العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

الحاجة إلى وضع حل لمشكلة الازدحام

بقلم: د. نبيل العسومي {

الاثنين ٢٧ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

لم‭ ‬يعد‭ ‬موضوع‭ ‬الازدحام‭ ‬المروري‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مجرد‭ ‬قضية‭ ‬عابرة‭ ‬مربوطة‭ ‬بلحظة‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬بفترة‭ ‬معينة‭ ‬مثل‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬أصبح‭ ‬ظاهرة‭ ‬يومية‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬الزملاء‭ ‬الكتاب‭ ‬والصحفيين‭ ‬إلى‭ ‬إثارتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الجميع‭ ‬كبيرا‭ ‬وصغيرا‭ ‬مواطنا‭ ‬أو‭ ‬مسؤولا‭ ‬بات‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬وذلك‭ ‬لثلاثة‭ ‬أسباب‭ ‬في‭ ‬تقديري‭:‬

الأول‭: ‬إن‭ ‬الازدحام‭ ‬المروري‭ ‬المتزايد‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬لعودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬الإغلاق‭ ‬الشامل‭ ‬أو‭ ‬الجزئي‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬خلال‭ ‬اتباع‭ ‬نظام‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬ونظام‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬بشكل‭ ‬أوسع‭ ‬حيث‭ ‬خفت‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬و2021‭ ‬بشكل‭ ‬مريح‭ ‬ولافت‭ ‬للنظر‭ ‬وفجأة‭ ‬عادت‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬وعاد‭ ‬الازدحام‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬ومقلق‭ ‬ولذلك‭ ‬بات‭ ‬الجميع‭ ‬يشكو‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭.‬

الثاني‭: ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬النهضة‭ ‬التنموية‭ ‬وعودة‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬وتحرك‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتحسن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬ووجود‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬الجديدة‭ ‬قد‭ ‬اسهم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬وما‭ ‬رافقه‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬وسائل‭ ‬التنقل‭ ‬المختلفة‭ ‬حيث‭ ‬تجوب‭ ‬البحرين‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها‭ ‬وأنواعها‭ ‬طوال‭ ‬النهار‭ ‬ووصولا‭ ‬إلى‭ ‬الليل‭ ‬أيضا‭ ‬ولذلك‭ ‬بات‭ ‬المواطن‭ ‬والمقيم‭ ‬يشعر‭ ‬بالازدحام‭ ‬كلما‭ ‬دخل‭ ‬الشارع‭ ‬وقاد‭ ‬سيارته‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬محل‭ ‬عمله‭ ‬أو‭ ‬لقضاء‭ ‬حاجة‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬مراجعة‭ ‬جهة‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الحياتية‭.‬

وبالفعل‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬الازدحام‭ ‬قد‭ ‬زاد‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬المواصلات‭ ‬والمرور‭ ‬لديها‭ ‬المعلومات‭ ‬والإحصاءات‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬نسبة‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬المركبات‭ ‬المرخصة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الطرقات‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬تطورا‭ ‬كبيرا‭ ‬يواكب‭ ‬تطور‭ ‬حركة‭ ‬المركبات‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ضيقة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الجسور‭ ‬وتعديل‭ ‬الإشارات‭ ‬الضوئية‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬المستجد،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬أضحت‭ ‬صعبة‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬الذين‭ ‬ينقلون‭ ‬أبناءهم‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬حيث‭ ‬تضيع‭ ‬ساعات‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬وسط‭ ‬التلوث‭ ‬والضجيج‭ ‬والتوتر‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الأعصاب‭ ‬والصحة‭ ‬والنفسية‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬المردود‭ ‬الإنتاجي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬السائقين،‭ ‬هذا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬الآثار‭ ‬الخطيرة‭ ‬للازدحام‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬بسبب‭ ‬التلوث‭ ‬المتصاعد‭ ‬لمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬تبث‭ ‬دخانها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توقف‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الخسارة‭ ‬الهائلة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الكبير‭ ‬للبترول‭ ‬بسبب‭ ‬بقاء‭ ‬محركات‭ ‬السيارات‭ ‬تعمل‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭.‬

الثالث‭: ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬التخطيط‭ ‬الشامل‭ ‬وربما‭ ‬قلة‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬تحديدا‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الازدحام‭ ‬المروري‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬الجسور‭ ‬والأنفاق‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تقض‭ ‬على‭ ‬مسألة‭ ‬الازدحام‭ ‬بالكامل‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬نقص‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬سابقة‭ ‬وراء‭ ‬تأخر‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الحلول‭ ‬الجذرية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬مثل‭ ‬حفر‭ ‬الأنفاق‭ ‬وبناء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجسور‭ ‬وإعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬ازدحامات‭ ‬كبيرة‭ ‬وإيجاد‭ ‬حل‭ ‬جذري‭ ‬لموضوع‭ ‬تكدس‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬متقاربة‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الترخيص‭ ‬لفتح‭ ‬مدارس‭ ‬وجامعات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬المناطق‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية‭ ‬فيها‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هنالك‭ ‬حلولا‭ ‬ممكنة‭ ‬يمكن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭ ‬تدريجيا‭ ‬ووفقا‭ ‬للإمكانيات‭ ‬المالية‭ ‬المتاحة‭ ‬ولعل‭ ‬أهمها‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬هو‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬المترو‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬أهم‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬بالجامعات‭ ‬والمدارس‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬مع‭ ‬ملاءمته‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل‭ ‬ومحطات‭ ‬الوقوف‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬البحريني‭ ‬وتعدد‭ ‬القرى‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬السيارات‭ ‬الخاصة‭ ‬عندما‭ ‬تتوفر‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ملايين‭ ‬الناس‭ ‬يستخدمون‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬الذهاب‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬المدرسة‭ ‬ولعل‭ ‬موضوع‭ ‬الازدحام‭ ‬اليوم‭ ‬لما‭ ‬يشكله‭ ‬من‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬سيكون‭ ‬دافعا‭ ‬جديدا‭ ‬للتعجيل‭ ‬بالبدء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الحضاري‭ ‬الكبير‭ ‬لإنقاذ‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬الازدحام‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬يتطلب‭ ‬تخليص‭ ‬المجتمع‭ ‬تدريجيا‭ ‬من‭ ‬العقلية‭ ‬السائدة‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬حتمية‭ ‬استخدام‭ ‬السيارة‭ ‬الخاصة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬المواصلات‭ ‬العامة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا