عالم يتغير
فوزية رشيد
أزمة أوكرانيا وخطة الطريق الصينية!
{ تناقلت وسائل الإعلام والزيارة الأخيرة للرئيس الصيني لموسكو أن الصين ستتحرك خلال الفترة القادمة للدخول على خط الأزمة الأوكرانية، وأنها قدّمت (خطة الطريق الصينية) لإنهاء الحرب مع أوكرانيا! وأن الرئيس الروسي «بوتين» وافق على تلك الخطة! والسؤال هناك: هل سيوافق «زيلينسكي» على الخطة، أم أن حرب أمريكا بالوكالة من خلاله، ستمنعه من قبول أي حوار، لأنها تريد استمرار الحرب؟! وهل التحولات العالمية التي تقودها الصين وروسيا حالياً تجاه «تعددّية الأقطاب» لنظام عالمي جديد، ستجعل العالم متجهاً إلى الاستقرار والسلام، أم أن آلة الحرب الأمريكية الغربية من خلال حلف «الناتو» ستعمل على إفشال أي خطة أو خطط للسلام في العالم، وخاصة إذا كانت الرعاية صينية؟!
{ العالم كله وصل إلى مرحلة الضجر من مسارات الحروب والصراعات والفتن والأزمات، التي تثيرها (الدولة العميقة العالمية) في كل المناطق وتحوّلها إلى بؤر نارية! حتى تتحكم في إدارة تلك الحروب والأزمات التي تقف خلفها (الشركات العولمية الكبرى) التي وحدها تكسب المليارات والتريليونات من الأزمات العالمية! فيما العالم دولاً وشعوباً تدفع الثمن من حياتها ومصائرها وتنميتها وأمنها واستقرارها!
{ «النظام العالمي» الذي يقوده الغرب برئاسة الولايات المتحدة، أثبت أنه أسوأ «نظام دولي» أسهم في جعل الصراعات والأزمات والحروب للحفاظ على الهيمنة، مادة غذائه اليومية! وأثبت أنه غير معني بكل الشعارات الزائفة التي رفعها طوال عقود طويلة، إلاّ كأداة ابتزاز للدول والشعوب! وأثبتت أن المصير البشري في العالم هو آخر شيء يضع له أي اعتبار! وأن حروبه التي بدأت بالحروب التقليدية، انتقلت إلى حروب (الجيل الرابع والخامس) وبأدوات ناعمة في ظاهرها، وأكثر ضراوة من الحروب التقليدية في باطنها! لأنها أصبحت تعتمد على استخدام العلم وتطوراته للشرّ، وأن حروبه أصبحت (بيولوجية) بإمكانها أن تقتل مئات الملايين دفعة واحدة، فيما هي تتفرج من خلف الستار! وأن الوثائق التي كشفتها روسيا عن الأوبئة خلال (قرن من الزمن) تثبت ذلك، رغم التعتيم العالمي حولها! لأن كل المؤسسات الدولية أدوات في جوهرها، وتعمل على خدمة «الدولة العميقة» وشرورها في العالم!
{ الصين تريد عالماً يتجه إلى الاستقرار والسلام والتنمية، وسواء فيما تطرحه من رؤية أو سلوكيات، يثبت ذلك التوجه! هي تريد إخماد كل نيران الحروب التي تشعلها أمريكا في العالم، واليوم بالوكالة من خلال أوكرانيا، لأنها تعمل على إنجاح مشروعها العالمي في (خط الحرير الجديد) الذي سيجمع دولاً ومناطق كثيرة في العالم، وربطها بشبكة ذلك الطريق الدولي، لتنشأ من خلاله شبكة (روابط تنموية) بين دول العالم! وهذا لا يتحقق إلا بوجود استقرار وسلام في الخارطة الدولية، لكي تستمر (الدورة التنموية التكاملية) في العالم حسب رؤيتها! ولذلك فإن (النظام الغربي الدولي) لا يريد السماح لذلك، ويعتبر (الرؤية الصينية) مناقضة ومنافية لمصالح تسيّده على العالم! ولذلك أيضاً يعتبر «الصين» ألد أعدائه خاصة بالنسبة إلى المحور «الأنجلو ساكسوني» أو الحلف الأمريكي – البريطاني!
{ في إطار التحوّلات العالمية تثبت «الصين» اليوم أنها تأخذ مقعدها كدولة أولى في العالم اقتصادياً وسياسياً أيضاً، وخاصة في ظل تراجع مصداقية الولايات المتحدة في العالم كله، ومن خلفها «النظام العالمي» المستبّد الذي تتزعمّه، ومن خلاله تدير الأزمات العالمية والمتغيرات الجيوستراتيجية كما ترغب وحدها! وهذا ما جعل أغلب الدول في العالم باستثناء الغرب التابع لأمريكا، يتطلع إلى (الدور الصيني) في إخماد الكثير من الأزمات الكبرى التي صنعتها «الدولة العميقة» في العالم، لتبقى وحدها على كرسي الزعامة العالمية، ومن دون مراعاة لمصالح الدول والشعوب!
{ ولهذا، فإن «الخطة الصينية» لإنهاء الحرب الأوكرانية ستواجه الكثير من العراقيل «الأمريكية - الغربية»، لأنها تحديداً تصبّ الماء على نار الحرب والأزمة، فيما يريد «الناتو» استمرار تلك الحرب حتى لو كانت آثارها تنعكس على الشعب الأمريكي والشعوب الأوروبية بشكل سلبي كبير، يتضح من خلال الأزمات الاقتصادية والتضخم والتراجع التنموي، وكل ذلك من أجل مصالح «الدولة العميقة» وأمريكا، والمجمّع الصناعي – العسكري فيها!
ولكن الصين قادمة بقوة إلى كل العالم، ومعها العديد من دوله التي ملّت من الغطرسة الغربية وأنانيتها وجشعها واستهتارها بالمصالح العالمية لتكريس هيمنتها من دون وجه حق، ومن دون أي مصداقية!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك