العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

ركن المكتبة: إصدارات ثقافية..

إعداد: يحيى الستراوي

السبت ٠٨ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

«التمثال العاشق» رواية جديد للروائي جابر خمدن

 

‭ ‬‮«‬التمثال‭ ‬العاشق‮»‬‭ ‬آخر‭ ‬اعمال‭ ‬الروائي‭ ‬البحريني‭ ‬جابر‭ ‬خمدن‭ ‬صدرت‭ ‬حديثاً‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬ابجد‭ ‬للترجمة‭ ‬والنشر‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬م‭ ‬رواية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الروائي‭ ‬خمدن‭ ‬ومن‭ ‬التمثال‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬نقرأ‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يدرك‭ ‬صنعون‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬باله‭ ‬أن‭ ‬ذاك‭ ‬التمثال‭ ‬الذي‭ ‬صنعه‭ ‬لتلك‭ ‬المرأة‭ ‬وزوجها،‭ ‬سيكون‭ ‬أعظم‭ ‬تمثال‭ ‬صنعته‭ ‬يديه‭ ‬الخشنتين،‭ ‬وسيبقى‭ ‬حتى‭ ‬النهاية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مآلات‭ ‬تمثاله‭ ‬لمّا‭ ‬ولجه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإحساس‭ ‬والشعور‭ ‬فبدت‭ ‬فيه‭ ‬الروح‭ ‬الوالهة‮»‬‭!‬

أما‭ ‬صنمية‭ ‬المعشوقة‭ ‬البشرية،‭ ‬فهي‭ ‬بعيدة‭ ‬بمسافة‭ ‬شاسعة‭. ‬وعوالم‭ ‬التمثال‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬الحركة‭ ‬العجيب‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تفقه‭ ‬معناه‭ ‬العميق‭.  ‬المشهد‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يغمرها‭ ‬بنور‭ ‬الأفق‭ ‬الغارب،‭ ‬هو‭ ‬الشعور‭ ‬بحبل‭ ‬النجاة‭ ‬الوحيد‭ ‬المستحيل‭ ‬مُتجسدا‭ ‬في‭ ‬ذراعي‭ ‬صنمون‭ ‬وهو‭ ‬ينحني‭  ‬بكل‭ ‬حب‭ ‬لينتشلها‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬المياه‭ ‬المتوحشة‭!‬

‭ ‬الصاحب‭.. ‬زوجها‭ ‬البشري‭ ‬يهيم‭ ‬في‭ ‬دنياه‭ ‬البعيدة‭ ‬وهو‭ ‬لن‭ ‬يعرف‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬التمثال‭ ‬الذي‭ ‬قبل‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يُوجد‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬لن‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬نسج‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬زوجته‭ ‬ولو‭ ‬من‭ ‬طرفه‭ ‬هو‭. ‬وصنمية‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬عنها‭ ‬شيئا‭!‬

إذاً‭ ‬تماثيلك‭ ‬يا‭ ‬صنعون‭ ‬سوف‭ ‬تتمرد‭ ‬عليك‭ ‬مادام‭ ‬صنمون‭ ‬قد‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬آخر‭! ‬

وصباح‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬خارطة‭ ‬المسارات،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬الشخصيات‭ ‬الورقية‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬لحم‭ ‬ودم،‭ ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬تملك‭ ‬كل‭ ‬خيوط‭ ‬السرد‭ ‬وتتلاعب‭ ‬بها‭ ‬حسب‭ ‬مخططها‭ ‬السردي‭!‬

لكن‭ ‬صنمية‭ ‬المسكينة‭ ‬تاهت‭ ‬في‭ ‬العوالم‭ ‬حين‭ ‬تعبر‭ ‬من‭ ‬عالمها‭ ‬المكتوب‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬لتخطوا‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬عوالم‭ ‬صباح‭ ‬الحقيقية‭!‬

وأنى‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬حقيقة‭ ‬صلبة‭ ‬مثل‭ ‬صنمون‭ ‬التمثال‭ ‬وتمايز‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬حقيقة‭ ‬صباح‭ ‬الوجود‭ ‬الأكثر‭ ‬حقيقة‭ ‬منه‭! ‬

ربما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬خلطة‭ ‬سردية‭ ‬غريبة،‭ ‬لا‭ ‬أدري‭. ‬فالقائل‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬كيف‭ ‬بزغت‭ ‬صباح‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬القصة؟

هذا‭ ‬نسيج‭ ‬متشابك‭ ‬الخيوط‭ ‬في‭ ‬أنامل‭ ‬صباح‭ ‬وهي‭ ‬وحدها‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬فك‭ ‬عقدها‭.‬

مسارات‭ ‬الشخصيات‭ ‬أيضا‭ ‬مربكة‭ ‬هكذا‭. ‬وهذا‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬أسماء‭ ‬صادية‭ ‬كلها‭ ‬تبدأ‭ ‬بحرف‭ ‬الصاد‭ ‬له‭ ‬دلالاته‭ ‬الواضحة‭ ‬والمستترة‭.‬

في‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير‭ ‬تمشي‭ ‬صباح‭ ‬حاملة‭ ‬مخطوطتها‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬النشر‭.  ‬إنها‭ ‬روح‭ ‬الحكاية‭ ‬وحبكتها‭ ‬التي‭ ‬صاغتها‭ ‬بتلك‭ ‬الطريقة‭ ‬الملتوية‭! ‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬صباح‭ ‬هي‭ ‬تجسيد‭ ‬لخلطة‭ ‬أنثوية‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬نسائية‭ ‬مربوطة‭ ‬بالتاء‭ ‬وطليقة‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬خيالها‭ ‬الجموح‭.  ‬ولعل‭ ‬سر‭ ‬‮«‬الصادات‮»‬‭ ‬مدفون‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬مجهول‭ ‬في‭ ‬شخصيتها‭ ‬الصادية‭ ‬أيضاً‭! ‬

فهل‭ ‬هي‭ ‬تنثر‭ ‬مفاهيم‭ ‬الصد؟‭ ‬

أو‭ ‬تُعمق‭ ‬مرادفات‭ ‬الكلمة‭ ‬الصدود؟‭ ‬

أو‭ ‬ربما‭ ‬تلعب‭ ‬بنغمة‭ ‬وترية‭ ‬صادية‭ ‬من‭ ‬ابتكاراتها؟‭ ‬

صاد‭ ‬وصدّ‭ ‬وصدأ‭ ‬وصبا‭ ‬وصبر‭... ‬

قاموس‭ ‬من‭ ‬حرف‭ ‬ص‭ ‬وجذور‭ ‬فعل‭ ‬وأسماء‭ ‬وصفات‭ ‬ونعوت‭ ‬وغيرها‭ ‬هي‭ ‬حصيلة‭ ‬صباح‭ ‬المفتونة‭ ‬بتشكيلات‭ ‬الحروف‭!‬‮»‬‭ ‬

يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬صباح‭  ‬أنثوية‭ ‬حتى‭ ‬النخاع‭ ‬تقتات‭ ‬اللغة‭ ‬وتنبت‭ ‬الحروف‭ ‬والكلمات‭ ‬على‭ ‬أناملها‭ ‬العشرة‭ ‬فتزهر‭ ‬فوق‭ ‬الأوراق‭! ‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬التمثال‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬خط‭ ‬مساره‭ ‬باختياره‭ ‬لا‭ ‬باختيار‭ ‬صباح‭.  ‬لقد‭ ‬تمرّد‭ ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أوجدته‭ ‬فوق‭ ‬الورق‭ ‬وأسندت‭ ‬صنعه‭ ‬لذاك‭ ‬المثّال‭ ‬الورع‭ ‬المهووس‭ ‬بصنع‭ ‬الأيقونات‭ ‬المقدسة‭! ‬

ربما‭ ‬يجدر‭ ‬بالصاحب‭ ‬أن‭ ‬يضعه‭ ‬موديلا‭ ‬في‭ ‬مرسمه‭ ‬ويتعامل‭ ‬معه‭ ‬بطريقة‭ ‬مُثلى‭ ‬ولكن‭ ‬أنى‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يفقه‭ ‬ذلك‭! ‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬التمثال‭ ‬فكرة‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬صباح‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬تُصبح‭ ‬كتابا‭. ‬

ربما‭ ‬نست‭ ‬الإهداء‭ ‬الأول،‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬الشاعرية‭ ‬المُهداة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬تماثيل‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬صمد‭ ‬ومن‭ ‬اندثر‭ ‬ومن‭ ‬فُجر‭! ‬

ربما‭ ‬لو‭ ‬رأت‭ ‬تمثال‭ ‬علي‭ ‬وينينو‭ ‬المُتحرك‭ ‬تُضيئه‭ ‬الأنوار‭ ‬قبالة‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬ولو‭ ‬قرأت‭ ‬قصة‭ ‬العشق‭ ‬المُتجسدة‭ ‬هناك‭ ‬والخارجة‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬رواية‭ ‬لاشتاقت‭ ‬إلى‭ ‬لقاء‭ ‬مبدعة‭ ‬التمثال‭ ‬وربما‭ ‬تذهب‭ ‬لزيارتها‭. ‬

صنمية‭ ‬أيضا‭ ‬سيفرحها‭ ‬أن‭ ‬تكتشف‭ ‬هذا‭ ‬التمثال‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬بشرية‭ ‬ولكن‭ ‬هيهات‭ ‬لشخصية‭ ‬ورقية‭ ‬أن‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭! ‬

تشتعل‭ ‬مُخيلة‭ ‬صباح‭ ‬الآن‭ ‬وهي‭ ‬تقرأ‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬علي‭ ‬ونينو‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تُسافر‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬لرؤية‭ ‬التمثال‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬ولسوف‭ ‬تقرأ‭ ‬ربما‭ ‬الرواية‭ ‬الأصلية‭ ‬ثم‭ ‬تلتقي‭ ‬بمبدعة‭ ‬التمثال‭! ‬

وهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬ليست‭ ‬نسيجا‭ ‬في‭ ‬روايتها‭ ‬وإنما‭ ‬ذُكرت‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬تمثالها‭ ‬صنمون‭ ‬ولتشابه‭ ‬الحكاية‭ ‬في‭ ‬العشق‭ ‬وأصلها‭ ‬ثاوٍ‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرواية‭ ‬المنسية‭! ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا