العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٨ - الخميس ٠٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

يوما ما ستفهم؟!

{‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ (‬WINTER‭'‬S‭ ‬TALE‭) ‬المأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية،‭ ‬يأخذ‭ ‬صراع‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬شكله‭ ‬الأكثر‭ ‬تجسيداً‭! ‬فهناك‭ (‬لوسيفر‭) ‬أو‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬متجسّدا‭ ‬بشريا،‭ ‬المتربص‭ ‬بالإنسان،‭ ‬والذي‭ ‬يتغذى‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬والقتل‭ ‬والدماء،‭ ‬وتغييب‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭! ‬وهناك‭ ‬‮«‬أولياء‭ ‬الشيطان‮»‬‭ ‬وعبدته‭ ‬ومنفذّو‭ ‬شروره،‭ ‬يدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬حب‭ ‬السلطة‭ ‬والشهوات‭ ‬والنفوذ‭ ‬والمال،‭ ‬وهناك‭ ‬شخوص‭ ‬الخير‭ ‬‮«‬دين‭ ‬ليك‮»‬،‭ ‬وهناك‭ ‬كائنات‭ ‬علوية‭ ‬وكائنات‭ ‬سفلية‭! ‬وكيف‭ ‬يغوي‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬لوسيفر‮»‬‭ ‬الإنسان‭ ‬بالشرور‭ ‬والغرائز‭ ‬والسلطة‭ ‬والمال‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الفيلم‭ ‬هناك‭ ‬حكمة‭ ‬يرويها‭ ‬الراوي‭: (‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬حياة‭ ‬أقل‭ ‬أهمية‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬أخرى‭... ‬كلنا‭ ‬مهمّون،‭ ‬وكل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬مهم،‭ ‬ولكل‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭ ‬هدف،‭ ‬وحين‭ ‬تنتهي‭ ‬أعمالنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭... ‬سندرك‭ ‬أننا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬أكبر،‭ ‬ومن‭ ‬خطة‭ ‬متكاملة‭ ‬لا‭ ‬ندركها‭ ‬الآن‭... ‬ولكن‭ ‬حتما‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬سنفهم‭)! ‬

{‭ ‬من‭ ‬سيناريو‭ ‬الفيلم‭ ‬وأحداثه‭ ‬ومساراته‭ ‬يقترب‭ ‬الروائي‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬رؤية‭ ‬دينية،‭ ‬لطالما‭ ‬عبث‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬الدعاية‭ ‬والإعلام‭ ‬والدراما‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بحيثياتها،‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬الأديان‭ ‬والشرائع‭ ‬ومحاربتها،‭ ‬وأن‭ ‬الترويج‭ ‬يكون‭ ‬دائماً‭ ‬لصالح‭ ‬اللعبة‭ ‬الأزلية‭ ‬التي‭ ‬يظهر‭ ‬فيها‭ ‬الشرّ‭ ‬غالباً‭ ‬في‭ ‬السياق‭! ‬فيما‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬الدينية‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬القرآنية‮»‬‭ ‬كخاتم‭ ‬الأديان،‭ ‬واضح‭ ‬حجم‭ ‬العداء‭ ‬الذي‭ ‬يكنّه‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬للإنسان،‭ ‬وحجم‭ ‬سطوته‭ ‬الدنيوية‭ ‬على‭ ‬البشر،‭ ‬إلاّ‭ ‬المخلصين‭ (‬بفتح‭ ‬الميم‭) ‬من‭ ‬عباد‭ ‬الله‭! ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬متاع‭ ‬الغرور‭! ‬والإنسان‭ ‬يضعف‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬الإيمان‭ ‬في‭ ‬خضّم‭ ‬الحرب‭ ‬الأزلية‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭!‬

{‭ ‬وبالفعل‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬عبثاً‭ ‬أو‭ ‬باطلاً‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هدف‭ (‬ربنا‭ ‬ما‭ ‬خلقت‭ ‬هذا‭ ‬باطلا‭) ‬ومنه‭ ‬تتضح‭ ‬قيمة‭ ‬الإنسان‭ ‬وقيمة‭ ‬الروح‭ ‬الإنسانية‭ ‬ولماذا‭ ‬طلب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬ملائكته‭ ‬السجود‭ ‬لآدم‭ ‬فسجدوا،‭ ‬إلا‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬أبى‭ ‬واستكبر‭! ‬لتبدأ‭ ‬معها‭ ‬الحرب‭ ‬الدنيوية‭ ‬بين‭ ‬إبليس‭ ‬والإنسان‭! ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬يفقد‭ ‬البطل‭ ‬الذي‭ ‬يمثّل‭ ‬الخير‭ ‬ذاكرته‭ ‬فترة،‭ ‬ليستعيد‭ ‬الوعي‭ ‬مجدداً‭ ‬ويدرك‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬غافل‭ ‬يستيقظ‭ ‬من‭ ‬غفلته‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬العشر‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬من‭ ‬الجيّد‭ ‬تذكّر‭ ‬المعاني‭ ‬الأصلية‭ ‬للوجود‭ ‬الإنساني،‭ ‬وكيف‭ ‬انقلبت‭ ‬الموازين‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية‭ ‬عن‭ ‬آخر‭ ‬الزمان‭! ‬نرى‭ ‬بالفعل‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الشرور‭ ‬والقتل‭ ‬المجاني‭ ‬والأزمات،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تبديل‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬والفطرة،‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬وانتشار‭ ‬الكذب‭ ‬والنفاق‭ ‬والأنانية،‭ ‬وغلبة‭ ‬الرؤية‭ ‬المادية‭ ‬والغرائز‭ ‬والشهوانية‭ ‬الحيوانية‭ ‬والشذوذ‭ ‬دون‭ ‬رادع،‭ ‬بل‭ ‬والحرب‭ ‬لفرض‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬ازدراء‭ ‬التعاليم‭ ‬الإلهية‭!‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ليبقى‭ ‬الخير‭ ‬مستمراً‭ ‬بدوره‭ ‬يُصارع‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬ويطرح‭ ‬الرؤى‭ ‬الأعمق‭ ‬للحياة‭ ‬وللإنسان‭ ‬والإيمان‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬والفارق‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬القيم‭ ‬أو‭ ‬التعاليم‭ ‬الشيطانية،‭ ‬وجحيمها‭ ‬المفروش‭ ‬طريقه‭ ‬بالورود‭!‬

‭ ‬{‭ ‬حتماً‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭ ‬سنفهم‭ ‬جميعاً،‭ ‬حين‭ ‬تتضح‭ ‬الرؤية‭ (‬بصرك‭ ‬اليوم‭ ‬حديد‭)! ‬وسيتضح‭ ‬معها‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬حدّ‭ ‬ذاتها‭ ‬مهمّة،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬مهم،‭ ‬إن‭ ‬أدرك‭ ‬هدفه‭! ‬وحيث‭ ‬لكل‭ ‬وجود‭ ‬هدف‭ ‬والإنسان‭ ‬وحده‭ ‬أسمى‭ ‬المخلوقات‭ ‬إن‭ ‬أدرك‭ ‬أيضاً‭ ‬أنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬أكبر‭! ‬ومن‭ ‬خطة‭ ‬متكاملة‭ ‬تفوق‭ ‬حدود‭ ‬الرصد‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحواس‭ ‬الماديّة‭!‬

لن‭ ‬ينتهي‭ ‬صراع‭ ‬الخير‭ ‬والشرّ‭ ‬إلا‭ ‬بنهاية‭ ‬الوجود‭ ‬نفسه‭! ‬وهناك‭ ‬سُبل‭ ‬متفرقة‭ ‬وهناك‭ ‬طريق‭ ‬مستقيم،‭ ‬كما‭ ‬أقرّه‭ ‬الله‭ ‬للإنسان،‭ ‬وبإرادته‭ ‬يختار‭! ‬ويوما‭ ‬ما‭ ‬سنفهم‭! ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬يبقى‭ ‬غامضاً‭ ‬للأبد،‭ ‬ومنه‭ ‬سرّ‭ ‬الوجود‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا