمريكيون‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي،‭ ‬التي‭ ‬اكتفت‭ ‬بالغارات‭ ‬الجوية،‭ ‬فيما‭ ‬ترك‭ ‬الأمر‭ ‬للعراقيين‭ ‬لتنفيذ‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬

ستستغرق‭ ‬عملية‭ ‬استعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل‭ ‬وتدمير‭ ‬التنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭. ‬امتدت‭ ‬عواقب‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬أدى‭ ‬التلاعب‭ ‬الوقح‭ ‬بالأدلة‭ ‬المزعومة‭ ‬المستخدمة‭ ‬لتبرير‭ ‬الغزو‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تبدو‭ ‬كاذبة‭ ‬وكذلك‭ ‬إمبريالية‭ ‬منافقة،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العداء‭ ‬لأمريكا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

كما‭ ‬وجه‭ ‬الغزو،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬دون‭ ‬تفويض‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ضربة‭ ‬للمنظمة‭ ‬وميثاقها‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬والتزام‭ ‬بعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭. ‬لقد‭ ‬أدى‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬الكارثي‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭. ‬

بعد‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬استقبلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬نتيجة‭ ‬لتداعيات‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬حول‭ ‬استعدادات‭ ‬روسيا‭ ‬لغزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬شتاء‭ ‬2021‭-‬2022‭. ‬

كما‭ ‬أضعفت‭ ‬ذكرى‭ ‬ازدراء‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬جهود‭ ‬واشنطن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لإدانة‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬إدانتها‭ ‬لروسيا‭ ‬لأنها‭ ‬تحمل‭ ‬صورة‭ ‬وإرثا‭ ‬أليما‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭.‬

لم‭ ‬يفوت‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬بدوره‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬أو‭ ‬مناسبة‭ ‬إلا‭ ‬وتراه‭ ‬يذكر‭ ‬الغرب‭ ‬والعالم‭ ‬بكارثة‭ ‬غزو‭ ‬العراق،‭ ‬والذي‭ ‬قدمه‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬الازدواجية‭ ‬الأمريكية‭. ‬أخيرًا،‭ ‬استفادت‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬من‭ ‬التشتت‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأمريكي‭ ‬لاكتساب‭ ‬الزخم‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬ذلك‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

وبينما‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحاول‭ ‬يائسة‭ ‬تكييف‭ ‬جيشها‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬مكافحة‭ ‬حركات‭ ‬التمرد،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬واجهته‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬الصين‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭ ‬وتبني‭ ‬جيشًا‭ ‬قويا‭ ‬ينافس‭ ‬اليوم‭ ‬جيش‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭.‬

أخيرًا،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬للحرب‭ ‬تأثير‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي‭ ‬نفسه،‭ ‬حيث‭ ‬دخلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحقيقة‮»‬‭. ‬أما‭ ‬أكاذيب‭ ‬إدارة‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬الدولي‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها‭. ‬

فالوكالات‭ ‬الحكومية‭  ‬مثل‭ ‬وكالة‭ ‬المخابرات‭ ‬المركزية،‭ ‬ومكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفدرالي‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬وضخمت‭ ‬الدعاية‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تبرير‭ ‬الغزو،‭ ‬فقد‭ ‬فقدت‭ ‬مصداقيتها‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستعدها‭ ‬حقًا‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭.‬

وبينما‭ ‬انتقد‭ ‬المحللون‭ ‬الأوروبيون‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬أيضًا‭ ‬بمثابة‭ ‬بداية‭ ‬انسحاب‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭. ‬أعاد‭ ‬الإخفاق‭ ‬المكلف‭ ‬للغزو‭ ‬العسكري‭ ‬للعراق‭ ‬إحياء‭ ‬الميول‭ ‬الانعزالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬القديمة،‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬جورج‭ ‬واشنطن‭ ‬وإنشاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وهي‭ ‬الميول‭ ‬الانعزالية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬كبتها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭.‬

إنه‭ ‬السم‭ ‬المدسوس‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬التشكك‭ ‬الواسع‭ ‬الانتشار‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬التدخل‭ ‬الأجنبي‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬التالية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬الوافد‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية،‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التمهيدية‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬ثم‭ ‬المرشح‭ ‬الجمهوري‭ ‬جون‭ ‬ماكين‭ ‬وهما‭ ‬من‭ ‬دعاة‭ ‬التدخل‭ ‬المتحمسين‭ ‬الذين‭ ‬أيدوا‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭. ‬كان‭ ‬أوباما‭ ‬عديم‭ ‬الخبرة‭ ‬دوليًا،‭ ‬وظل‭ ‬مهووسًا‭ ‬بالفشل‭ ‬العراقي‭ ‬خلال‭ ‬فترتي‭ ‬ولايته‭. ‬وقد‭ ‬أوفى‭ ‬بوعوده‭ ‬الانتخابية‭ ‬وقام‭ ‬بسحب‭ ‬آخر‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬خلافًا‭ ‬لنصيحة‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬العامة،‭ ‬ما‭ ‬مهد‭ ‬الطريق‭ ‬لعودة‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭. ‬

ظل‭ ‬أوباما‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬تعزيزات‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬مصداقية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بل‭ ‬ومصداقيتها‭ ‬مع‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭. ‬

لكن‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬أفضت‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬إلى‭ ‬صعود‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الرئاسة‭. ‬فقد‭ ‬استخدم‭ ‬هذا‭ ‬المرشح‭ ‬الاستثنائي‭ ‬الذي‭ ‬خاض‭ ‬حملة‭ ‬ضد‭ ‬مؤسسة‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬العراق‭ ‬لاتهام‭ ‬الأسر‭ ‬الحاكمة‭ ‬لبوش‭ ‬وكلينتون‭ ‬السياسيين‭ ‬بالمغامرة‭ ‬العسكرية‭.‬

قال‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬انتقاداته‭ ‬اللاذعة‭ ‬للحرب‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬ألحقنا‭ ‬الضرر‭ ‬بشدة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولكن‭ ‬للإنسانية‭ ‬أيضًا‭... ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مزعزع‭ ‬تمامًا،‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوضى‭ ‬حقيقية‭. ‬كنا‭ ‬سنكون‭ ‬أفضل‭ ‬حالاً‭ ‬لو‭ ‬أنفقنا‭ ‬هذه‭ ‬الـ‭ ‬4‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬على‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والطرق‭ ‬والمطارات‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ينهار‭!‬‮»‬‭.‬

لا‭ ‬يزال‭ ‬ترامب‭ ‬والتيار‭ ‬الانعزالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬يستخدمان‭ ‬نفس‭ ‬الحجج‭ ‬لانتقاد‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬تقييم‭ ‬الأثر‭ ‬النفسي‭ ‬الجماعي‭ ‬لحرب‭ ‬العراق‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭. ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فيتنام،‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬شكلت‭ ‬نهاية‭ ‬فترة‭ ‬التفاؤل‭ ‬الأمريكي‭.‬

بعد‭ ‬نشوة‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬ساهمت‭ ‬صدمة‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي‭ ‬حول‭ ‬قيم‭ ‬مشتركة‭. ‬كان‭ ‬لحرب‭ ‬العراق‭ ‬تأثير‭ ‬معاكس،‭ ‬مثل‭ ‬السم‭ ‬الذي‭ ‬سرى‭ ‬قي‭ ‬شرايين‭ ‬قلب‭ ‬النظام‭ ‬السياسي،‭ ‬حيث‭ ‬وصلت‭ ‬الانقسامات‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬ذروتها‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

امتد‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬والخبراء‭ ‬والحكومة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬اليسارية،‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬إلى‭ ‬اليمين‭. ‬كما‭ ‬أخذ‭ ‬التلاعب‭ ‬بالحقائق‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬إدارة‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬بعدًا‭ ‬جديدًا،‭ ‬ففتح‭ ‬حقبة‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬البديلة،‭ ‬حيث‭ ‬يقدم‭ ‬كل‭ ‬معسكر‭ ‬سياسي‭ ‬واقعًا‭ ‬مختلفًا‭ ‬وفقًا‭ ‬لاحتياجات‭ ‬اللحظة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬اهتمام‭ ‬بالصدق‭.‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬انتهاء‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬قد‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬قصد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتهاء‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤول‭ ‬الكبير‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭.‬

خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬في‭ ‬دالاس‭ ‬المنعقد‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬أشار‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬إلى‭ ‬هجوم‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لإدانة‭ ‬‮«‬قرار‭ ‬الرجل‭ ‬الواحد‭ ‬بشن‭ ‬غزو‭ ‬وحشي‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭ ‬تمامًا‭ ‬للعراق‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتدارك‭ ‬ويصحح‭ ‬نفسه‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أعني‭ ... ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬ليهمس‭ ‬أيضا‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬العراق‭ ‬أيضًا‮»‬‭.‬

 

بوليتيك

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا