العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

العلم الأصلي هو العلم الإلهي!

{‭ ‬ونواصل‭ ‬تأملاتنا‭ ‬الرمضانية‭:‬

لأن‭ ‬آدم‭ ‬الذي‭ ‬علمّه‭ ‬الله‭ ‬‮«‬الأسماء‭ ‬كلها‮»‬‭ ‬أي‭ ‬المعارف‭ ‬كلها،‭ ‬سبق‭ ‬بوجوده‭ ‬كخلق‭ ‬جديد‭ ‬لإنسان‭ ‬عاقل‭ ‬رشَّحه‭ ‬الله‭ ‬ليكون‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬نقول‭ ‬سبق‭ ‬بوجوده‭ ‬قيام‭ ‬كل‭ ‬الحضارات،‭ ‬فمعارفه‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تناقلها‭ ‬عبر‭ ‬الرُسل‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬العلوم‭ ‬الإلهية‭ ‬‮«‬الأصلية‮»‬‭ ‬كل‭ ‬الحضارات‭ ‬ومفكرو‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬لم‭ ‬يختلفوا‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬ذكرهم‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬وهم‭ ‬يكذِّبون‭ ‬‮«‬الرسالة‭ ‬المحمدية‮»‬‭ ‬بقولهم‭ (‬إنها‭ ‬أساطير‭ ‬الأولين‭) ‬ولهذا‭ ‬وبهذا‭ ‬ينشط‭ ‬اليوم‭ ‬أيضا‭ ‬مفكرو‭ ‬الغرب‭ ‬والباحثين‭ ‬في‭ ‬الحضارات‭ ‬القديمة‭! ‬ويقولون‭ ‬إن‭ ‬الحضارة‭ ‬السومرية‭ ‬أو‭ ‬الفرعونية‭ ‬أو‭ ‬كمثال‭ ‬والتي‭ ‬جاءت‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام،‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يتشابه‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تمّ‭ ‬ذكره‭ ‬في‭ ‬القرآن،‭ ‬كفيضان‭ ‬نوح‭ ‬وقصة‭ ‬الخلق‭ ‬والعالم‭ ‬العلوي‭ ‬والعالم‭ ‬السفلي،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬القرآن‭ ‬نقل‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الحضارات‭! ‬هؤلاء‭ ‬يتناسون‭ ‬أو‭ ‬يتجاهلون‭ (‬المنطق‭ ‬الزمني‭ ‬للتاريخ‭ ‬نفسه‭)! ‬ونشوء‭ ‬‮«‬الإنسان‭ ‬العاقل‮»‬‭ ‬أولاً‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬بعد‭ (‬نسله‭) ‬تلك‭ ‬الحضارات‭ ‬كلها‭! ‬يتجاهلون‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬آدم‮»‬‭ ‬سبق‭ ‬بنشأته‭ ‬نشوء‭ ‬الحضارات‭! ‬وأن‭ ‬معارفه‭ ‬التي‭ ‬علمه‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأسماء‭ ‬كلها‮»‬‭ ‬سبقت‭ ‬أية‭ ‬معرفة‭ ‬أنشأها‭ ‬الإنسان‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭! ‬ونسوا‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أرسل‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬الرّسل،‭ ‬ممن‭ ‬تم‭ ‬ذكر‭ ‬بعضهم‭ ‬وكثير‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬ذكره‭ ‬حسب‭ ‬النص‭ ‬القرآني‭ ‬المقدس‭!‬

ولذلك‭ ‬فإن‭ (‬العلوم‭ ‬الأصلية‭) ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬الواحد‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الرسل‭ ‬والأنبياء‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬مع‭ ‬آدم‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬خاتم‭ ‬الأديان‭ ‬الإسلام،‭ ‬قد‭ ‬تسربت‭ ‬علومه‭ ‬ورؤاه‭ ‬الدينية‭ ‬وقصصه‭ ‬حول‭ ‬الخلق‭ ‬والمعارف‭ ‬حول‭ ‬الأحداث‭ ‬المذكورة‭ ‬لاحقاً‭ ‬في‭ ‬القرآن،‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الأمم‭ ‬القديمة،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬حدوث‭ ‬التحريف‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الأصل‭ ‬المعرفي‮»‬‭ ‬للرواية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬الخلق‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الشرائع‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المعتقد‭! ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬‮«‬القرآن‮»‬‭ ‬ليعيد‭ (‬الرواية‭ ‬الصحيحة‭) ‬كما‭ ‬علمّها‭ ‬الله‭ ‬لآدم،‭ ‬بعناوين‭ ‬كبيرة‭ ‬حول‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬والسموات‭ ‬والأرض،‭ ‬أي‭ ‬الكون،‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬الآخرة‭ ‬بصيغة‭ ‬الحاضر‭ ‬والماضي،‭ ‬تأكيداً‭ ‬ليقينية‭ ‬حدوثه‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬والثواب‭ ‬والعقاب‭ ‬والجنة‭ ‬والنار‭!‬

{‭ ‬إذا‭ ‬التشابه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل‭ ‬بين‭ ‬النص‭ ‬القرآني،‭ ‬وسردية‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬الحضارات‭ ‬والأديان،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬يعيد‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬إلى‭ (‬أصله‭ ‬المثبت‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭) ‬وحيث‭ ‬تعهّد‭ ‬الخالق‭ ‬نفسه‭ ‬بحفظه‭ ‬ولكنه‭ ‬كان‭ ‬موجودا‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الرسل‭ ‬والأنبياء‭ ‬السابقين‭ ‬لنبي‭ ‬الإسلام‭ ‬وفي‭ ‬كتبهم‭ ‬أصولاً‭ ‬مما‭ ‬تمّ‭ ‬تثبيته‭ ‬وحفظه‭ ‬لاحقاً‭ ‬في‭ ‬القرآن،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬ينبع‭ ‬سؤال‭ ‬مهم‭: ‬هل‭ ‬أخذت‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬أنشأت‭ ‬الحضارات‭ ‬معارفها‭ ‬من‭ ‬آدم‭ ‬والرسل‭ ‬اللاحقين‭ ‬له،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬أخذ‭ ‬عن‭ ‬الحضارات‭ ‬وبها‭ ‬تأثيرات‭ ‬الرسل‭ ‬السابقين؟‭! ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬التاريخ‭ ‬سواء‭ ‬بمن‭ ‬كتبه‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬أو‭ ‬الملحدين‭ ‬أو‭ ‬المتشككين،‭ ‬يعزّ‭ ‬بوجود‭ ‬‮«‬الإنسان‭ ‬العاقل‮»‬‭ ‬أولاً،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬القرآني‭ ‬‮«‬آدم‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬آدم‮»‬‭ ‬أخذ‭ ‬علومه‭ ‬ومعارفه‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬علمّه‭ ‬بها،‭ ‬إذاً‭ ‬فالمنطق‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬تأسيسه‭ ‬من‭ ‬معارف‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬الأصلية‭ ‬أو‭ ‬العلوم‭ ‬الإلهية،‭ ‬ولكن‭ ‬التغيرات‭ ‬والتحريفات‭ ‬حدثت‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬روايتها‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭! ‬ثم‭ ‬جاءت‭ (‬التلاعبات‭ ‬الأكثر‭ ‬عبثاً‭) ‬في‭ ‬تحريف‭ ‬العلوم‭ ‬الأصلية،‭ ‬لجعلها‭ ‬متناسبة‭ ‬مع‭ (‬تلاعبات‭ ‬الرؤى‭ ‬الشيطانية‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬بها‭ ‬تحريف‭ ‬الأصل،‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تمّ‭ ‬ذكرها‭ ‬في‭ ‬القرآن‭! ‬مع‭ ‬فارق‭ ‬أن‭ ‬شيطان‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬مدجّج‭ ‬بالعلوم‭.‬

المادية‭ ‬وحدها‭!‬

{‭ ‬ملحدو‭ ‬هذا‭ ‬الزمان‭ ‬لا‭ ‬يختلفون‭ ‬عن‭ ‬ملحدي‭ ‬ومشركي‭ ‬أو‭ ‬كفّار‭ ‬أزمان‭ ‬سابقة‭! ‬فهم‭ ‬بذات‭ ‬الوصف‭ ‬يأتون‭ ‬ليقولوا‭ ‬إنها‭ (‬أساطير‭ ‬الأولين‭)! ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مفكرين‭ ‬يدعون‭ ‬أنهم‭ ‬متخصصون‭ ‬في‭ ‬الأديان‭ ‬والحضارات‭ ‬يرددون‭ ‬ذات‭ ‬‮«‬الحجة‭ ‬الواهية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أجاب‭ ‬عليها‭ ‬القرآن‭ ‬وهو‭ ‬يحاورهم‭! ‬ولكأن‭ (‬العقل‭ ‬الجاحد‭ ‬للخالق‭) ‬يسوق‭ ‬حجته‭ ‬وهو‭ ‬يعرف‭ ‬أنها‭ ‬حجّة‭ ‬تمت‭ ‬الإجابة‭ ‬عنها‭ ‬وتفنيدها‭ ‬بكلام‭ ‬الله‭ ‬عزّ‭ ‬وجل‭ ‬نفسه‭! ‬ولأن‭ ‬‮«‬العقل‭ ‬المادي‮»‬‭ ‬المبهور‭ ‬بالعلوم‭ ‬المادّية‭ ‬والمعمّلية‭ ‬والرؤية‭ ‬المادية‭ ‬للحياة‭ ‬أو‭ ‬علوم‭ ‬الرجال،‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬استيعاب‭ ‬الذات‭ ‬الإلهية‭! ‬ولا‭ ‬‮«‬التجرد‭ ‬العقلي‭ ‬والاعجاز‭ ‬اللغوي‮»‬‭ ‬في‭ ‬القرآن‭!‬،‭ ‬لذلك‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬فخّ‭ ‬العربة‭ ‬قبل‭ ‬الحصان،‭ ‬أي‭ ‬الحضارات‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬العلم‭ ‬الإلهي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬علمّ‭ ‬به‭ ‬آدم‭ ‬وأوحى‭ ‬به‭ ‬للرسل،‭ ‬معتقداً‭ ‬بذلك‭ ‬أنه‭ ‬يحقق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المراتب‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬‮«‬العقل‭ ‬العلمي‮»‬‭!‬

هل‭ ‬بإمكان‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬يضعوا‭ ‬العربة‭ ‬خلف‭ ‬الحصان،‭ ‬لتسير‭ ‬كل‭ ‬المعارف‭ ‬خلف‭ ‬بعضها‭ ‬بسهولة‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬جذورها‭ ‬الأصلية‭ ‬وتراتبيتها‭ ‬المعرفية‭ ‬والمنطقية،‭ ‬وتتحقق‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬سرّ‭ ‬وجود‭ ‬الإنسان‭ ‬وعلومه‭ ‬الأصلية،‭ ‬وكيف‭ ‬أسس‭ ‬الحضارات‭ ‬العربية‭ ‬القديمة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬حضارات‭ ‬الأمم؟‭! ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬ولذلك‭ ‬ستبقى‭ (‬الالتباسات‭ ‬المفاهيمية‭) ‬سارية‭ ‬المفعول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬العلوم‭ ‬الأصلية‭ ‬والعلوم‭ ‬المخبرية‭ ‬والمعملية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مجرد‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العلوم،‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬ينبهر‭ ‬بها‭ ‬الملحدون‭ ‬واللادينيون‭ ‬وأصحاب‭ ‬نظرية‭ ‬تطوّر‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬القرود‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا