عالم يتغير
فوزية رشيد
العلم الأصلي هو العلم الإلهي!
{ ونواصل تأملاتنا الرمضانية:
لأن آدم الذي علمّه الله «الأسماء كلها» أي المعارف كلها، سبق بوجوده كخلق جديد لإنسان عاقل رشَّحه الله ليكون خليفة في الأرض نقول سبق بوجوده قيام كل الحضارات، فمعارفه التي تم تناقلها عبر الرُسل إلى الأمم هي التي من خلالها، ومن خلال العلوم الإلهية «الأصلية» كل الحضارات ومفكرو هذا الزمن لم يختلفوا عن من تم ذكرهم في القرآن وهم يكذِّبون «الرسالة المحمدية» بقولهم (إنها أساطير الأولين) ولهذا وبهذا ينشط اليوم أيضا مفكرو الغرب والباحثين في الحضارات القديمة! ويقولون إن الحضارة السومرية أو الفرعونية أو كمثال والتي جاءت قبل الإسلام، هناك ما يتشابه فيها مع ما تمّ ذكره في القرآن، كفيضان نوح وقصة الخلق والعالم العلوي والعالم السفلي، أي إن القرآن نقل عن تلك الحضارات! هؤلاء يتناسون أو يتجاهلون (المنطق الزمني للتاريخ نفسه)! ونشوء «الإنسان العاقل» أولاً الذي أسس بعد (نسله) تلك الحضارات كلها! يتجاهلون الآن «آدم» سبق بنشأته نشوء الحضارات! وأن معارفه التي علمه الله بها أن «الأسماء كلها» سبقت أية معرفة أنشأها الإنسان بعد ذلك! ونسوا أن الله عز وجل أرسل إلى الأمم الرّسل، ممن تم ذكر بعضهم وكثير منهم لم يتم ذكره حسب النص القرآني المقدس!
ولذلك فإن (العلوم الأصلية) أو الدين الواحد الذي هو الإسلام لدى كل الرسل والأنبياء والذي بدأ مع آدم وصولاً إلى خاتم الأديان الإسلام، قد تسربت علومه ورؤاه الدينية وقصصه حول الخلق والمعارف حول الأحداث المذكورة لاحقاً في القرآن، إلى كل الأمم القديمة، ولكن مع حدوث التحريف فيها عن «الأصل المعرفي» للرواية الدينية في الخلق أو في الشرائع أو في المعتقد! حتى جاء «القرآن» ليعيد (الرواية الصحيحة) كما علمّها الله لآدم، بعناوين كبيرة حول خلق الإنسان والسموات والأرض، أي الكون، والحديث عن الآخرة بصيغة الحاضر والماضي، تأكيداً ليقينية حدوثه يوم القيامة، والثواب والعقاب والجنة والنار!
{ إذا التشابه في بعض التفاصيل بين النص القرآني، وسردية الباحثين في الحضارات والأديان، هو أمر طبيعي، يعيد ما تم تداوله بين الأمم إلى (أصله المثبت في القرآن هذه المرة) وحيث تعهّد الخالق نفسه بحفظه ولكنه كان موجودا لدى كل الرسل والأنبياء السابقين لنبي الإسلام وفي كتبهم أصولاً مما تمّ تثبيته وحفظه لاحقاً في القرآن، ومن هنا ينبع سؤال مهم: هل أخذت الأمم التي أنشأت الحضارات معارفها من آدم والرسل اللاحقين له، أم أن القرآن أخذ عن الحضارات وبها تأثيرات الرسل السابقين؟! إذا كان التاريخ سواء بمن كتبه من المؤمنين أو الملحدين أو المتشككين، يعزّ بوجود «الإنسان العاقل» أولاً، الذي هو في النص القرآني «آدم»، وأن «آدم» أخذ علومه ومعارفه كلها من الله الذي علمّه بها، إذاً فالمنطق يقول إن كل ما جاء تأسيسه من معارف بعد ذلك، هي من العلوم الأصلية أو العلوم الإلهية، ولكن التغيرات والتحريفات حدثت فيها في روايتها مع الزمن! ثم جاءت (التلاعبات الأكثر عبثاً) في تحريف العلوم الأصلية، لجعلها متناسبة مع (تلاعبات الرؤى الشيطانية)، التي تم بها تحريف الأصل، وهو أيضاً من الأمور التي تمّ ذكرها في القرآن! مع فارق أن شيطان هذا العصر مدجّج بالعلوم.
المادية وحدها!
{ ملحدو هذا الزمان لا يختلفون عن ملحدي ومشركي أو كفّار أزمان سابقة! فهم بذات الوصف يأتون ليقولوا إنها (أساطير الأولين)! والغريب أن هناك مفكرين يدعون أنهم متخصصون في الأديان والحضارات يرددون ذات «الحجة الواهية» التي أجاب عليها القرآن وهو يحاورهم! ولكأن (العقل الجاحد للخالق) يسوق حجته وهو يعرف أنها حجّة تمت الإجابة عنها وتفنيدها بكلام الله عزّ وجل نفسه! ولأن «العقل المادي» المبهور بالعلوم المادّية والمعمّلية والرؤية المادية للحياة أو علوم الرجال، لا يمكنه استيعاب الذات الإلهية! ولا «التجرد العقلي والاعجاز اللغوي» في القرآن!، لذلك يقع في فخّ العربة قبل الحصان، أي الحضارات قبل «العلم الإلهي» الذي علمّ به آدم وأوحى به للرسل، معتقداً بذلك أنه يحقق الوصول إلى المراتب العليا من «العقل العلمي»!
هل بإمكان هؤلاء أن يضعوا العربة خلف الحصان، لتسير كل المعارف خلف بعضها بسهولة وتعود إلى جذورها الأصلية وتراتبيتها المعرفية والمنطقية، وتتحقق الحكمة في معرفة سرّ وجود الإنسان وعلومه الأصلية، وكيف أسس الحضارات العربية القديمة وغيرها من حضارات الأمم؟! لا أعتقد ولذلك ستبقى (الالتباسات المفاهيمية) سارية المفعول من دون التفرقة بين العلوم الأصلية والعلوم المخبرية والمعملية، التي هي مجرد جزء في تلك العلوم، مهما بلغت من تطورات ينبهر بها الملحدون واللادينيون وأصحاب نظرية تطوّر الإنسان من القرود!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك