عالم يتغير
فوزية رشيد
يوما ما ستفهم؟!
{ في فيلم (WINTER'S TALE) المأخوذ عن رواية، يأخذ صراع الخير والشر شكله الأكثر تجسيداً! فهناك (لوسيفر) أو «إبليس» متجسّدا بشريا، المتربص بالإنسان، والذي يتغذى على الحروب والقتل والدماء، وتغييب الوعي الإنساني عن حقيقة وجوده في هذه الحياة! وهناك «أولياء الشيطان» وعبدته ومنفذّو شروره، يدفعهم إلى ذلك حب السلطة والشهوات والنفوذ والمال، وهناك شخوص الخير «دين ليك»، وهناك كائنات علوية وكائنات سفلية! وكيف يغوي «إبليس» أو «لوسيفر» الإنسان بالشرور والغرائز والسلطة والمال!
{ في نهاية الفيلم هناك حكمة يرويها الراوي: (ليس هناك حياة أقل أهمية أو أكثر أهمية من حياة أخرى... كلنا مهمّون، وكل إنسان في هذه الحياة مهم، ولكل شيء يحدث هدف، وحين تنتهي أعمالنا في هذه الحياة... سندرك أننا جزء من شيء أكبر، ومن خطة متكاملة لا ندركها الآن... ولكن حتما يوما ما سنفهم)!
{ من سيناريو الفيلم وأحداثه ومساراته يقترب الروائي من نقل رؤية دينية، لطالما عبث القائمون على الدعاية والإعلام والدراما في الغرب بحيثياتها، إلى حدّ التشكيك في الأديان والشرائع ومحاربتها، وأن الترويج يكون دائماً لصالح اللعبة الأزلية التي يظهر فيها الشرّ غالباً في السياق! فيما في الرؤية الدينية وخاصة «القرآنية» كخاتم الأديان، واضح حجم العداء الذي يكنّه «إبليس» للإنسان، وحجم سطوته الدنيوية على البشر، إلاّ المخلصين (بفتح الميم) من عباد الله! رغم أن الدنيا متاع الغرور! والإنسان يضعف حين لا يمتلك في قلبه الإيمان في خضّم الحرب الأزلية بين الخير والشر!
{ وبالفعل لا شيء موجود في هذه الحياة عبثاً أو باطلاً أو من دون هدف (ربنا ما خلقت هذا باطلا) ومنه تتضح قيمة الإنسان وقيمة الروح الإنسانية ولماذا طلب الله من ملائكته السجود لآدم فسجدوا، إلا «إبليس» أبى واستكبر! لتبدأ معها الحرب الدنيوية بين إبليس والإنسان! في الفيلم يفقد البطل الذي يمثّل الخير ذاكرته فترة، ليستعيد الوعي مجدداً ويدرك الهدف من وجوده في هذه الحياة، كما يحدث لكل إنسان غافل يستيقظ من غفلته بعد ذلك!
{ ونحن في العشر الأول من شهر رمضان المبارك، من الجيّد تذكّر المعاني الأصلية للوجود الإنساني، وكيف انقلبت الموازين في عالم اليوم، كما ذكرت الأحاديث النبوية عن آخر الزمان! نرى بالفعل زيادة في الشرور والقتل المجاني والأزمات، وصولاً إلى تبديل خلق الله والفطرة، والاعتداء على القيم الأخلاقية والإنسانية، وانتشار الكذب والنفاق والأنانية، وغلبة الرؤية المادية والغرائز والشهوانية الحيوانية والشذوذ دون رادع، بل والحرب لفرض كل ذلك على العالم، ومن خلال ازدراء التعاليم الإلهية!، ولكن ليبقى الخير مستمراً بدوره يُصارع كل ذلك، ويطرح الرؤى الأعمق للحياة وللإنسان والإيمان والقيم الأخلاقية، والفارق بينها وبين القيم أو التعاليم الشيطانية، وجحيمها المفروش طريقه بالورود!
{ حتماً يوماً ما سنفهم جميعاً، حين تتضح الرؤية (بصرك اليوم حديد)! وسيتضح معها أن الحياة في حدّ ذاتها مهمّة، وأن كل إنسان مهم، إن أدرك هدفه! وحيث لكل وجود هدف والإنسان وحده أسمى المخلوقات إن أدرك أيضاً أنه جزء من شيء أكبر! ومن خطة متكاملة تفوق حدود الرصد في إطار الحواس الماديّة!
لن ينتهي صراع الخير والشرّ إلا بنهاية الوجود نفسه! وهناك سُبل متفرقة وهناك طريق مستقيم، كما أقرّه الله للإنسان، وبإرادته يختار! ويوما ما سنفهم! فلا شيء يبقى غامضاً للأبد، ومنه سرّ الوجود!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك