واشنطن - (د ب أ): مع اكتمال العام الأول للنزاع في أوكرانيا، ظهرت مؤشرات على احتمال الوصول إلى نهايتها قريبا. ففي تطور أشبه بمعجزات عيد الميلاد، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا «مستعدة للتفاوض على نتائج مقبولة» للحرب في أوكرانيا. وفي الشهر الماضي أعلنت الصين خطتها للسلام في أوكرانيا، وزار الرئيس الصيني شي جين بينج موسكو لبحث تلك الخطة.
في الوقت نفسه دخلت روسيا وأوكرانيا مأزقا مريرا في ظل العجز عن تحقيق أي تقدم حقيقي على أرض المعركة خلال الشهور الأخيرة. لذلك يبدو أن الوقت مناسب للوصول إلى نوع من وقف إطلاق النار أو الهدنة أو شيء من هذا القبيل، بحسب ويسلي ساتروايت المحلل الاستراتيجي والمستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية قال ساتروايت الضابط السابق في المخابرات الأمريكية إن الوقت حان لكي تفكر الولايات المتحدة فيما يمكن أن يحدث بعد الحرب، وبخاصة مصير الأسلحة والمعدات المقدرة بمليارات الدولارات التي أرسلتها إلى أوكرانيا عندما تخرج من الحرب بمؤسسات ضعيفة وتحتاج إلى إعادة البناء، مع وجود جيوب للتمرد الموالي لروسيا ومساحات من الأراضي تسيطر عليها قوات روسية.
وحتى الآن قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 34 مليار دولار، منها 12.7 مليار دولار في صورة أسلحة ومعدات من مخزونات وزارة الدفاع الأمريكية حاليا، إلى جانب 1.3 مليار دولار كمنح وقروض لتمويل شراء أسلحة ومعدات إضافية.
ويقول ستاروايت إنه يتعين على الولايات المتحدة تجنب تكرار أخطاء تسليح الأفغان في مواجهة الغزو السوفيتي لبلادهم في ثمانينيات القرن العشرين.
في ذلك الصراع نجحت الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف ستينجر في إسقاط الكثير من المروحيات السوفيتية وساهمت في هزيمة الاتحاد السوفيتي.
وفي ذلك الوقت كانت هذه الصواريخ تعتبر تكنولوجيا حساسة، وكانت الولايات المتحدة تشترط على المجاهدين إعادة فوارغ الذخيرة المستنفدة مقابل إرسال كميات جديدة منها إليهم.
وبعد إتمام انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان في فبراير 1989، أطلقت الولايات المتحدة برنامجا بقيمة 65 مليون دولار لإعادة شراء صواريخ ستينجر من الأفغان، لكن البرنامج فشل بنسبة كبيرة. وسرعان ما عرفت هذه الصواريخ طريقها إلى كوريا الشمالية وإيران وطاجيكستان.
والآن يتكرر السيناريو الأفغاني، حيث تلعب الصواريخ الأمريكية طراز إف.جي.إم18- جافلين المضادة للدبابات دورا كبيرا في التصدي للمدرعات الروسية بنسب إصابة تبلغ 93%. وفي نوفمبر الماضي قال كولين كال مساعد وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون السياسة إن الروس فقدوا حوالي نصف دباباتهم الرئيسية بفضل الصواريخ جافلين، حيث تم تزويد أوكرانيا بأكثر من 8500 صاروخ إف.إم.جي 148 جافلين وأكثر من 1650 صاروخ ستينجر المضاد للطائرات و1800 طائرة مسيرة طراز فونيكس جوست و2500 منظومة صواريخ متنوعة.
والحقيقة أن هناك قصورا شديدا في الرقابة الأمريكية على هذه الأسلحة حتى الآن. فالسفارة الأمريكية بكييف المعنية أساسا بمتابعة استخدام هذه الأسلحة لا تمتلك القدرات البشرية ولا المادية الكافية للقيام بهذه المهمة بسبب الحرب. كما أن أمريكا لا تفرض على الأوكرانيين إعادة فوارغ صواريخ جافلين مقابل الحصول على صواريخ جديدة من الطراز نفسه، كما فعلت مع صواريخ ستينجر في أفغانستان خلال الثمانينيات.
لذلك على الولايات المتحدة تكثيف الرقابة والتفتيش الفعلي على تداول الأسلحة التي تقدمها إلى أوكرانيا. فمنذ بدء وصول المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا، لم يخضع سوى 10% من المعدات والأسلحة الشديدة الحساسية لمثل هذه الرقابة. تتم هذه الرقابة من خلال مكتب الملحق العسكري في السفارة الأمريكية بكييف.
ويقول ساتروايت إن أوكرانيا هي أفضل دولة في أوروبا وثاني أكبر دولة فاسدة فيها بعد روسيا، وتحتل المركز 122 على مؤشر الفساد في العالم.
وأخيرا على الولايات المتحدة التعامل بمنتهى الجدية مع ملف الأسلحة المقدمة إلى أوكرانيا ورسم سيناريوهات التعامل معها بعد انتهاء الحرب، التي ستنتهي عاجلا أو آجلا حتى تجنب أوروبا والعالم مخاطر أكبر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك