العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٠ - السبت ١١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

صفحات من أوراق جدي الخضراء.. الدنيا وعجلة الحياة

بقلم: الدكتور زكريا الخنجي

الأحد ٢٦ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬المُتع‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬أستمتع‭ ‬بها‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬صندوق‭ ‬جدي‭ ‬الحاوي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬الصفراء‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬والحكايات‭ ‬عن‭ ‬أزمان‭ ‬لم‭ ‬أعشها،‭ ‬وتعطيني‭ ‬العبرة‭ ‬والعظة‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬الحكايات‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬أنقلها‭ ‬إليكم‭ ‬اليوم‭..‬

يروي‭ ‬جدي‭ ‬ويقول؛

يحكى‭ ‬أن‭ ‬فتى‭ ‬قال‭ ‬لأبيه‭: ‬أريد‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬فتاة‭ ‬رأيتها‭ ‬وأعجبني‭ ‬جمالها‭ ‬وسحر‭ ‬عيونها‭.‬

رد‭ ‬عليه‭ ‬الأب‭ ‬وهو‭ ‬فرح‭ ‬مسرور‭ ‬وقال‭: ‬أين‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة‭ ‬حتى‭ ‬أخطبها‭ ‬لك‭ ‬يا‭ ‬بني؟

فلما‭ ‬ذهبا،‭ ‬ورأى‭ ‬الأب‭ ‬تلك‭ ‬البنت‭ ‬أعجب‭ ‬هو‭ ‬بها،‭ ‬فقال‭ ‬لابنه‭: ‬اسمع‭ ‬يا‭ ‬بني،‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬مستواك‭ ‬وأنت‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬لها،‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة‭ ‬يستحقها‭ ‬رجل‭ ‬له‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وتعتمد‭ ‬عليه‭ ‬مثلي‭.‬

اندهش‭ ‬الولد‭ ‬لكلام‭ ‬أبيه‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬كلا‭ ‬يا‭ ‬أبي،‭ ‬بل‭ ‬أنا‭ ‬وليس‭ ‬أنت‭.‬

فتخاصما،‭ ‬وذهبا‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة‭ ‬ليحلوا‭ ‬لهم‭ ‬المشكلة،‭ ‬وعندما‭ ‬قصّا‭ ‬للضابط‭ ‬قصتهما،‭ ‬قال‭ ‬لهما‭: ‬أحضرا‭ ‬الفتاة‭ ‬لكي‭ ‬نسألها‭ ‬من‭ ‬تريد‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الولد‭. ‬فلما‭ ‬رآها‭ ‬الضابط‭ ‬انبهر‭ ‬بحسنها‭ ‬وفتنته،‭ ‬وقال‭ ‬لهما‭: ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬لكما،‭ ‬بل‭ ‬تصلح‭ ‬لشخص‭ ‬مرموق‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬مثلي‭.‬

وتخاصم‭ ‬الثلاثة‭ ‬وذهبوا‭ ‬إلى‭ ‬الوزير،‭ ‬وعندما‭ ‬رآها‭ ‬الوزير‭ ‬قال‭: ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬يتزوجها‭ ‬إلا‭ ‬الوزراء‭ ‬مثلي‭.‬

وأيضًا‭ ‬تخاصموا‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬البلدة،‭ ‬وعندما‭ ‬حضروا‭ ‬قال‭: ‬أنا‭ ‬سأحل‭ ‬لكم‭ ‬المشكلة،‭ ‬أحضروا‭ ‬الفتاة،‭ ‬فلما‭ ‬رآها‭ ‬رئيس‭ ‬البلدة‭ ‬قال‭: ‬بل‭ ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬يتزوجها‭ ‬إلا‭ ‬قائد‭ ‬مثلي‭.‬

وتجادلوا‭ ‬جميعًا،‭ ‬ثم‭ ‬قالت‭ ‬الفتاة‭: ‬أنا‭ ‬عندي‭ ‬الحل‭. ‬سوف‭ ‬أركض‭ ‬وأنتم‭ ‬تركضون‭ ‬خلفي،‭ ‬والذي‭ ‬يمسكني‭ ‬أولاً‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬نصيبه‭.‬

فوافقوا‭ ‬وبدأ‭ ‬السباق‭ ‬والجري‭ ‬خلف‭ ‬الفتاة،‭ ‬وركضت‭ ‬الفتاة‭ ‬وركض‭ ‬الخمسة‭ ‬خلفها،‭ ‬الشاب،‭ ‬والأب،‭ ‬والضابط‭ ‬والوزير،‭ ‬ورئيس‭ ‬البلدة‭. ‬تركوا‭ ‬كل‭ ‬المتع‭ ‬التي‭ ‬يمرون‭ ‬عليها‭ ‬وكل‭ ‬طيبات‭ ‬الحياة،‭ ‬وكان‭ ‬هدفهم‭ ‬الفتاة‭ ‬فقط‭.‬

وفجأة،‭ ‬وهم‭ ‬يركضون‭ ‬خلفها‭ ‬سقط‭ ‬الخمسة‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬عميقة،‭ ‬ثم‭ ‬نظرت‭ ‬إليهم‭ ‬الفتاة‭ ‬من‭ ‬أعلى،‭ ‬وقالت‭: ‬هل‭ ‬أدركتم‭ ‬من‭ ‬أنا؟‭ ‬أنا‭ ‬الدنيا،‭ ‬أنا‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬خلفي‭ ‬جميع‭ ‬الناس،‭ ‬ويتسابقون‭ ‬للحصول‭ ‬عليّ،‭ ‬ويلهون‭ ‬عن‭ ‬دينهم‭ ‬ودنياهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اللحاق‭ ‬بي،‭ ‬حتى‭ ‬يقعوا‭ ‬في‭ ‬القبر‭ ‬ولا‭ ‬يفوز‭ ‬بي‭ ‬أحد‭.‬

ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬جدّي‭ ‬كان‭ ‬يقصد‭ ‬أن‭ ‬يزهد‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬تمامًا،‭ ‬فما‭ ‬خُلقت‭ ‬الدنيا‭ ‬وما‭ ‬خُلق‭ ‬البشر‭ ‬إلا‭ ‬ليعيشوا‭ ‬ويستعمروا‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬ويبتكروا‭ ‬ويستمتعوا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يتاح‭ ‬لهم،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬ذكرتني‭ ‬ما‭ ‬نعرفه‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬بـ‭(‬عجلة‭ ‬توازن‭ ‬الحياة‭)‬،‭ ‬فما‭ ‬هذه‭ ‬العجلة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬سميت‭ ‬عجلة؟

ذهبت‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬المصدر‭ ‬الأصلي‭ ‬لهذه‭ ‬العجلة‭ ‬ومن‭ ‬ابتكرها،‭ ‬إلا‭ ‬أني‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬صاحب‭ ‬الفكرة‭ ‬ومخترعها،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬يهمني‭ ‬هنا‭ ‬تعريف‭ ‬هذه‭ ‬العجلة‭ ‬وكيفية‭ ‬استخدامها‭ ‬أمام‭ ‬فكرة‭ ‬طغيان‭ ‬الدنيا‭.‬

العجلة،‭ ‬كاسمها،‭ ‬هي‭ ‬دائرة‭ ‬مقسمة‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬إلى‭ ‬ثمانية‭ ‬أقسام؛‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

1-‭  ‬الروحانيات‭ ‬ومدى‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬الله‭:‬‮ ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬تناغمنا‭ ‬مع‭ ‬معتقداتنا؟‭ ‬هل‭ ‬نمارس‭ ‬واجباتنا‭ ‬الدينية‭ ‬باستمرار‭ ‬وبصورة‭ ‬منتظمة؟‭ ‬هل‭ ‬نشعر‭ ‬بوجود‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬روحانية‭ ‬لدينا؟

2-‭ ‬الصحة‭ ‬الجسمية‭:‬‮ ‬ما‭ ‬النظام‭ ‬الغذائي‭ ‬الذي‭ ‬نتبعه‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام؟‭ ‬هل‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تعديل‭ ‬طريقة‭ ‬تناولنا‭ ‬للطعام؟‭ ‬كيف‭ ‬نصف‭ ‬شعورنا‭ ‬خلال‭ ‬اليوم؟‭ ‬هل‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬جيد‭ ‬من‭ ‬النوم؟‭ ‬هل‭ ‬نمارس‭ ‬أي‭ ‬تمرينات‭ ‬رياضية؟

3-‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ ‬والمجتمعية‭:‬‮ ‬هل‭ ‬لدينا‭ ‬أسرة‭ ‬أو‭ ‬أصدقاء‭ ‬مقربون؟‭ ‬هل‭ ‬نخصص‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬يومنا‭ ‬لهم؟‭ ‬هل‭ ‬نقضي‭ ‬وقتًا‭ ‬ممتعًا‭ ‬عندما‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬في‭ ‬اليوم؟‭ ‬هل‭ ‬يسهل‭ ‬علينا‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتنا‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة؟‭ ‬هل‭ ‬نشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬نملكها‭ ‬في‭ ‬حياتنا؟

4-‭ ‬الإبداع‭ ‬والجوانب‭ ‬العقلية‭:‬‮ ‬هل‭ ‬لدينا‭ ‬طريقة‭ ‬نعبّر‭ ‬بها‭ ‬عن الإبداع؟‭ ‬هل‭ ‬نستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬بقدرٍ‭ ‬جيد‭ ‬في‭ ‬حياتنا؟‭ ‬هل‭ ‬لدينا‭ ‬رضا‭ ‬عن‭ ‬قدراتنا‭ ‬الإبداعية؟‭ ‬هل‭ ‬لدينا‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬باستخدام‭ ‬أساليب‭ ‬التفكير‭ ‬الإبداعي؟

5-‭ ‬تطوير‭ ‬الذات‭:‬‮ ‬هل‭ ‬نعرف‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬تطويرها‭ ‬لدينا؟‭ ‬هل‭ ‬نمارس‭ ‬أنشطة‭ ‬تساعدنا‭ ‬على التطور‭ ‬الشخصي‭ ‬بالفعل؟‭ ‬هل‭ ‬نشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬التطور‭ ‬الشخصي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة؟

6-‭ ‬الأمور‭ ‬المهنية‭ ‬والمالية‭:‬‮ ‬هل‭ ‬نشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬وضعنا‭ ‬المهني‭ ‬الآن؟‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬نحلم‭ ‬بها‭ ‬أم‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬تبديل‭ ‬مسارنا؟‭ ‬هل‭ ‬نملك‭ ‬وضعًا‭ ‬ماليًا‭ ‬جيدًا‭ ‬يشعرنا‭ ‬بالأمان‭ ‬المالي؟

7-‭ ‬الرؤية‭ ‬الشاملة‭ ‬للحياة‭:‬‮ ‬ما‭ ‬مقدار‭ ‬سعادتنا‭ ‬بالاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬نسير‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬الآن؟‭ ‬هل‭ ‬نملك‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لمستقبلنا؟‭ ‬هل‭ ‬نشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬نقوم‭ ‬بها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية؟

8-‭ ‬الحالة‭ ‬العاطفية‭ ‬الجيدة‭:‬‮ ‬هل‭ ‬نشعر‭ ‬بالتوازن‭ ‬العاطفي‭ ‬في‭ ‬حياتنا؟‭ ‬كيف‭ ‬يمكننا‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاعرنا؟‭ ‬وكيف‭ ‬نفهم‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬نمر‭ ‬بها‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعواطفنا؟

ربما‭ ‬تختلف‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النقاط‭ ‬بحسب‭ ‬المراجع‭ ‬والأدبيات،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬العموم‭ ‬تقسم‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭. ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬بتحديد‭ ‬6‭ ‬مجالات‭ ‬فقط،‭ ‬وذلك‭ ‬لصعوبة‭ ‬تحديد‭ ‬المجالات‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬فقط‭. ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يعود‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬اختيار‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه،‭ ‬لكن‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬ثمانية،‭ ‬لمنح‭ ‬المرء‭ ‬تركيزًا‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬لا‭ ‬مجرد‭ ‬فقط‭ ‬الاختيار‭ ‬لكتابة‭ ‬العجلة‭ ‬الخاصة‭ ‬بنا‭. ‬

وبالطبع‭ ‬فإن‭ ‬تحديد‭ ‬المجالات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬يتم‭ ‬بحسب‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه،‭ ‬فالطالب‭ ‬مثلاً‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مازال‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الدراسة،‭ ‬أيًا‭ ‬يكن‭ ‬مستوى‭ ‬الدراسة،‭ ‬ثانوية‭ ‬أو‭ ‬جامعة‭ ‬أو‭ ‬دراسات‭ ‬عليا،‭ ‬سيحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬جزء‭ ‬للتعليم،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬المرء‭ ‬متزوجًا‭ ‬فسيكون‭ ‬لديه‭ ‬جزء‭ ‬خاص‭ ‬بالعائلة،‭ ‬وهكذا‭. ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬يمكنك‭ ‬تغيير‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬وفقًا‭ ‬للوضع‭ ‬الحالي‭.‬

عمومًا،‭ ‬لنواصل‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬العجلة‭.. ‬إن‭ ‬كل‭ ‬قسم‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬مثلث،‭ ‬يقسم‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬درجات،‭ ‬متراصة‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭.‬

والآن،‭ ‬بعد‭ ‬تحديد‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا،‭ ‬فإننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬درجة‭ ‬رضانا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال‭ ‬منها،‭ ‬فأنت‭ ‬لديك‭ ‬دائرة،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬حافة‭ ‬خارجية‭ ‬هناك‭ ‬اسم‭ ‬مجال‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ومركز‭ ‬العجلة‭ ‬يعني‭ ‬درجة‭ ‬رضاك‭ ‬هي‭ ‬0%،‭ ‬والحافة‭ ‬الخارجية‭ ‬هي‭ ‬100%‭.‬

خذ‭ ‬وقتك‭ ‬للتفكير‭ ‬جيدًا،‭ ‬وحدّد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬درجة‭ ‬رضاك‭ ‬الحقيقية،‭ ‬تذكّر‭ ‬هذه‭ ‬العجلة‭ ‬الخاصة‭ ‬بك،‭ ‬فلن‭ ‬يراها‭ ‬أحد،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ليس‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬إقناع‭ ‬ذاتك‭ ‬بأنّ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يسير‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام،‭ ‬لكن‭ ‬حاول‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬الأقرب‭ ‬حقًا‭ ‬للواقع‭. ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬تسجيل‭ ‬النقاط،‭ ‬كل‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬موضعها‭ ‬وفقًا‭ ‬لدرجة‭ ‬رضاك،‭ ‬يمكنك‭ ‬الوصل‭ ‬بينهم‭ ‬جميعًا‭ ‬في‭ ‬دائرة‭. ‬الشكل‭ ‬النهائي‭ ‬الذي‭ ‬يظهر‭ ‬لك‭ ‬يمثل‭ ‬العجلة‭ ‬الخاصة‭ ‬بك،‭ ‬بالطبع‭ ‬ربما‭ ‬تشعر‭ ‬بأنّه‭ ‬شكل عشوائي،‭ ‬لكنّه‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬حياتك‭ ‬أنت‭ ‬بالفعل،‭ ‬وعلى‭ ‬الأغلب‭ ‬لن‭ ‬تتشابه‭ ‬عجلتك‭ ‬مع‭ ‬أحد،‭ ‬وهذه‭ ‬ميزتها،‭ ‬أنّها‭ ‬تساعد‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أهداف‭ ‬ذات‭ ‬مغزى‭ ‬لحياته‭.‬

ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬درجة‭ ‬الرضا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬مجال،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬المجالات‭ ‬إما‭ ‬بالإيجاب‭ ‬وإما‭ ‬بالسوء‭. ‬لذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أسئلة‭ ‬ترتبط‭ ‬بالمجالات‭ ‬التي‭ ‬حددتها،‭ ‬للإجابة‭ ‬عنها‭ ‬حتى‭ ‬تساعدك‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الصورة‭ ‬النهائية‭.‬

وفي‭ ‬النهاية‭ ‬سوف‭ ‬تجد‭ ‬عجلتك‭ ‬متركزة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إذ‭ ‬قد‭ ‬يبلغ‭ ‬رضاك‭ ‬عنها‭ ‬حوالي‭ ‬80%،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬آخر‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬درجة‭ ‬الرضا‭ ‬إلى‭ ‬40%،‭ ‬وهكذا‭.. ‬لذلك‭ ‬ستكون‭ ‬عجلتك‭ ‬عرجاء‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬بها،‭ ‬فكيف‭ ‬إذن‭ ‬تعدل‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬عجلتك‭ ‬حتى‭ ‬تسير‭ ‬بصورة‭ ‬منتظمة؟

إليك‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تحسب‭ ‬من‭ ‬توازن‭ ‬عجلة‭ ‬الحياة،‭ ‬مثلاً‭:‬

1-‭ ‬الصحة‭ ‬الجسمية؛‭ ‬التمرين‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬دقائق‭ ‬يوميًا،‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الدقائق‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬شهر‭. ‬تناول‭ ‬طعام‭ ‬صحي؛‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬شرب‭ ‬5‭ ‬أكواب‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬يوميًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

2-‭ ‬الروحانيات‭ ‬والقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله،‭ ‬الالتزام‭ ‬بالصلاة‭ ‬في‭ ‬أوقاتها‭ ‬المحددة،‭ ‬وتضمين‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬الروحية‭ ‬وفقًا‭ ‬لإتاحتها‭ (‬صوم،‭ ‬عمرة،‭ .. ‬الخ‭).‬

3-‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ ‬والمجتمعية؛‭ ‬تحديد‭ ‬الأشخاص‭ ‬المقرّبين،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬الحديث‭ ‬معهم‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر،‭ ‬والخروج‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬المقربين‭ ‬أسبوعيًا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬الاجتماع‭ ‬مع‭ ‬العائلة،‭ ‬وقضاء‭ ‬وقت‭ ‬ممتع،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬التقليدية،‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬أسبوعيًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

4-‭ ‬الإبداع‭ ‬والجوانب‭ ‬العقلية؛‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬مختلفة‭ ‬للإبداع‭. ‬والتدرب‭ ‬باستمرار‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬المفضلة‭ ‬لك‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الإبداع،‭ ‬وتخصيص‭ ‬وقت ثابت في‭ ‬الأسبوع‭ ‬لفعل‭ ‬ذلك‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭. ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أشخاص‭ ‬مبدعين‭ ‬في‭ ‬مجالك‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتكوين‭ ‬علاقات‭ ‬معهم،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬لتنمية‭ ‬مهاراتك‭.‬

5-‭ ‬تطوير‭ ‬الذات؛‭ ‬قراءة‭ ‬كتاب‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الذات‭ ‬شهريًا‭. ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬تدريبية‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬شهريًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬ممارسة‭ ‬الاختبارات‭ ‬التي‭ ‬تساعدك‭ ‬على‭ ‬تعريف‭ ‬نوع‭ ‬الشخصية،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تطوير‭ ‬شخصيتك‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬النتائج‭.‬

6-‭ ‬الأمور‭ ‬المهنية‭ ‬والمالية؛‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ترقية‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬توفير‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الراتب‭ ‬الشهري‭ ‬للمستقبل،‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬تعليمية‭ ‬أعلى‭ ‬مثل‭ ‬الماجستير‭.‬

7-‭ ‬الرؤية‭ ‬الشاملة‭ ‬للحياة؛‭ ‬وضع‭ ‬رؤية‭ ‬لما‭ ‬ترغب‭ ‬بتحقيقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬حقًا‭. ‬مراجعة‭ ‬تقدمك‭ ‬شهريًا،‭ ‬لمعرفة‭ ‬مقدار‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬معك‭. ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة،‭ ‬واكتشاف‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬المناسبة‭ ‬لحياتك‭.‬

8-‭ ‬الحالة‭ ‬العاطفية‭ ‬الجيدة؛‭ ‬ممارسة‭ ‬الرعاية‭ ‬الذاتية‭ ‬10‭ ‬دقائق‭ ‬يوميًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬محاوطة‭ ‬ذاتك‭ ‬بأشخاص‭ ‬إيجابيين‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬تفكيرهم‭.‬

هكذا،‭ ‬حتى‭ ‬تسير‭ ‬عجلة‭ ‬حياتنا‭ ‬بطريقة‭ ‬منتظمة‭ ‬متساوية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬رمضان‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬دائمًا‭.‬

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا